23 ديسمبر، 2024 4:55 ص

ضيف “ كتابات “ الشاعر غزاي درع الطائي

ضيف “ كتابات “ الشاعر غزاي درع الطائي

لايذكر شعراء العراق الكبار الا ويذكر أسمه ,ألشاعر غزاي درع ألطائي أحد أعمدة الشعر العراقي المعاصر ومن جيل الشعراء السبعيني  ,الطائي الذي يتمتع بشهرة ادبية واسعة  التقيت به في فترات متباعدة كان أخرها , أمسية أقامتهامؤسسة قلم الثقافية في بغداد , وقدمها فيها ابنمدينته الشاعر أمين جياد والتي أعادنا  الىأجواء الشعر الحقيقية  والحياة التي مرت دون رجعة , وسحر بغداد وبعقوبة ,والقرى الغافية على ضفة نهرخريسان .

غزاي درع الطائي …. ذاكرة الشعر المتقدة , ضيف موقع كتابات .

لنبدأ من موضوع الدعوة إلى كتابة القصيدةاليومية  الذي حمل توقيعكم مع الشاعرين خزعلالماجدي وعبد الحسين صنكور , هل ارتقت الدعوةإلى أن تكون بيانا شعريا وهل رصدتم صدى لهابين أوساط الشعراء  ؟

هي دعوة وكان عنوانها (دعوة لكتابة القصيدةاليومية ، تحويل الحلم الفردي إلى حلم جماعي) ، وقد نشرتها مجلة (الكلمة) ، العدد الخامس ،أيلول 1973م ،     الصفحات : 64 ـــ 68 ، وكانصاحب هذه المجلة المفكر والأديب العراقيالمعروف حميد المطبعي ، وتوجد اقتباسات وافيةمن تلك الدعوة في كتاب ( غواية التجريب : دراسة في التجريب الشعري عند جيلالسبعينات في العراق ) / دار الشؤون الثقافية ،بغداد ، 2012م . والكتاب في الأصل : رسالةماجستير ،  وقد تحدث عن هذه الدعوة كتاب(اتجاهات نَقد الشعر العربي في العراق : دراسةالجهود النقدية المنشورة في الصحافة العراقيةبين1990-1958) ، د. مرشد الزبيدي ، منمنشورات اتحاد الكتاب العرب 1999 : الصفحة62 ، والصفحات 81ـــ 85 ، وتحدث عنها أيضاكتاب (الشعر العراقي المعاصر ، الرؤية وأنساقالتشكيل ، دراسة نقدية في شعر جيل السبعيناتفي العراق) ، د. علي متعب جاسم العبيدي ،مكتبة المجتمع العربي للنشر والتوزيع ،ط1 ،2015م ، وذُكرت في مصادر غيرها .

واليوم يجري معاملة هذه الدعوة معاملة البيانالشعري ، وتُدرَّس في الجامعات العراقية ( الدراسات العليا) ، بعد أن أصبحت وثيقة أدبيةتعلن عن ولادة جيل السبعينات في العراق .

ولقد كانت من أبرز مقومات هذه الدعوة الإنتقالمن الحلم الفردي إلى الحلم الجماعي تخلصا منالإيغال في الفردية والأنانية ، وجعل الحلمالجماعي طموحا جماعيا جماهيريا بحثا عنمستقبل أكثر إشراقا ، والبحث عن رؤية جديدةفي الشعر تتواءم مع ما هو يومي من انشغالاتالإنسان بروح الجماعة وبصيرتها النافذة .

أنت خريج كلية الهندسة  كيف أخذك الشعر إلىأحضانه  وبمن تأثرت ؟

نعم أنا مهندس ، والشعر هندسة ولكن من نوعآخر ، وإذا كان الشعر متعلقا يالعواطف والمشاعروالأحاسيس والأفكار  ، فما أحوجه إلى هندسةهذه العواطف والمشاعر والأحاسيس والأفكار .

وهل يظن أحد ما أن الشعر بعيدا عن الهندسة ؟ إنه هندسة في إيقاعه بما فيه من أوزان وقوافٍوهندسة في بلاغته ونحوه وصرفه ، وفي شؤونهوشجونه ، في استقامته وفي انزياحه ، وفي كلشيء .

أما السؤال المتعلق بمن تأثرت بهم ، فأقول إننيتأثرت بكل ما هو راق في إبداعه من الشعرالعراقي والعربي والعالمي ، وما زلت .

توقفت عن إصدار مجموعة شعرية ما يقاربالعقد بعد الاحتلال حيث خرجت إلى النورمجموعتك ( سلسلة من ذهب ) في عام 2014  بماذا تفسر هذا الانقطاع ؟

بسبب الظروف العصيبة وغير الطبيعية التيعاشها وطننا العزيز منذ عام 2003م والتياستمرت ما بعدها ، ومن هذه الظروف  الإحتلالوالإرهاب ، كنت أنشر قصائدي في جريدة الزمانوفي مواقع إلكترونية عديدة أولها مركز النور ،وفي السنوات الأخيرة نشرة ثلاثة كتب شعريةهي :

1 .  ( سلسلة من ذهب ) عن دار ضفاف للطباعةوالنشر ( الشارقة ـــ بغداد ) ، عام 2014م .

2 . ( خبز عراقي ساخن ) عن دار أور للطباعةوالنشر ، بغداد ، عام 2016م .

3 . ( وقت من رمل ) وقد صدر عن دار الينابيعبدمشق ، عام 2017م .

هل الشعر في العراق بعافية بعد هذا الانفتاحالكبير  وتعدد منصات التواصل والمؤسساتالثقافية ؟

في السنوات الخمس عشرة الماضية ، اختلطتالأوراق وكتب الشعر من لا يعرف الفرق بين الفاعلوالمفعول ومن لا يعرف الفرق بين البحر والتفعيلة، ومن لا يملك أدنى مستوى من مستويات الموهبةوالوعي الشعري ، وأرى أن من أسباب هذه(الموجة الصاخبة) قصور النقد عن القيام بواجبهوسهولة النشر ورخص طبع الكتب وتعدد منافذالنشر والطبع التي كان من المفروض استغلالهالتحقيق نهضة شعرية وأدبية شاملة ، وفي مقابلكل ذلك هناك الشعراء المبدعون الذين قدموا ومازالوا يقدمون القصائد ذات الجودة العاليةوالجمال الأخّاذ .

أيهما أقرب الآن إليك قصيدة التفعيلة أم قصيدةالنثر ؟

لقد كتبت قصيدة التفعيلة وقصيدة النثروالقصيدة العمودية ، وقد كان كتابي الشعري ( خبز عراقي ساخن ) خاصا بشعري العمودي وقدضم 1500 بيت عمودي ، وفي كل الأحوال :

أنا أبحث عن الشعر ، لا عن شكل الشعر ، ولاأحكم على الشعر باعتباره شكلا أو استنادا إلىشكله ، فالشعر ليس عنوانا فقط أو هيكلا وحسبأو قامة لا غير ، الشعر أكبر من شكله وأوسع منمضمونه وأعمق من موسيقاه ، وأكثر ارتفاعا منأي مكوِّن مفترض من مكوِّناته .

الشعر لا يمكن تقطيعه مثل ذبيحة ، أو فصلأجزائه مثل محرك سيارة ، أو تقسيمه إلى رأسوجذع وأطراف مثل جسم الإنسان .

الشعر كلٌّ متكامل ومتآلف ومجموع ومشتركومشتبك ومتداخل ومتمازج ، ولا مجال فيهللتقطيع أو الفصل أو التقسيم ، ولنا في الماء مثل، فالماء متكون من الأوكسجين والهيدروجين ،ولكننا لا نرى الأوكسجين ولا نرى الهيدروجين بلنرى الماء ، والماء هو غير الأوكسجين وغيرالهيدروجين .  

وماذا عن اللغة الشعرية ؟

من غير اللغة لا يستطيع الشاعر أن يفعل شيئا ،فعبرها يخلق الصور ويحرِّر الأفكار ويحلِّق فيالأحلام ويسيح في الخيال وينثر العواطف ،ويبني ويزرع ويتأمل ويحب ، الشعر حركةواللغة كذلك ولذلك يتعانقان كصديقين عزيزينومتوافقين حدَّ التطابق ، ولكن : من أين يستمدالشاعر لغته ؟ ، أيستمدها من قراءاته ؟ أم منالحياة ؟ أمن من كليهما ؟ أم من شيء غير هذاوغير ذاك ؟ .

إن لكل شاعر لغته ، والكثير من الشعراءيستمدون لغتهم من قراءاتهم ، ويستطيع القارئبقليل من الفطنة أن يعرف أن الشاعر ( س ) يستمد لغته من الشعر الجاهلي وما حوله ، وأنالشاعر ( ص ) يستمد لغته من الشعر الصوفيوما وراءه ، وأن الشاعر ( ع ) يستمد لغته منالشعر الأوربي المعاصر ، وإلى جانب هؤلاءجميعا نجد ذلك الشاعر الذي يختلف في لغته عنكل ما عداه ، فله بحره الخاص الذي يغترف منهوله صخرته الخاصة التي ينحت فيها ، ولهطريقه الإبداعي المتفرد ، وذلك هو الإبداع وليسغيره ، وفي كل الأحوال لا بد أن ينطلق الشاعربأحلامه وخيالاته من الحياة وشؤونهاويومياتها وحرارة أحداثها وتشابكات أحوالهاوهو يكتب قصيدته ، قائلا : هذا ما جئت به إليكممن الحياة أيها القراء .  

ومن المؤسف له أن نقرأ هنا وهناك قصائد استمدشعراؤها لغتهم من القديم القديم ، وكأنهممعاصرين لامرئ القيس على سبيل المثال ، فنرىلغتهم تتشابك مع ( العقنقل ) و( السجنجل ) ، أوكأنهم يعيشون مع هنري ميشو في ذات الشقَّةالباريسية ، فنرى لغتهم تتشابك مع ( فرساي ) و( المترو ) ، أو كأنهم يلبسون الصوف ويمشون معالحلاج ، فنرى لغتهم تتشابك مع ( سبحانك ) و( لبيك ).

ويمكن القول باطمئنان : إن الشاعر يُعرف منلغته الشعرية ، والشاعر المتميز هو الشاعر الذييستطيع القارئ من معرفة قصيدته حتى لو لميضع اسمه عليها .

أنت من شعراء جيل السبعينيات ,  لكن التجييلتوقف عند  شعراء جيل الثمانينيات   .. هل ترىضرورة وضع الشاعر في زمن محدد ؟

كان التجييل مناسبا للخمسينيين والستينيينوالسبعينيين والثمانيين ، وانتهى بعد ذلك كماأظن ، لأن الشعراء الذي يجمعهم الجيل سرعان مايتفرقون شرقا وغربا في دروب الإبداع المتشعبة ،ويبقى الشأن الذاتي فاعلا ومؤثرا على صعيدكل إبداع ومنه الإبداع الشعري ، وترى في كلجيل هناك طبقات من الشعراء صعودا ونزولاوليس للجيل علاقة بمستوى الإبداع الفردي ،فلكل موهبته وخبرته وتجربته وأساليبه وأدواتهالشعرية .

قرأت لك قصيدة في رثاء الشاعر كزار حنتوش

(كزار حنتوشنقيا مثل ماء المطر …. كان ودودامثل شجرة كافور ….بسيطا مثل رغيف خبز ) هلتطلعنا على ظروف كتابة هذه القصيدة ومنرثيت بعد حنتوش  ؟

المراثي تثيرني وتجذبني بقوة مغناطيسية عالية، وقد رثيت الكثير من الشعراء ، منهم : لوركا ،يوسف الصائغ ، محمد الماغوط ، أديب أبو نوار ،شيركو بيكه س ، خالد عبدالرضا السعدي ،ورثيت الدكتور حسين علي محفوظ والشيخغضبان حميد الملا جواد ، كما رثيت ولدي الشهيدمعد ، ووالدي ، ووالدتي ، وأخيرا رثيت الروائيوالقاص والمفكر سعد محمد رحيم .

وقد أثارت مرثياتي انتباه أستاذي الدكتور إيادعبدالودود عثمان الحمداني ، فكتب عن مرثيتيلشيركو بيكه س ثم كتب عن غيرها .

ولو توقفت عند مرثيتي لكزار حنتوش لوجدتأنها كانت ساخنة بعواطفها وغارقة بعبراتأحاسيسها الجياشة ، فلقد كانت تربطني بكزارعلاقة شعرية وأخوية رائعة ، وقد حاولت أن تكونمرثيتي له على مقدار اعتزازي به وبشعره الذييفيض عذوبة وألقا .

عدت مؤخرا إلى مقاعد طالب دراسات عليا لنيلشهادة الدكتوراه في الأدبهل ضمنأطروحتكم التطرق إلى

أدب الحربالشعربعد الغزو الأمريكي  ؟

كانت رسالتي في الماجستير ( الإيقاع أنماطهودلالته في شعر مظفر النواب ) ، وكانت بإشرافالدكتور علاء حسين عليوي البدراني الذيأفادني كثيرا من علمه الغزير ومقدرته الكبير ،فجزاه الله عني كل خير ، وتقوم دارالشؤونالثقافية العامة بوزارة الثقافة الآن بطبعها ،وأوجه الشكر في هذه المناسبة لهذه الدار العريقةفهي التي بادرت وطلبت أن تتكلف بطبع رسالتيهذه التي تدور حول شاعر الصبر العراقيالجميل مظفر النواب .

أما عن أطروحتي للدكتوراه فهي ما زالت قيدالترتيب مع أساتذتي في قسم اللغة العربيةبكلية التربية للعلوم الإنساني في جامعة ديالى، ولا أعتقد انها ستتطرق إلى الشعر العراقي فيمرحلة ما بعد الإحتلال الأمريكي ، وهو موضوعجدير بالبحث والتقصي .