18 ديسمبر، 2024 8:39 م

ضعف مواقع الجامعات العراقية بين الجامعات العربية

ضعف مواقع الجامعات العراقية بين الجامعات العربية

ظهرت نتائج مؤسسة كيو اس (QS) لتصنيف الجامعات العربية، ولم افاجأ بضعف مراكز الجامعات العراقية في هذا التصنيف الذي وضع تسلسلا خاصا لمائة افضل جامعة عربية. وكما هو متوقع فقد حصلت جامعة بغداد على المركز الاول عراقيا وبمرتبة 18عربيا حيث تقدمت 8 مقاعد مقارنة بمركزها الذي حصلت عليه في عام 2014 واعتبرت اعلى درجة من الارتفاع ضمن المراكز العشرين الاولى.
تلي جامعة بغداد جامعة بابل في المركز 38 وجامعة النهرين في المركز 41 ثم جامعتي المستنصرية والسليمانية في المرتبة 51-60 ، وجامعة البصرة في المرتبة 61-70، ووقعت جامعتي الكوفة ودهوك في المرتبة 71-80 وجامعتي كربلاء والانبار في المرتبة 81-90. ولم تدخل الجامعات السورية، وجامعتي الموصل وتكريت العراقيتين التصنيف لعدم التمكن من الحصول على معلومات كافية عنها بسبب الاوضاع الامنية. ويبدو ايضا ان سبب حصول عدد من الجامعات العراقية التي دخلت التصنيف على مراتب متدنية هو عدم توفر معلومات كافية عنها لدى مؤسسة كيو اس، الا ان هذا النقص في المعلومات شمل ايضا اكثر من 60 من الجامعات العربية ضمن افضل مائة جامعة.

ولكي نتعرف على اوجه القوة والضعف في الجامعات العراقية سعيا لتطويرها، دعنا اولا التعرف على معايير احتساب درجات التصنيف، وهي كالاتي:

30% للسمعة الاكاديمية عند ما يقرب من 3700 اكاديمي شاركوا في ابداء الرأي وكنت احد هؤلاء المشاركين،
20% لسمعة الجامعة لدى 2489 من ارباب العمل وجهات التوظيف للخريجين،
20% لنسبة التدريسيين الى عدد الطلبة في الجامعة،
10% للموقع الالكتروني للجامعة استنادا على تسلسل الموقع في تصنيف الويبيمتركس،

2.5% نسبة الطلبة الاجانب،
2.5% نسبة التدريسيين الاجانب،

5% نسبة حملة شهادة الدكتوراه من التدريسيين،

5% معدل عدد البحوث لكل تدريسي،

5% معدل الاشارات لكل بحث (لم تشمل البحوث باللغة العربية).

 

لنأخذ بنظر الاعتبار اولا السمعة الاكاديمية وهي تمثل اختيار الاكاديمين المشاركين في تقديم الرأي لافضل جامعة (او جامعات) عربية في نظرهم، وعلى شرط ان لا يتضمن اختيار المشارك لجامعته بضمن الجامعات المفضلة. والسمعة هنا كما بينتها سابقا مثلها مثل سمعة سيارة المرسيدس، فهذه السمعة لا تأتي نتيجة الاعلان والدعاية فقط، بل لان الشركة تصنع سيارة ممتازة. طبعا هنا لابد ان تأتي الجودة اولا لكي تتوفر السمعة الجيدة تالياً، وهو ما يمكن القول به بالنسبة للجامعات ايضا. ومع ذلك لا ارى التصويت يخلو من تحيز خصوصا بالنسبة لموضوع تسلسل الجامعات العربية فهو مثل برنامج (ِArab Idol)، حيث يميل الجمهور للتصويت لصالح المتسابقين من دولهم.

 

احرزت جامعة بغداد معدل 86.8 في حقل السمعة الاكاديمية بينما احرزت معدل 100 كل من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، والجامعة الامريكية في الشارقة، وجامعة الملك سعود، وجامعة القاهرة. كما احرزت كل من بابل 51 والنهرين 16 ولم تتوفر معلومات حول هذا المؤشر للجامعات العراقية الاخرى والتي دخلت التصنيف بالرغم من ذلك. لهذا اعتقد بأنه ما كان للتصنيف ان يضم جامعات لم تتوفر معلومات عنها بشأن كل المعايير التسعة المشمولة بالتصنيف. وكما يبدو ايضا ان الجامعات العراقية قد سقطت في معايير نسبة الطلبة الاجانب ونسبة التدريسيين الاجانب حيث لم تزيدعن 2 في الوقت الذي احرزت الجامعات السعودية معدلات تفوق عن 80 وتصل احيانا الى 100.

 

اما نسبة عدد التدريسيين الى عدد الطلبة في الجامعة وهو معيار عالمي لقياس جودة التعليم فيبدو ان الجامعات العراقية قد احرزت قصب السوق فيه حيث تراوحت المعدلات بين 42 لجامعة كربلاء الى 100 لجامعة السليمانية. ولربما، وفي الواقع العملي ليس لهذا المعيار اهمية كبيرة في قياس جودة التعليم لان هذه المعدلات العالية لا تعود في معظم الجامعات العراقية الى توفر عدد كبير من التدريسيين من حملة الدكتوراه ومن خريجي جامعات الدول الغربية، وانما تعود الى وجود نسبة عالية من حملة شهادات الماجستير المحلية، وهم في الظروف الطبيعية لا يصح ان يكونوا عادة ضمن الهيئات التدريسية. وما تدله المعدلات المتواضعة لنسب التدريسيين من حملة الدكتوراه في التصنيف الا دليل على ما ذكرته، حيث حصلت جامعات النهرين وبغداد وبابل على معدلات تتراوح بين 46 الى 53، بينما لم تزد معدلات جامعات المستنصرية والسليمانية والكوفة ودهوك والانبار عن 12 مقارنة بمعدل 100 لعدد كبير من الجامعات العربية بضمنها الجامعة الامريكية في بيروت، وجامعة الامارات والشارقة، وجامعة الاردن للعلوم والتكنولوجيا، وجامعة السلطان قابوس والجامعة الامريكية في دبي، وجامعة خليفة والمنصورة والخليج العربي.

 

المعضلة الكبيرة التي تواجهها الجامعات العراقية تكمن في ضعف انتاجها البحثي حيث اظهرت المعدلات ارقاما ضعيفة في حقل معدل عدد البحوث لكل تدريسي والتي تراوحت بين 6 لجامعة النهرين و 1.7 لكل من جامعة الكوفة والانبار، وحصلت جامعة بغداد على 4 فقط. تجد هذا الضعف في الاداء البحثي واضحا عند مقارنة نتائج الجامعات العراقية بنتائج الجامعة الامريكية في بيروت وجامعة خليفة، والملك فهد للبترول والمعادن، وسلطان قابوس والامارات، والفيصل والتي تراوحت معدلاتها بين 83 و 67. يبدو جليا من مراجعة ارقام البحث العلمي شمول ظاهرة عدم الاهتمام بالبحث العلمي في كل البلدان العربية وهذا يعود الى جملة اسباب منها انعدام التخصيصات المالية اللازمة وضعف القوى البشرية والبنى التحتية، وعدم الاهتمام بالبحث للجهل باهميته، وبعدم توظيفه في خدمة التنمية واعتباره ترفا مكلفا. ولربما، ولحسن حظ الجامعات العراقية لم يخصص تصنيف كيو اس لمعيار البحث العلمي الا 5% من المجموع الشامل للمعايير، الا انه وبالرغم من عدم اهمية البحث العلمي، النسبية في هذا التصنيف يعود عدم ظهور الجامعات العراقية في التصنيفات العالمية الاخرى الى ضعف انتاجه العراقي، لان هذه التصنيفات تمنح للبحث العلمي ونتائجه وزنا اعلى بكثير يزيد في بعضها على 60% من المجموع الشامل للمعايير.

 

اما معيار الموقع الالكتروني والذي خصص له 10% من مجموع المعايير فقد احرزت جامعة بغداد 64 واحرزت جامعة بابل 44. الا ان جامعة المستنصرية وجامعة البصرة لم تحرزا الا 10.7 و 7.2 على التوالي. ويضع هذا التباين بين الجامعات العراقية علامات استفهام على طريقة تصنيفها حيث اني لا اجد فروقا جوهرية في نوعية المواقع الالكترونية لبغداد وبابل والمستنصرية والبصرة الا لربما في درجة “الوضوح  Visibility”، والتي تعني عدد الاشارات والروابط التي يحصل عليها الموقع من المواقع الاخرى كدلالة على اهمية المنشورات. يخصص تصنيف الوبيمتركس “للوضوح” 50% من مجموع المعايير مما يشجع اللعب بنتائج هذا التصنيف وبعدة طرق منها ارسال رسائل سبام (Spam)  لزيادة عدد الروابط للموقع الالكتروني. اني استغرب ان يمنح لمعيار الموقع الالكتروني وزنا اعلى من البحث العلمي فهو معيار سطحي لا يتعلق بجودة مخرجات التعليم والتعلم، وليس له اي وزن حقيقي بين الجامعات العالمية.

 

اخيرا، واستنادا الى النتائج اعلاه احب ان اقدم بعض النصائح والمقترحات والآراء،  تتعلق فقط بتحسين مستويات الجامعات العراقية في تصنيف كيو اس، ولم اشأ ان تكون متعلقة كثيرا بتحسين الجودة والاداء الاكاديمي والبحثي لانه سبق وان تناولت هذه المواضيع في عدد غير قليل من كتاباتي السابقة، ويستطيع القارئ الرجوع اليها في عدد من المواقع العراقية على الانترنت، كما احب ايضا العودة للاشارة الى كون “المسؤول الاول في تحديد المستويات الحقيقية للجامعات بصورة عامة هم اساتذة الجامعات انفسهم. فالجامعة الممتازة يكون اعضاء هيئاتها التدريسية من اصحاب المستويات العالية ومن المهتمين دائما بتطوير معلوماتهم العلمية والمهنية، ومن المندفعين المتحمسين للبحث والتطوير، ويتحلون بالمسؤولية، ولا يتهربون منها، ولا يشكون ويندبون حظهم، ويلقون اللوم على جامعاتهم، وهم الذين يسعون الى بناء انفسهم وبناء جامعاتهم باي ظرف كانت الجامعة فيه”. ان احد اهم التحديات التي لا زالت تواجه القيادات الجامعية لكي تتبوأ الجامعات العراقية مراتب عالية في السلالم العالمية هو ترسيخ ثقافة التغيير داخل الجامعة، وهي ثقافة تعتمد على الجودة واداراتها والاهتمام بالأستاذ والطالب وبالبيئة الاكاديمية، وبتطبيق شعار “اعطني استاذا جيدا اعطيك جامعة ناجحة”.

 

تتضمن مقترحاتي المتعلقة بتصنيف كيو اس الاتي:

1- اعادة تسمية مساعد مدرس الى تسميتها القديمة وهي معيد واعتبارها درجة غير تدريسية.

2- تجميد القبول في الاقسام التي لا يوجد فيها تدريسيين من حملة الدكتوراه بنسبة 20:1 من عدد الطلبة في القسم.

3- تعيين العلماء العراقيين في الجامعات الاجنبية بصفة اساتذة بوقت جزئي (part time)، وتعيين الخبراء والمختصين العاملين في المؤسسات والشركات العالمية بصفة اساتذة زائرين (visiting lecturers).

4- تجميد الدراسات العليا لفترة خمسة سنوات واعادة هيكلية البحث العلمي في الجامعات بالاعتماد على مجاميع بحث صغيرة تتكون من قيادة باحث ومساعدي باحثين وباحثين ما بعد الدكتوراه، والزام الباحثين بالتعاون مع باحثي وزارة العلوم والتكنولوجيا وباحثين في الجامعات الاجنبية.

5- دمج الجامعات الصغيرة والواقعة في نفس المحافظة لغرض تكوين هياكل اكاديمية كبيرة وفائقة القدرة، فقد اظهر التصنيف ان 9 من اصل أعلى 20 جامعة هي جامعات كبيرة جدا وبعضها يتعدى عدد طلابها 200 الف طالب.

6- منح زمالات دراسية في الجامعات العراقية للطلبة من البلدان العربية وبلدان الشرق الاوسط.

7- متابعة الخريجين ومعرفة آراء ارباب العمل وجهات التوظيف واحتياجاتهم للتدريب والمهارات وتضمينها في مخرجات التعلم ومفردات المناهج.

8- حصر النشر في المجلات العالمية المحكمة لغرص زيادة عدد الاشارات لها.

9- التأكد من فاعلية ضمان الجودة في الاقسام والكليات وتنفيذ مخططات الحصول على الاعتمادية الدولية للدراسات المهنية.

ضعف مواقع الجامعات العراقية بين الجامعات العربية
ظهرت نتائج مؤسسة كيو اس (QS) لتصنيف الجامعات العربية، ولم افاجأ بضعف مراكز الجامعات العراقية في هذا التصنيف الذي وضع تسلسلا خاصا لمائة افضل جامعة عربية. وكما هو متوقع فقد حصلت جامعة بغداد على المركز الاول عراقيا وبمرتبة 18عربيا حيث تقدمت 8 مقاعد مقارنة بمركزها الذي حصلت عليه في عام 2014 واعتبرت اعلى درجة من الارتفاع ضمن المراكز العشرين الاولى.
تلي جامعة بغداد جامعة بابل في المركز 38 وجامعة النهرين في المركز 41 ثم جامعتي المستنصرية والسليمانية في المرتبة 51-60 ، وجامعة البصرة في المرتبة 61-70، ووقعت جامعتي الكوفة ودهوك في المرتبة 71-80 وجامعتي كربلاء والانبار في المرتبة 81-90. ولم تدخل الجامعات السورية، وجامعتي الموصل وتكريت العراقيتين التصنيف لعدم التمكن من الحصول على معلومات كافية عنها بسبب الاوضاع الامنية. ويبدو ايضا ان سبب حصول عدد من الجامعات العراقية التي دخلت التصنيف على مراتب متدنية هو عدم توفر معلومات كافية عنها لدى مؤسسة كيو اس، الا ان هذا النقص في المعلومات شمل ايضا اكثر من 60 من الجامعات العربية ضمن افضل مائة جامعة.

ولكي نتعرف على اوجه القوة والضعف في الجامعات العراقية سعيا لتطويرها، دعنا اولا التعرف على معايير احتساب درجات التصنيف، وهي كالاتي:

30% للسمعة الاكاديمية عند ما يقرب من 3700 اكاديمي شاركوا في ابداء الرأي وكنت احد هؤلاء المشاركين،
20% لسمعة الجامعة لدى 2489 من ارباب العمل وجهات التوظيف للخريجين،
20% لنسبة التدريسيين الى عدد الطلبة في الجامعة،
10% للموقع الالكتروني للجامعة استنادا على تسلسل الموقع في تصنيف الويبيمتركس،

2.5% نسبة الطلبة الاجانب،
2.5% نسبة التدريسيين الاجانب،

5% نسبة حملة شهادة الدكتوراه من التدريسيين،

5% معدل عدد البحوث لكل تدريسي،

5% معدل الاشارات لكل بحث (لم تشمل البحوث باللغة العربية).

 

لنأخذ بنظر الاعتبار اولا السمعة الاكاديمية وهي تمثل اختيار الاكاديمين المشاركين في تقديم الرأي لافضل جامعة (او جامعات) عربية في نظرهم، وعلى شرط ان لا يتضمن اختيار المشارك لجامعته بضمن الجامعات المفضلة. والسمعة هنا كما بينتها سابقا مثلها مثل سمعة سيارة المرسيدس، فهذه السمعة لا تأتي نتيجة الاعلان والدعاية فقط، بل لان الشركة تصنع سيارة ممتازة. طبعا هنا لابد ان تأتي الجودة اولا لكي تتوفر السمعة الجيدة تالياً، وهو ما يمكن القول به بالنسبة للجامعات ايضا. ومع ذلك لا ارى التصويت يخلو من تحيز خصوصا بالنسبة لموضوع تسلسل الجامعات العربية فهو مثل برنامج (ِArab Idol)، حيث يميل الجمهور للتصويت لصالح المتسابقين من دولهم.

 

احرزت جامعة بغداد معدل 86.8 في حقل السمعة الاكاديمية بينما احرزت معدل 100 كل من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، والجامعة الامريكية في الشارقة، وجامعة الملك سعود، وجامعة القاهرة. كما احرزت كل من بابل 51 والنهرين 16 ولم تتوفر معلومات حول هذا المؤشر للجامعات العراقية الاخرى والتي دخلت التصنيف بالرغم من ذلك. لهذا اعتقد بأنه ما كان للتصنيف ان يضم جامعات لم تتوفر معلومات عنها بشأن كل المعايير التسعة المشمولة بالتصنيف. وكما يبدو ايضا ان الجامعات العراقية قد سقطت في معايير نسبة الطلبة الاجانب ونسبة التدريسيين الاجانب حيث لم تزيدعن 2 في الوقت الذي احرزت الجامعات السعودية معدلات تفوق عن 80 وتصل احيانا الى 100.

 

اما نسبة عدد التدريسيين الى عدد الطلبة في الجامعة وهو معيار عالمي لقياس جودة التعليم فيبدو ان الجامعات العراقية قد احرزت قصب السوق فيه حيث تراوحت المعدلات بين 42 لجامعة كربلاء الى 100 لجامعة السليمانية. ولربما، وفي الواقع العملي ليس لهذا المعيار اهمية كبيرة في قياس جودة التعليم لان هذه المعدلات العالية لا تعود في معظم الجامعات العراقية الى توفر عدد كبير من التدريسيين من حملة الدكتوراه ومن خريجي جامعات الدول الغربية، وانما تعود الى وجود نسبة عالية من حملة شهادات الماجستير المحلية، وهم في الظروف الطبيعية لا يصح ان يكونوا عادة ضمن الهيئات التدريسية. وما تدله المعدلات المتواضعة لنسب التدريسيين من حملة الدكتوراه في التصنيف الا دليل على ما ذكرته، حيث حصلت جامعات النهرين وبغداد وبابل على معدلات تتراوح بين 46 الى 53، بينما لم تزد معدلات جامعات المستنصرية والسليمانية والكوفة ودهوك والانبار عن 12 مقارنة بمعدل 100 لعدد كبير من الجامعات العربية بضمنها الجامعة الامريكية في بيروت، وجامعة الامارات والشارقة، وجامعة الاردن للعلوم والتكنولوجيا، وجامعة السلطان قابوس والجامعة الامريكية في دبي، وجامعة خليفة والمنصورة والخليج العربي.

 

المعضلة الكبيرة التي تواجهها الجامعات العراقية تكمن في ضعف انتاجها البحثي حيث اظهرت المعدلات ارقاما ضعيفة في حقل معدل عدد البحوث لكل تدريسي والتي تراوحت بين 6 لجامعة النهرين و 1.7 لكل من جامعة الكوفة والانبار، وحصلت جامعة بغداد على 4 فقط. تجد هذا الضعف في الاداء البحثي واضحا عند مقارنة نتائج الجامعات العراقية بنتائج الجامعة الامريكية في بيروت وجامعة خليفة، والملك فهد للبترول والمعادن، وسلطان قابوس والامارات، والفيصل والتي تراوحت معدلاتها بين 83 و 67. يبدو جليا من مراجعة ارقام البحث العلمي شمول ظاهرة عدم الاهتمام بالبحث العلمي في كل البلدان العربية وهذا يعود الى جملة اسباب منها انعدام التخصيصات المالية اللازمة وضعف القوى البشرية والبنى التحتية، وعدم الاهتمام بالبحث للجهل باهميته، وبعدم توظيفه في خدمة التنمية واعتباره ترفا مكلفا. ولربما، ولحسن حظ الجامعات العراقية لم يخصص تصنيف كيو اس لمعيار البحث العلمي الا 5% من المجموع الشامل للمعايير، الا انه وبالرغم من عدم اهمية البحث العلمي، النسبية في هذا التصنيف يعود عدم ظهور الجامعات العراقية في التصنيفات العالمية الاخرى الى ضعف انتاجه العراقي، لان هذه التصنيفات تمنح للبحث العلمي ونتائجه وزنا اعلى بكثير يزيد في بعضها على 60% من المجموع الشامل للمعايير.

 

اما معيار الموقع الالكتروني والذي خصص له 10% من مجموع المعايير فقد احرزت جامعة بغداد 64 واحرزت جامعة بابل 44. الا ان جامعة المستنصرية وجامعة البصرة لم تحرزا الا 10.7 و 7.2 على التوالي. ويضع هذا التباين بين الجامعات العراقية علامات استفهام على طريقة تصنيفها حيث اني لا اجد فروقا جوهرية في نوعية المواقع الالكترونية لبغداد وبابل والمستنصرية والبصرة الا لربما في درجة “الوضوح  Visibility”، والتي تعني عدد الاشارات والروابط التي يحصل عليها الموقع من المواقع الاخرى كدلالة على اهمية المنشورات. يخصص تصنيف الوبيمتركس “للوضوح” 50% من مجموع المعايير مما يشجع اللعب بنتائج هذا التصنيف وبعدة طرق منها ارسال رسائل سبام (Spam)  لزيادة عدد الروابط للموقع الالكتروني. اني استغرب ان يمنح لمعيار الموقع الالكتروني وزنا اعلى من البحث العلمي فهو معيار سطحي لا يتعلق بجودة مخرجات التعليم والتعلم، وليس له اي وزن حقيقي بين الجامعات العالمية.

 

اخيرا، واستنادا الى النتائج اعلاه احب ان اقدم بعض النصائح والمقترحات والآراء،  تتعلق فقط بتحسين مستويات الجامعات العراقية في تصنيف كيو اس، ولم اشأ ان تكون متعلقة كثيرا بتحسين الجودة والاداء الاكاديمي والبحثي لانه سبق وان تناولت هذه المواضيع في عدد غير قليل من كتاباتي السابقة، ويستطيع القارئ الرجوع اليها في عدد من المواقع العراقية على الانترنت، كما احب ايضا العودة للاشارة الى كون “المسؤول الاول في تحديد المستويات الحقيقية للجامعات بصورة عامة هم اساتذة الجامعات انفسهم. فالجامعة الممتازة يكون اعضاء هيئاتها التدريسية من اصحاب المستويات العالية ومن المهتمين دائما بتطوير معلوماتهم العلمية والمهنية، ومن المندفعين المتحمسين للبحث والتطوير، ويتحلون بالمسؤولية، ولا يتهربون منها، ولا يشكون ويندبون حظهم، ويلقون اللوم على جامعاتهم، وهم الذين يسعون الى بناء انفسهم وبناء جامعاتهم باي ظرف كانت الجامعة فيه”. ان احد اهم التحديات التي لا زالت تواجه القيادات الجامعية لكي تتبوأ الجامعات العراقية مراتب عالية في السلالم العالمية هو ترسيخ ثقافة التغيير داخل الجامعة، وهي ثقافة تعتمد على الجودة واداراتها والاهتمام بالأستاذ والطالب وبالبيئة الاكاديمية، وبتطبيق شعار “اعطني استاذا جيدا اعطيك جامعة ناجحة”.

 

تتضمن مقترحاتي المتعلقة بتصنيف كيو اس الاتي:

1- اعادة تسمية مساعد مدرس الى تسميتها القديمة وهي معيد واعتبارها درجة غير تدريسية.

2- تجميد القبول في الاقسام التي لا يوجد فيها تدريسيين من حملة الدكتوراه بنسبة 20:1 من عدد الطلبة في القسم.

3- تعيين العلماء العراقيين في الجامعات الاجنبية بصفة اساتذة بوقت جزئي (part time)، وتعيين الخبراء والمختصين العاملين في المؤسسات والشركات العالمية بصفة اساتذة زائرين (visiting lecturers).

4- تجميد الدراسات العليا لفترة خمسة سنوات واعادة هيكلية البحث العلمي في الجامعات بالاعتماد على مجاميع بحث صغيرة تتكون من قيادة باحث ومساعدي باحثين وباحثين ما بعد الدكتوراه، والزام الباحثين بالتعاون مع باحثي وزارة العلوم والتكنولوجيا وباحثين في الجامعات الاجنبية.

5- دمج الجامعات الصغيرة والواقعة في نفس المحافظة لغرض تكوين هياكل اكاديمية كبيرة وفائقة القدرة، فقد اظهر التصنيف ان 9 من اصل أعلى 20 جامعة هي جامعات كبيرة جدا وبعضها يتعدى عدد طلابها 200 الف طالب.

6- منح زمالات دراسية في الجامعات العراقية للطلبة من البلدان العربية وبلدان الشرق الاوسط.

7- متابعة الخريجين ومعرفة آراء ارباب العمل وجهات التوظيف واحتياجاتهم للتدريب والمهارات وتضمينها في مخرجات التعلم ومفردات المناهج.

8- حصر النشر في المجلات العالمية المحكمة لغرص زيادة عدد الاشارات لها.

9- التأكد من فاعلية ضمان الجودة في الاقسام والكليات وتنفيذ مخططات الحصول على الاعتمادية الدولية للدراسات المهنية.