23 ديسمبر، 2024 12:33 ص

الحلقة الثانية
لا زال الحديث عن ( الكلمة القضائية ) و هو عنوان يمكن اعتماده للإعلام القضائي ، و هذه الكلمة تنتمي إلى عوالم السلطة التي تتحرك بها ، فليس من شأن القضاة بأي حال من الأحوال أن ينتموا لفريق صناعة الرأي إلا من ينتمي للوسط الثقافي و الإعلامي منهم و لا يكتفي بالوسط القضائي و القانوني ، و هذا ما يقوم به القضاة في كل البلدان العالم ، بل قد تجد من يفلسف ضرورة العزلة القضائية من أجل حفظ الحكم القضائي من المؤثرات الثقافية و الاجتماعية فضلا عن السياسية ، إلا أن مفهوم ( الكلمة القضائية ) يرتبط ببعدين :
الأول : سياقات التحدي القضائي العراقي
الثاني : صناع الكلمة القضائية
يرتبط البعد الأول بعوامل مفروضة على الوعي العراقي ، تتمثل بفوضى الإعلام الذي أستعمل كأبرز سلاح في صراع المشاريع و المصالح في العراق ، و تمثل بعناوين مختلفة أبرزها التسقيط و التشهير و إسقاط الثقة و غيرها ، و لأن لا ضابط لهذا وجب تطوير ألآليات الإعلامية ؛ فمن غير المعقول أن نقبل مقولة : أن تنظيم داعش أسقط بعض المدن إعلاميا ، و كأن هذه الجماعة الهاربة تملك إعلام و الدولة العراقية بكاملها من غير إعلام
أما البعد الثاني : فلا يرتبط البتة بجدلية اللغة القضائية و اللغة الإعلامية ، فليس على القضاء أن يغير معجمه من أجل كلمة إعلامية تحفظ هيبته و استقلاله و تساهم في عمليات تطويره ، و إنما عليه أن ينفتح بصفته سلطة قضائية بكافة خصوصياتها على صناعة إعلامية تعتمد الآليات المناسبة لتحقيق الأهداف سالفة الذكر
 
و أول هذه الآليات هي إنهاء حالة الغربة التي تعيشها ( كلمة القضاء ) مع الوسط الإعلامي و مؤسسات صناعة الرأي في العراق ، و بغير هذا لن تسلم القرارات القضائية من الأذى بسمعتها ما دامت تقدم كنتائج أو عناوين ، و تقبع حيثياتها في الفضاء القضائي الخاص ؛ فالعاملون في الإعلام العراقي يوميا يتلقون أخبار وعناوين من الجهات المختلفة ؛ و لأن ثقافة التخصص الإعلامي غائبة باستثناء الإعلام الحربي في الفترة الأخيرة و إلى درجة ما الإعلام الرياضي و الاقتصادي ، سيكون الخبر عرضة للانتهاك ، و هذا ما حصل في أكثر من مثال كقضية الدعاوى التي تقدم بها وزير الدفاع السابق السيد خالد العبيدي و غيرها ، فيما يعتمد الإعلام الحديث على فتح خطوط تواصل و لقاءات مع صناع الرأي من الإعلاميين و الخبراء لوضعهم في سياقات العناوين التي تظهر عن الإعمال و القرارات ، و هذا بالفعل ما صارت تقوم به الكثير من الجهات الحكومية و السياسية و هو في مرحلة تطور ممتازة …. ينبغي أقامة صداقات إعلامية ؛ لأن هؤلاء يرتبطون بصداقة واسعة مع الجمهور ، و هم بذلك الأجدر في القيام بدور الوسيط في إقامة علاقة إيجابية بين السلطة القضائية و المواطنين ( لأن صديقك من صدقك ) و هو الموضوع الذي تحدثنا عنه في الحلقة الأولى من هذين المقالين كضرورة من الضروريات القضائية .