18 نوفمبر، 2024 3:25 ص
Search
Close this search box.

ضعف الحس الأمني والاستخباري

ضعف الحس الأمني والاستخباري

جميع جيوش العالم تعتبر أسرارها العسكرية من حيث التسليح والتجهيز والخطط العسكرية وحركة قطعاتها وجميع التفاصيل الأخرى خطاً أحمراً لايمكن تجاوزه والتهاون فيه أبداً,وتضع الضوابط والتعليمات الصارمة للحفاظ على سرية هذه المعلومات وتتخذ أقسى العقوبات بحق المخالف الذي يتجرأ بتسريب أية معلومات مهما كانت بسيطة وقد تصل العقوبة الى الإعدام خاصة في حالة الحروب لأن التجاوز على سرية المعلومات الخاصة بالجيش والقطعات الأمنية يتسبب بتهديد أمن واستقرار البلاد, ولغرض المحافظة على هذه السرية واحترامها من قبل الجميع تتخذ الدول خطوات عديدة أهمها إدخال جميع منتسبي الوحدات الأمنية دورات تثقيفية خاصة يتم بموجبها شرح سبل الحفاظ على سرية المعلومات وخطورة تسريبها ومدى إمكانية استفادة الأعداء منها مهما كانت المعلومة المسرّبة بسيطة وشرح عواقبها وحجم الكوارث التي يمكن أن تحدث من جرّائها.

مايجري في بلدنا الآن مخالف لهذه القواعد المتبعة في جميع جيوش العالم وخاصة أننا نعيش حالة حرب مستمرة مع عدو خطير لايعترف بالقوانين والشرائع والمواثيق الدولية والسماوية, وتكمن خطورته أنه متغلغل بالداخل بأشكال مختلفة ولديه خلايا نائمة وأتباع من المحتمل وجودها في أي مكان في العمل أو في الجامعة أو السوق أو المقهى أو أي مكان آخر فحربنا ليست حرب جبهات نظامية وعدونا واضح أمامنا وهذه مسألة فيها صعوبة كبيرة, فأية معلومة مهما كانت بسيطة تتسرب من أحد قد يستغلها العدو لصالحه ويستثمرها بشكل قد لانتوقعه.

ما يحدث في بلدنا هو انعدام الحس الأمني والاستخباري للجميع وانفلات واضح في تسريب المعلومات الخطيرة والمهمة من قبل الجميع وهذه حالة خطيرة جداً يجب الوقوف عندها ودراستها من قبل قياداتنا الحكومية والعسكرية والاستخبارية واتخاذ الإجراءات اللازمة لإنهائها, فما يحدث أمر مؤلم قد شخّصناه وتحدثنا به أمام أصحاب القرار في لقائاتنا الإعلامية والصحفية ولكن لم نجد أية معالجة والوضع باقٍ كما هو عليه, فالقنوات الفضائية الكثيرة في عددها وتوجهاتها وتمويلها وكذلك وسائل الإعلام الأخرى تعمل بدون ضوابط فأي سياسي أو نائب في البرلمان أو قائد عسكري من الذين يظهرون في القنوات الفضائية أكثر من أهل الفن والطرب عندما يتم استضافته في أحد البرامج السياسية ويناقش معهم مقدّم البرنامج أحد الجوانب العسكرية أو الأمنية يسارعون الى الإفصاح عن سيل من المعلومات والأسرار العسكرية والأمنية الخطيرة وبشكل مفصّل تصل في بعض الأحيان الى شرح خطط الهجوم وتحرك القطعات والمحاور المحتملة والتجهيزات وغيرها من تفاصيل خطيرة دون التفكير بمدى استفادة العدو من هذه المعلومات في بناء خططه واستراتيجياته العسكرية وهذا مخالف لجميع الأعراف الأمنية والاستخبارية.

ان هذا التسيّب والانفلات في تسريب المعلومات والذي يمارسه الجميع السياسي والعسكري والإعلامي وحتى المواطن العادي يجب الحدّ منه وسرعة التعامل معه بحزم من قبل قياداتنا العسكرية والسياسية والاستخبارية في البلد وكذلك المسارعة الى إصدار حزمة من القوانين والضوابط الصارمة للحفاظ على أمن قطعاتنا العسكرية والأمنية وللحفاظ على عنصر المباغتة لديها ولتنظيم عمل وسائل الإعلام في هذا المجال وكذلك ضرورة تنظيم دورات مكثفة في الأمن العسكري لتثقيف ضباطنا ومنتسبينا في جميع صنوف قواتنا الأمنية بخطورة تسريب المعلومات العسكرية وكيفية التعامل مع الإشاعات التي يبثها العدو وكيفية استفادته منها وحجم الكوارث التي قد تحصل من جرّاء تسريب مثل هذه المعلومات, والعمل على إتخاذ الإجراءات الرادعة بحق كل من يتسبب بتسريب مثل هذه المعلومات مهما كان مركزه ومنصبه لكي نحافظ على أمن بلادنا وقطعاتنا العسكرية ضد أعدائنا مع الأخذ بنظر الإعتبار بأن معظم الحروب الحديثة تعتمد على العنصر الاستخباري واستخدام الحرب الإعلامية والنفسية والاستفادة من توظيف الإشاعة في تدمير المعنويات لدى المقاتلين.

دعوة الى ايصال السياسي والعسكري والإعلامي والمواطن العادي الى درجة من الوعي الأمني والاستخباري لكي نتمكن جميعاً من دحر الإرهاب وتحقيق النصر على أعدائنا الذين يتربصون بعراقنا الغالي ويحاولون النيل من أمنه وسيادته.

أحدث المقالات