في الخامس والعشرين من رجب كل عام تتجه الأنظار وتهفو النفوس وتتحرك الأجساد نحو مرقد الإمام موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي السجاد بن الحسين السبط بن علي الكرار وفاطمة الزهراء أم أبيها بضعة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو سابع الأئمة المعصومين ولد في الإيواء قرب المدينة المنورة وتوفي مسموما في سجن الخليفة العباسي هارون في بغداد ودفن في مقابر قريش وبمرور الزمن اختفى الهارون وذكره وقريش ومقابرها وتحولت البقعة إلى روضة من رياض الجنة وأصبح مقام وضريح الإمام موسى الكاظم فيها كعبة لكل محبي النبوة والإمامة والعدل والإخلاص لله سبحانه وتعالى وقد يتسائل من لم يقرأ الإمام كاظم الغيظ لماذا هذا الحب والعشق ؟ وماذا قدم الكاظم عليه السلام ليصبح معشوقا يقترب من الحسين عليه السلام في عشق الناس له ؟ وهو لم يشهر سيفا بوجه الحاكم ولم يؤلب الجيوش ومات سجينا بلا حول ولا قوة ولم يشكل خطرا على السلطة آنذاك؟
نعم نقول أن الإمام الكاظم عليه السلام ..
كان صاحب ثورة على غرار ثورة الحسين لكن ثورة الكاظم امتازت على ثورة الحسين بأمر آخر هو ان الحسين كان معه في ساحة المعركة قرابة سبعين مقاتل في حين لم يكن مع الكاظم إلا نفسه وكانت ثورة الحسين بعد اليأس من النصح والتذكير في حين قامت ثورة الكاظم على الفكر السلمي والتنبيه والنصح ولم يشهر سيفا أو يقود جيشا إنما كان مضحيا بنفسه فقط ناصحا ومذكرا الحاكم قبل المحكوم بمايلزمه من طاعة لله والعدل والمساواة وإنصاف الرعية وإقامة قانون الله في الأرض لكن المحكومين خنعوا لجبروت السلطة فلم يناصروا وتخلوا عن نصرته خوف البطش السلطوي وتمادى الحاكم في غيه وطغيانه فضيق على الثائر الكاظم وحاصره من كل الاتجاهات فلم يوقفه الحصار ولم يعطل ثورته بالنصح والإرشاد والتذكير بالآخرة وحساب الله يوم القيامة مما جعل الحاكم أن يزج بالثائر في غياهب السجون وينقله من سجن إلى آخر حتى انتهى به المطاف في السجن الرئيسي في حاضرة الخلافة العباسية بغداد في زنزانة منفردة تحت الأرض ومع ذلك لم تتوقف ثورة الإمام الكاظم الإصلاحية ودخلت حتى قلوب المامورين عليه في السجن لذا قام الحاكم العباسي بدس السم له ليتخلص منه ويوقف ثورته .. لكن هل تخلص الحاكم من الثائر بعد قتله بالسم في سجنه ورميه على جسر بغداد في صباح الخامس والعشرين من رجب ؟
ابدا والله لقد كان موت الكاظم حياة له ولثورته وموتا للهارون ودولة بني العباس ودفعها إلى زوايا النسيان في الوقت الذي يتكاثر أنصار الإمام الكاظم وعشاق العدل الإلهي كل يوم وما أن يطل شهر رجب من كل عام حتى تشد الرحال من كل حدب وصوب إلى كعبته ( ضريحه ) في المقبرة التي تحولت إلى مدينة زاهرة حملة اسمها نسبة له ( الكاظمية ) عشقا وحبا وتأييدا وتبركا وموالاة ومتابعة ونصرة وردا على ظلم الحاكم
السلام على الإمام الكاظم الشهيد
يوم ولد ويوم قام بثورته ويوم قتل مسموما في سجنه ويوم يبعث حيا
السلام على باب الحوائج .