19 ديسمبر، 2024 2:56 ص

في سلسلة مقالات طريفة ، على هامش الإحساس الأدبي:

انا اكتب، اذن انا كلكامش(  مقولة الكاتب)

الحرف أبي، والقراءة أمي ، والكتابة حِرفة أبي وأمي( مقولة الكاتب)

اذا كنت عبقريا ، فإن أكثر ماتعانيه في إبداعك ، وتفردك ، وطلب شهرتك الشرعي ، هو ضريبة المعاصرة ، فالمعاصرون لايريدونك حاضرا عبقريا ، بل اعتادوا ان يتباكوا دوما على أطلال العبقرية الفانية ، وعلى هذا المنوال ، لابد ان يذيقوك الأمرين 00 فلو كنتَ المتنبي الذي هو افضل من المتنبي افتراضا ، وكنت معاصرا لهم ، لعاملوك بأمر ماعومل به المتنبي في حاضره، فقد أذاقوهالأمرين ، وجعلوه ينشد عظمة الشهرة تجوالا وترحالا ،حتى لقي حتفه أخيراعلى يد فاتك في لحظة غبية من الزمن ، وعنده مايفوق الشهرة مرات عديدة ، لكنه مات على محكها ، وهو يبحث عن العظمة التي هي بين جوانحه ، ولكن أنانية الآخرين سلبتها منه ، بل سلب شهرته نكرات القوم وحثالاتهم ، ولصوص  كلماتهم ، وأنصاف أزلامهم ، فصار  المتنبي بعد ذلك فتنة لعظمته ، ولعنة على مشاغبيه وحاسديه وسالبي حقه!

ثعالب المعاصرة ، يمتلكون من أساليب اللف والدوران والمراوغة ، والتلاعب بالألفاظ ، وتغيير الاقنعة ، مالايمتلكه احد سواهم ، فتجد الذائعين بصيتها ، لايرون للحاضر جذور عبقرية الماضي وامتداته الطبيعية ، فهم دوما  تشرئب اعناقهم الى صنم الماضي ، وصنم الخارج ، فتراهم يروجون بضاعة كائن من كان ؛ لأنه استوطن بعيدا خارج البلاد ، فصار عزيزا ، فلو كان مثلا (حيص بيص) يعيش في كندا ، ويزاول( سفاسف الكتابة) ، فهو عندهم ولي الكتابة الأعظم ! وتراهم يبكون على السياب مثلا ؛ لأنهم خذلوه في حياته مبدعا ومجددا وجريحا ، فكانوا جزءا من جراحه التي لاتندمل ، وهم أنفسهم أذاقوهالأمرين في عنفوان حياته ، وهم أنفسهم لديهم استعداد الانقلاب عليه مرة أخرى وأخرى، ومعاملته بأشد مما عاملوه به سابقا ، لو بعث بينهم من جديد ، فهي نظرية قوم ضالين ، ومصلحين أشقياء هادين ، ولابد للهادي من ان يدفع ضريبة القوم الضالين ، اجل هنالك : نبي المبدأ ، ونبي الموقف ، ونبي الضمير ، ونبي الكلمة ، ونبي القصيدة0

ضريبة المعاصرة، لم تبق قلبا سليما لعبقري ، الا ونفذت فيه كما تنفذ السكين في الكبد الطرية ، والكل اخذ نصيبه منها ، ومازال عباقرة الحاضر مغيبين ؛ لأنهم يدفعون ضريبتها ، وهي مقتنعة تمام القناعة بأنها سنة عمياء ، لاتتفتح الا بعد رحيل العبقري ، فبعد ذلك تزول الغيوم عن حجب حروفه ، وتظهر شمسه باسمة ، وحزن عينيه يطوف بين القلوب!

أحدث المقالات

أحدث المقالات