18 ديسمبر، 2024 7:59 م

ضرورة تعزيز الصحافة الهادفة والتعبيروالنشر والاعلام الحر لتعميق الديمقراطية

ضرورة تعزيز الصحافة الهادفة والتعبيروالنشر والاعلام الحر لتعميق الديمقراطية

ان التكنولوجيا الحديثة بمثابة فرصة للتطور في مجال العمل الصحفي والتصدي لتحدياته، الأمر الذي يتوجب معه تعزيز دور الصحافة والإعلام في مجال حرية التعبير والديمقراطية مع الوعي التام بأن هذه التحديات تستوجب العمل الجماعي لحماية الصحفيين والمواطنين، وتقوية العمل النقابي الصحفي والحد من سيطرة المال واحتكار الشركات الكبرى لذلك و أن العنف والقمع الذي تمارسه الحكومات ومجموعات الضغط والجيوش الإلكترونية وجهات الدعاية والشركات الكبرى التي لا يهمها غير الأرباح، على كل من يعارض سياساتها، أمر سلبي لحرية الصحافة والإعلام والنشر، لما يترتب عليه من تضليل وتشويه للمعلومات وتأثير اجتماعي ضار .
و أن كل تلك الضغوط تنتج عنها ممارسات مقلقة مثل الأخبار الكاذبة، ومتطرفين أيضا يستخدمون التقنية الرقمية لبث الكراهية وبذر الخلاف والقذف والتجسس، ما يستدعي العمل لحماية الصحفيين والحق في التعبير، باعتبار ذلك من الحقوق الأساسية لمواجهة هذه المخاطر وتأثيراتها السلبية على السلوك البشري والعلاقات الاجتماعية.
لا مستقبل بدون إعلام حر، ما يعني ضرورة أن تتمتع وسائل الإعلام الحكومية والأهلية بالحرية التامة والتعددية واحترام حقوق الإنسان وأخلاقيات المهنة، سيما أن جميعها أصبح اليوم متاحا بفضل التقنية الحديثة والثورة الرقمية التي اعتبرها فتحا جديدا لنشطاء حقوق الإنسان والسياسيين على حد سواء.
و ضرورة الاهتمام بأن تضطلع الصحافة مع توفر وسائل التقنية الحديثة بإسهامات لافتة في مجال حرية التعبير وفضاء رقمي جيد ومتطور، واستغلال الثورة الرقمية لفضح الفساد والتسلط وكل من يسعى لخدمة مصالحه الضيقة دولا شركات أو مؤسسات و ان “الصحافة والإعلام في قلب الديمقراطية ولا وجود لدولة ديمقراطية حقيقية من غير إعلام حر”

و أهمية التفاوض حول أمور خلافية بانفتاح مع قادة يتمتعون بقاعدة شعبية واسعة ومستعدين لتقديم تضحيات ، كما كان حاله وحال نلسون مانديلا..

وأن كل قضية أو حالة سياسية تختلف عن غيرها ، وحذّر من أن المقارنة قد لا تؤدي الى تحليل صحيح أو دقيق. وأكد أيضاً أن المجتمع الدولي “يخلق الفوضى” بآلية تعاطيه مع الوضع في الشرق الأوسط. وأضاف قائلاً: “أود أن أرى الغرب يتحدث بلهجة حاسمة فيما يتعلق بالقضايا الساخنة (…) كما ينبغي على الاتحاد الأوروبي أيضاً التدخل بشكل أكبر”. وأضاف دي كليرك أنه يتعين على الغرب أن يعمل على إزالة فتيل شعلة الصراع في المنطقة ، ألا وهو الاعتقاد بأن المسيحيين والمسلمين في حالة حرب. وأضاف أنه يتعين عزل المتطرفين ، وأعرب عن تأييده لمبدأ حل الدولتين وقناعته بأن سياسة الاستيطان الإسرائيلي تشكل عائقاً أساسياً في وجه السلام. يذكر أن دي كليرك كان في زيارة لعمان لمدة يومين حيث ترأس الجمعية العامة لمؤسسة القادة العالميين التي عقدت اجتماعها السنوي في الأردن ، والتي تهدف إلى تعزيز الحاكمية الرشيدة والإسهام في الحيلولة دون وقوع صراعات والتوسط لحلها

لايمكن الحديث عن اية ديمقراطية سواء اكان الحديث في مباديء الديمقراطية وتنظيراتها او في تطبيقاتها، بشكل مجدٍ ما لم يتم النظر الى دور وسائل الاعلام في تعميق الديمقراطية وتجذيرها لزيادة الوعي الديمقراطي باتجاهات مختلفة داخل المجتمع.

واذا كانت وظائف الاتصال في المجتمعات ذات الحكم الشمولي محدودة التأثير بفعل التداخلات الحكومية واحادية القرار والتوجيه فان هذه الوظائف في المجتمعات الديمقراطية المفتوحة تكتسب حيوية بالغة واهمية كبيرة وفعالية وتاثيراً بالغاً دفع بالمفكرين والفقهاء السياسيين الى وصف سلطة الاعلام (بالسلطة الرابعة) تكاملاً مع السلطات التقليدية وهي التشريعية والتنفيذية والقضائية.

فالاعلام الحر هو احد المقومات البارزة للمجتمع الديمقراطي، وبدون وجود مثل هذا الاعلام لايمكن ان تنمو اية تجربة ديمقراطية حقيقية وتتطور وتزدهر، فهو بمثابة صمام الامان لها يحرسها ويقومها ويفتح امامها افاق واسعة للنضج والتطور. فالاعلام الديمقراطي لايمكن ان يولد بصورة مثالية ومتكاملة مرة واحدة فهو يمر بمراحل ولادة ومراهقة ثم نضوج بالتفاعل والامتزاج مع المسار التاريخي والموضوع لسير العملية الديمقراطية في اي بلد، اي مجتمع. وعلى العموم فهنالك تحديات حقيقية تواجه وسائل الاعلام في مجتمع متحول نحو الحياة الديمقراطية لعل من ابرزها:

1- التحدي الفكري والايديولوجي: وهنا تحتاج وسائل الاعلام الى فترة زمنية كافية حتى تفك ارتباطها بالايديولوجيات الشمولية لتسبح في فضاءات حرة.

2- التحدي السياسي: من الواضح ان الجو السياسي الجديد في ظل الانفتاح الديمقراطي قد يبدو غريباً لاول ولهة على وسائل الاعلام التي اعتادت على نظام سياسي احادي وشديد المركزية في ميادين السياسة والاقتصاد والثقافة.

3- التحدي الاقتصادي: وهنا المسألة اشد تعقيداً فبعد ان كانت وسائل الاعلام لاتفكر في موضوع التمويل، وهي مسألة مهمة وحيوية لاستمرار عمل اي وسيلة اعلامية، وجدت هذه الوسائل نفسها امام معادلة صعبة هي الحصول على تمويل يمكنها من الاستمرارية والتطور مع الحفاظ على الاستقلالية.

4- تحدي العلاقة مع الجمهور المتلقي: لاتبدو العلاقة بين وسائل الاعلام الحرة وجمهورها اقل اهمية من التحديات السابقة التي تواجه الاعلام الديقراطي الناشيء، فالمتلقي قد ترسخت في وجدانه اللاشعوري صورة نمطية عن وسائل الاعلام الناطقة بأسم الحكومة والمعبرة عن خطها.

5- التحدي المهني: الاعلاميون في ظل حكم شمولي مغلق كان ينقصهم الكثير من المؤهلات والمهرات واليات العمل والتدريب المهني والاطلاع على تطور واداء وسائل الاعلام في البلدان الديمقراطية المتقدمة، فضلاً عن انهم كانوا بمعزل عن الاحتكاك بزملاء المهنة في العالم والاطلاع على ما وصلت اليه التقنيات الاعلامية الحديثة من تطور على صعد التحرير والاخراج وطبيعة الادوات والاليات المستخدمة في العمل الاعلامي.

6- التحدي القانوني: اي غياب تشريعات وقوانين واضحة تكفل حرية الاعلام وتحدد طبيعة العلاقة بين المؤسسة الاعلامية والمؤسسات التنفيذية لان نصوص الدستور الضامنة لحرية الاعلام والتعبير وحدها غير كافية ان لم تقترن بتشريعات مفصلة قابلة للتطبيق وحل المشكلات الناجمة من تفاصل العمل الاعلامي اليومي.

التجربة الاعلامية العراقية:

اذا انتقلنا من التأصيل النظري الى الواقع العملي واخذنا التجربة الاعلامية العراقية الجديدة كحالة تصلح نموذجاً للدراسة فأننا سنجد انفسنا امام تجربة اعلامية جديدة ومتميزة يمكن وصفها بالفورة الاعلامية التي انفجرت كبركان كان نائماً لعقود ثم انطلق بصورة غير متوقعة عكست مدى تعطش الجمهور العراقي منتجين ومستهلكين للمادة الاعلامية بعد ادمان طويل على اعلام مركزي احادي دام لعقود طويلة. وقد تميزت هذه التجربة الوليدة بسمات ايجابية وسلبية يمكن ان نوجزها بالنقاط التالية:-

1- صدورعدد كبير من المطبوعات الصحفية الخاصة والحزبية من قبل احزاب ومنظمات وافراد ثم اختفاء عدد كبير من هذه المطبوعات واستمرار صدور عدد اخر بشكل منتظم او غير منتظم.

2- انطلاق عدت محطات اذاعية مسموعة ومرئية (ارضية وفضائية) بعضها حزبية وبعضها خاصة او مستقلة او تدعى انها كذلك.

3- انتشار واسع لمراكز ومقاهي الانترنت في العاصمة وخارجها وازدياد مضطرد في اعداد رواد هذه المقاهي.

4- تمكن المتلقي العراقي من استقبال بث المحطات الفضائية العربية والاجنبية بعد طول حرمان منها.

5- ولادة علاقة تفاعلية بين المتلقي العراقي ووسائل الاعلام من خلال الاتصالات الهاتفية او المشاركة في البرامج بشكل مباشر والتعبير عن الاراء ووجهات النظر ازاء القضايا العراقية موضع البحث والنقاش.

6- غياب السلطة الرقابية الاعلامية الحكومية مقابل عدم تبلور مفهوم واضح للرقابة الذاتية واخلاقيات المهنة الاعلامية.

7- عدم وجود تشريعات اعلامية جديدة تنظم العلاقة بين وسائل الاعلام والحكومة او بين وسائل الاعلام والجمهور وتضمن حقوق الاعلاميين.

8- تلمس المتلقي العراقية لقيمة السلطة الاعلامية ونفوذها وجرأتها في نقد وملاحقة المؤسسات الحكومية وبعض الظواهر السلبية في المجتمع.

9- بروز مشكلة تمويل وسائل الاعلام وابتعاد الحكومة عن دعم هذه الوسائل مما اضطرها للتفكير في ايجاد مصادر تمويل خاصة بها او التوقف عن العمل.

10- عجز مؤسسات الدولة عن ملاحقة ومتابعة ما ينشر او يذاع في وسائل الاعلام من هموم ومشاكل تخص المواطن بسبب غياب الية مناسبية لتنظيم العلاقة بين الجانبين.

11- عدم تطور شبكة توزيع المنتوجات الاعلامية الى مستوى يواكب القفزة الاعلامية الجديدة.

12- التفاعل بين الاعلاميين العراقيين القادمين من الخارج واعلاميي الداخل الذين حرموا من فرص تطوير قابليتهم المهنية.

13- دخول اعداد لاباس بها من الاعلاميين العراقيين الى ميدان العمل مع وسائل الاعلام العربية والاجنبية كمراسلين ومنتجين وممارسة عملهم بحرية بعد ان كان ذلك يقتصر على عدد محدود وحسب مواصفات معينة.

14- توسع المؤسسات الاعلامية الاكاديمية الرسمية منها والاهلية وانتشارها الى المحافظات بعد ان كانت مقتصرة على العاصمة.

15- الافتقار الى مركز يجمع يجمع البيانات ويقوم بالاحصائيات الدقيقة عن حركة وسائل الاعلام وما يستهلك منها ويقيس مستويات تعرض الجمهور لها وارقام التوزيع..الخ.

16- اهتمام بعض الصحف ووسائل الاعلام الاخرى بظاهرة استطلاع الرأي العام ازاء قضايا وامور سياسية واقتصادية آنية وان كانت هذه المبادرة بسيطة ومحدودة.

مقترحات في الاداء:

لاغناء وتطوير التجربة الاعلامية الجديدة لابد من تضافر جهود الدولة ومؤسساتها التنفيذية والتشريعية والقضائية فضلاً عن التنظيمات السياسية والاجتماعية والمؤسسات الاعلامية لدعم هذه التجربة الواعدة وتصويبها ورعايتها لتؤدي وظيفتها بفعالية وفي ظل اجواء صحية وهنا نرى ضرورة القيام بما يلي:

1- قيام السلطة التشريعية بسن قوانين وتشريعات مفصلة تقنن وتكفل حرية الاعلام والتعبير وتنظم العلاقة بين وسائل الاعلام والسلطتين التنفيذية والقضائية وتضمن حقوق العاملين في الاعلام.

2- تفعيل دور الهيئة الوطنية للاتصال والاعلام لتكون مرجعية عليا لضبط السياسة الاعلامية وتحقق التوازن وضمان حقوق جميع الاطراف.

3- تشريع قانون جديد للعمل الصحفي وللتنظيمات الصحفية ينسجم مع التوجيهات الديمقراطية.

4- تحمل الدولة لنسبة معقولة من نفقات وسائل الاعلام ضماناً لاستمرارية عمل هذه الوسائل وابعادها عن مصادر التمويل غير المشروعة.

5- اتفاق جميع وسائل الاعلام على ميثاق شرف مهني واخلاقيات مهنية يضمن الابتعاد عن كل ما يثير الكراهية والبغضاء بين افراد المجتمع وشرائحه المختلفة وعدم الترويج للارهاب او التفريط بالوحدة الوطنية للشعب العراقي وثوابته المعروفة.

6- العمل على تطوير مهارات العاملين في وسائل الاعلام ورفع مستوى الاداء لديهم.

7- تعزيز ديمقراطية الاعلام وجماهيريته عبر توسيع مفهوم اعلام الدولة ليشمل جميع الشرائح والمجموعات والاطياف دون تمييز او محاباة.

8- قيام وسائل الاعلام بنشر وتعميق ثقافة الديمقراطية والتسامح وحقوق الانسان والتصدي للارهاب بطرق واساليب مقنعة.

9- قيام الحكومة بتشجيع تأسيس شركات خاصة او مختلطة للتوزيع والاعلان ودعمها بشكل او باخر.

10- تطوير المواقع الالكترونية للصحف ووسائل الاعلام الاخرى.

11- الافادة من البحوث العلمية والدراسات الاعلامية الاكاديمية لتطوير اساليب العمل الاعلامي.

ديمقراطية الاعلام ونظرية المشاركة

يتفق فقهاء الديمقراطية ومنظورها على ضرورة وجود اعلام ديمقراطي حر في اي مجتمع يراد له ان يكون ديمقراطياً، فبدون هذا الاعلام الحر تظل العملية الديمقراطية عرجاء ومنقوصة لانه ركنا اساسياً في هيكلة تلك العملية.

وتبعاً للتطور التاريخي للعملية الديمقراطية تنظيراً وممارسة وضعت عدة نظريات اعلامية تحدد وظيفة الاعلام في المجتمع الديمقراطي ومساحات تحركه، ولعل ابرز تلك النظريات نظرية الحرية التي تعود الى القرن السابع عشر حيث استطاعات الصحافة في اوربا الغربية الخروج من دائرة القيود والسيطرة الرسمية، وهذه النظرية تعد اليوم الاساس الذي يحكم عمل الوسائل المطبوعة في الديمقراطيات الليبرالية.

وهنالط نظرية المسؤولية الاجتماعية التي نشأت في الولايات المتحدة الامريكية في اعقاب الحرب العالمية الثانية، وقد حاولت هذه النظرية التوافق بين استقلال وسائل الاعلام والتزاماتها اتجاه المجتمع.

وبعبارة اخرى فانها حاولت التوفيق بين ثلاثة مبادئ هي الحرية والاختيار الفردي وحرية وسائل الاعلام والتزام وسائل الاعلام تجاه المجتمع، الا ان النظرية الاحدث التي تحديا للنظريات السائدة هي نظرية المشاركة الديمقراطية، فقد برزت هذه النظرية من واقع الخبرة العملية كاتجاه ايجابي نحو ضرورة وجود اشكال جديدة في تنظيم وسائل الاعلام، وهي كذلك نشأت كرد فعل مضاد للطابع التجاري والاحتكاري لوسائل الاعلام المملوكة ملكية خاصة، ومضاد لمركزية وبيروقراطية مؤسسات الاذاعة العامة التي قامت على معيار نظرية الاجتماعية.

وتحاول نظرية المشاركة الديمقرايطة ان تثبت وجودها في المجتمعات الليبرالية المتقدمة، خاصة في الدول الاسكندنافية، رغم انها تفتقر الى وجود حقيقي في الممارسات المختلفة للمؤسسات الاعلامية وتتلخص المبادئ الاساسية لهذه النظرية بما يلي:

1- ان للمواطن الفرد وللجماعات والاقليات حق الوصول الى وسائل الاعلام واستخدامها، ولم كذلك الحق في ان تخدمهم وسائل الاعلام طبقاً للاحتياجات التي يحددونها هم.

2- ان تنظيم وسائل الاعلام ومحتواها لاينبغي ان يكون خاضعاً لسيطرة بيروقراطية حكومية او سياسية مركزية.

3- ينبغي ان توجد وسائل الاعلام اصلاً لخدمة جمهورها وليس من اجل المنظمات والمؤسسات التي تصدر هذه الوسائل او المهنيين العاملين بها او عملائها.

4- ان الجماعهات والمنظمات والتجمعات المحلية ينبغي ان يكون لها وسائل اعلامية خاصة بها.

5- ان وسائل الاعلام صغيرة الحجم التي تتسم بالتفاعل او المشاركة افضل من وسائل الاعلام المهنية الضخمة التي ينساب مضمونها في اتجاه واحد.

6- ان الاتصال والاعلام اهم من ايترك للمهنيين.

ويعبر مصطلح المشاركة الديمقرايطة عن معنى التحرير من وهم الاحزاب السياسية والنظام البرلماني الديمقراطي والذي بدأ وكانه انفصل عن جذوره وانه يعوق المشاركة في الحياة الاجتماعية والسياسية بدلاً من ان يدعمها ويسهلها حسب مايرى واضعو هذه النظرية.

وتنطوي نظرية المشاركة الديمقراطية للاعلام والاتصال على اراء معادية لنظرية المجتمع الجماهيري الذي يتسم بالتنظيم المعقد والمركزية الشديدة والذي فشل في ان يوفر فرصاً حقيقية للافراد والاقليات في التعبير عن اهتماماتهم ومشكلاتهم.

وتعتقد هذه النظرية ان الصحافة الحرة لاتستطيع ان تكون كذلك بسبب خضوعها لاعتبارات السوق التي تفرغها من محتواها، مثلما ان نظرية المسؤولية غير ملائمة بسبب ارتباطها يبروقراطية الدولة وترى كذلك ان التنظيم الذاتي لوسائل الاعلام لم يمنع نمو مؤسسات اعلامية تمارس سيطرتها من مراكز قوة في المجتمع وفشلت مهمتها في تلبية الاحتياجات الناشئة من الخبرة اليومية للمواطنين.

ويمكن حصر الاهداف التي تسعى اليها نظرية المشاركة الديمقراطية بما يلي:

1- تلبية الاحتياجات والمصالح والامال لجمهور متلق نشط في مجتمع سياسي.

2- الاهتمام بالمعلومات الملائمة وحق المواطن في استخدام وسائل الاتصال من اجل التفاعل والمشاركة على نطاق صغير في مجتمعه.

3- رفض المركزية او الاحياد او السيطرة الحكومية على وسائل الاعلام.

4- تشجيع التعددية المحلية والتفاعل بين المرسل والمستقبل والاتصال الافقي الذي يشمل كل مستويات المجتمع.

5- اهتمام وسائل الاعلام بصورة اكبر بالحياة الاجتماعية، وان تخضع هذه الوسائل لسيطرة مباشرة من جمهورها.

6- تقدم وسائل الاعلام فرصاً للمشاركة على اسس يحددها مستخدموها بدلاً من المسيطرين عليها.

يمكن القول ان نظرية المشاركة الديمقراطية قد جاءت بعد دراسة نقدية للواقع الاعلامي في الغرب، فبعد ان اختارت الدول الاوربية نظام الاذاعة العامة (الحكومية) بديلاً عن النموذج التجاري الامريكي، كانت هنالك توقعات بشأن قدرة الاذاعة على تحسين الاوضاع الاجتماعية والتغيير الديمقراطي الذي بدا مع الثورة السياسية في القرن التاسع عشر، الا ان الممارسات الفعلية ادت الى حالة من الاحباط وخيبة الامل بسبب التوجه نحو الصفوة من قبل بعض مؤسسات الاذاعة لعامة واستجابتها للضغوط السياسية والاقتصادية وسيطرة الاعتبارات المهنية.

ويتوقع خبراء الاعلام والاتصال ان تفتح التطورات التكنولوجية وثورة الاتصالات افاقاً ارحب امام هذه النظرية من خلال اتاحة خفض اسعار المنتجات الاعلامية والوصول الى مزيد من قنوات الاتصال الالكترونية لكن تأثير مثل هذه القنوات الجديدة على اوضاع وسائل الاعلام القائمة الان في العالم سيظل تثيراً هامشياً خلال المستقبل المنظور.

توظيف النظرية عراقياً:

بعيداً عن التنظير يكون السؤال المشروع عن امكانية الافادة من اطروحات هذه النظرية الاعلامية في الواقع العراقي بعد التغيير الديمقراطي؟

اننا نرى ان هنالك بعض الاسس التي ترجح امكانية الافادة من نظرية المشارؤكة الديمقراطية في هيكلية الاعلام العراقي لعل ابرزها:

1- وجود تعددية اجتماعية وثقافية واضحة في المجتمع العراقي، وبالتالي فأن المجتمعات والاقليات بحاجة الى وسائل اتصال خاصة بها تلبي احتياجاتها الثقافية والاجتماعية.

2- الخوف المشروع من طغيان الطابع التجاري المحض على محتوى وسائل الاعلام الكبير في المستقبل لاسباب تتعلق بتمويل هذه الوسائل الملكف.

3- التجربة الفاشلة للاعلام الحكومي المركزي وطابعة البيروقراطي المقيد للطاقات والحرسات.

4- حاجة المجتمع العراقي للاتصال الافقي الواسع بين قطاعاته وشرائحه المختلفة لتعزيز روح المواطنة والوحدة الوطنية وفتح قنوات جماهيرية للحوار بعيداً عن اية وصاية سياسية.

5- الحاجة الماسة لمشاركة المتلقين اي جمهور وسائل الاعلام بعملية صنع ابقرارات وتحديد السياسات الاعلامية وعدم ترك هذه المهمة للمهنيين فقط لخطورتها وتاثيرها البالغ على الراي العام.

6- افتقار الساحة الاعلامية العراقية لوسائل اعلام صغيرة او محلية نشطة وفاعلة وذات تاثير قوي على متلقيها.

حرية وسائل الاعلام في العراق

الديمقراطية في العراق لايمكن ان تتعمق وتنجح من دون الاستعانة بالدور المهم لوسائل الاعلام اولاً وقبل ذلك لابد ان يكون لهذه الوسائل الاعلامية حرية اكبر في:

1- تناول الموضوعات.

2- اغناء النقاش.

3- طرح الافكار.

4- تداول المعلومات ليكون المواطن مطلعاً ومشاركاً بشكل ايجابي في انجاح التجربة الديمقراطية في العراق..

ولابد من القول ان وسائل الاعلام العراقية قامت بدور كبير تجاه ترسيخ مظاهر العملية الديمقراطية في العراق من خلال:

1- زيادة الوعي الديمقراطي لدى المواطنين وتعريفهم باهمية شيوع الديمقراطية كجزء من التحول من مجتمع تحكمه الدكتاتورية المركزية الى مجتمع منفتح تحكمه المؤسسات الديمقراطية.

2- تسليط الضوء على حقوق الانسان واهمية الحفاظ على حقوق الانسان والدعوة لكشف اي انتهاك لهذه الحقوق.

3- الدعوة الى المشاركة الفعلية الجادة في الانتخابات المتعددة التي جرت في العراق.

4- تفعيل مشاركة المرأة سواء في صنع القرار او لعب دور ايجابي سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وغير ذلك.

5- التعريف بالاحزاب والشخصيات السياسية وكشف البرامج الانتخابية لكل منهما.

6- ممارسة النقد والرقابة على الاداء الحكومي والتشريعي والقضائي وغير ذلك.

7- الوقوف بوجه الدعوات الطائفية والعنصرية.

8- اطلاع المواطن على مستجدات الاحداث في كل مفاصل الحياة العراقية سياسياً،اقتصادياً، اجتماعياً،وعسكرياً.