18 ديسمبر، 2024 7:11 م

ضمور مجتمعي مدني!

ضمور مجتمعي مدني!

تمت الدعوة قبل أشهر إلى عصيان مدني احتجاجاً على الأوضاع في غزة، وكان العراق هو الأضعف استجابة بين الدول المختلفة، ولم يكن ذلك غريباً.

ويومياً يتعالى الرفض الشعبي المكبوت على الكثير من الممارسات والقرارات، ولكنه يبقى حبيس النفس ولا يجد فرصة للظهور، ويستمر التنفيذ مع الامتناع القلبي، وربما يعلل البعض بان ذلك من أضعف الإيمان، وليس ذلك بغريب أيضاً.

بعيداً عن ضمور الحالة الإسلامية والعربية في الإحساس جراء سوء الأوضاع التي تمر بها الأمة ولعموم حالة التراجع في هذا المجال، فان المهم ما تؤشره هذه الظاهرة من حالة بالغة الأهمية وهي وصول ميدان المجتمع المدني إلى حالة من الجمود والضمور القاتل.

وفي العالم كله، لا تقوم بهذه الدعوات والفعاليات الجهات الرسمية وإنما النقابات والمنظمات المجتمعية وكل حسب الاختصاص، وتزداد المساحة الممنوحة لها او تتقلص بحسب اقتراب النظام السياسي في هذه الدولة أو تلك من معاني الديمقراطية والشفافية.

أما في العراق فلا نرى إلا تراجعاً حاداً يقترب إلى حد الاختفاء لهذا الجانب بعدما تحول عمل النقابات ومنظمات المجتمع المدني إلى حالة من البحث عن المنافع بل ونراها دخلت في لجة صراع السياسي وتحولت إلى ورقة مساومة وتفاوض لهذا الطرف أو ذلك.

ونرى بعضاً من تلك المنظمات في أحسن الأحوال تهتم بتوزيع المساعدات الغذائية حتى لو كان اختصاصها الحقيقي الطب والهندسة، ولا ندري حقيقة ان كان ذلك شكل من ِأشكال غسيل الأموال الذي افتضح أمره ام زكاة لها ام كان بحثاً عن الشهرة والترند!!

وثمة مسألة لا يمكن تجاوزها كذلك، وهي تغليف مشاريع محو الهوية وإذابتها بعناوين مدنية فذلك من التزوير والخداع المقيت الذي لا يمكن القبول به او إغفاله في ذات الوقت، فالكثير من التسلل الناعم للفكر الخبيث والغريب إنما يتم تحت هذه اللافتة البراقة والخادعة، ولا بد من الانتباه لذلك.

ان المجتمع المدني العراقي حاجة وضرورة ومنبر لا يمكن الاستغناء عنه، ولا بد من جهد حقيقي وفاعل يعيد تنظيمه وإعادته إلى الحياة حتى لو كانت مواقفه لاحقاً بالضد من رغبات الحكومات فالوطن هو الأصل لا هي، وعين تلك المنظمات والنقابات ــ كما يفترض ـ مسخرة لدعم البناء وتقويم الاعوجاج.

وحينها ان نجحنا في كل ذلك، فسنجد أصداء تبعث على السعادة للدعوات والمطالبات سواء كانت داخلية أم خارجية، وسيتكامل العمل التنفيذي مع المدني بشكل متميز وباهر يرتقي بالواقع ويصون الهوية بصورة تستحق الاشادة والدعم والاسناد.