الوعي القانوني لصاحب الحق القانوني هو السلاح الأكثر تأثيرا عند توفر بيئة سياسية وقانونية مستقرة ، فضلا عن انه السلاح الوحيد عند عدم توفر تلك البيئة .
يتصل بي الكثيرون من اصحاب الحقوق المغتصبة والمظلومين ، وهذا شرف لي لا بعده شرف ، فيبدأ احدهم بشرح قضيته وكأني لم اسمع العشرات ان لم تكن الآلاف ، ويشرح كيف احالوا معاملته الى مديرية التقاعد العسكري او مديرية المحاربين / الكيانات المنحلة او هيئة التقاعد الوطنية وكل ذلك بالتفصيل الممل وكان قرارهم برفض طلبه او قالوا له أن الأمر ينتظر قرار لجنة وألى آخره من صور الفساد الاداري ، الذي هو عادة يفضي او يهدف الى الفساد المالي ، والدليل هو انه لو سارت الامور بشكل شفاف لما اضطر مواطن لدفع الرشى ، وعليه يمكن القول ان تلك الحواجز والتأخير المتعمد الهدف منه الحصول على تلك الرشى
المحاماة رسالة قبل ان تكون حرفة ، ولذلك ومنذ سنين لا اظهر للمتصلين الحاجة الى محام بل انصحهم بأن الدستور لا يحصن اي قرار اداري حتى لوكان صادرا من مجلس الوزراء من الطعن لدى القضاء ، بل ان حتى القانون هو غير محصن من الطعن بدستوريته لدى المحكمة الاتحادية العليا ، الا ان الحالة الثانية تشترط وجود محامي من الدرجة (ج) .
كيف يتم استكمال خارطة الطريق لتحصين الفساد؟؟ انه يتم بعزل المواطن عن القضاء فضلا عن التشويش بإن القضاء فاسد فلا تضيعوا وقتكم وادفعوا بالتي هي احسن (التوريق) .. وهنا اعترف لكم ان الفساد حالة عامة في البلد ولا يمكن ان تخلوا اية جهة منه ، ولكن بدرجات ، ولعل خبرتي المتواضعة قد تتيح لي القول ان درجة الفساد في القضاء هي الاقل في الوقت الحاضر لأسباب عدة منها انه يتعامل مع مواد قانونية لا يتمكن من نسف الكثير منها كما يحصل في المؤسسات الادارية .
عليه ينبغي على كل صاحب حق التزود قدر الامكان بالوعي القانوني ، فلا يجوز لمشمول بقانون المساءلة ان لا يقتني القانون نفسه او مشمول بقانون الحجز والمصادرة لا يقتني القانون 72، او صاحب حق تقاعدي لا يقتني القانون الموحد .
هذا كله ما يجعلك مسلحا وتعرف ان الذهاب للقضاء يتطلب منك ان تقدم طلبا رسميا للجهة التي ظلمتك قبل مرور شهر على ظلمك بعدها تظلما بعدها القضاء أن اجابتك او لم تجبك تلك الجهة ضمن الفترة القانونية (الاجابة ينبغي ان تكون رسمية ومسببة) وليست كإجابات القسم العسكري او دائرة التقاعد العسكري ، ولا نبق نراجع هنا وهناك ونضيع وقتنا وحقوقنا في الوقت ذاته ..
لا بد لكم ايضا ان تطلعوا على المادة 329 من قانون العقوبات الرقم 111 لسنة 1969 المعدل لتجدوا ان اضعف مواطن يمكنه اقامة الدعوى في محاكم التحقيق على حتى رئيس مجلس الوزراء او أي من السادة الوزراء كونهم يحملون صفة ( موظف حكومي ) يطلب مقاضاته بموجب تلك المادة التي نصت على (( يعاقب بالحبس او الغرامة… كل موظف … استغل وظيفته في وقف او تعطيل الاوامر الصادرة من الحكومة او احكام القوانين والانظمة او اي حكم او امر صادر من احدى المحاكم او اي سلطة عامة مختصة…. )) وتنص الفقرة (2) من نفس المادة على (( يعاقب بالعقوبة ذاتها كل موظف .. امتنع عن تنفيذ حكم او امر صادر من احدى المحاكم او من اية سلطة عامة مختصة بعد مضي ثمانية ايام من انذاره رسميا بالتنفيذ…)) والحالة الثانية افضل كونها اسهل حيث الذهاب الى كاتب العدل وانذار الموظف وهو سيرعوى على الاغلب قبل المحاكمة
لو تصرفنا جميعا بهذه الروحية الا نكون مساهمين في القضاء على ربع الفساد الاداري والمالي ؟؟ وأليس ذلك افضل من ان نكون راشين ومنبطحين امام الفاسدين ، او منتظرين ان ينصلح الجهاز الاداري من الداخل بقدرة قادر خصوصا وأن الفساد بات شبكة متضامنة متكافلة ؟؟
هيأة النزاهة منشغلة بمكافحة الفساد المالي ولا نخسر شيئا اذا دخلنا موقعها وقلنا لها مثلا ان الفساد الاداري عارم في وزارة المالية وأن قرار رفع الحجز المرقم كذا باسم فلان صدر من الامانة العامة قبل سنتين ولم ترفع الحجز لحد الآن . . وهل يمكن للنزاهة ان تهمل الف طلب ، وهل يمكن لوزارة ان تهمل الف انذار والف دعوى قضائية ؟؟ الجواب لكم
انها ثورة سلمية قانونية ضد الفساد ، وسنحصد ثمارها عاجلا ام آجلا ولا تسوا وأكرر انه ان كان لديك حق لدى هيئة التقاعد قدم طلبا رسميا واطلب الاجابة الرسمية واطعن بالقرار لدى مجلس تدقيق قضايا المتقاعدين او محكمة القضاء الاداري، وهكذا