23 ديسمبر، 2024 5:05 ص

‎ضربة “المُعلم” في معركة الفلوجة

‎ضربة “المُعلم” في معركة الفلوجة

لطالما كان مبدأ التوقيت او اقتناص اللحظة الحاسمة سواء في معارك السياسية اوفي ميادين الحروب مؤثرا وفاعلا في في تغيير مجرى المعركة وتوجيه بوصلة الصراع او حسمه باتجاهات معينة بالنظر الى الظروف الموضوعية والحالة المعطاة بما يؤدي الى كسر الجمود او الركود المعاش او قلب الطاولة على الطرف الاخر وسحب البساط من تحت قدميه. 
ما تقدم ذكره ينطبق على الحدث الأبرز هذه الأيام فقد كان اختيار توقيت معركة الفلوجة ضربة “مُعلِم” احترافية عرفت ” من اين تؤكل الكتف ” إذ  تكمن أهميتها الاستراتيجية الكبرى في اختيارها للحظة المناسبة “الحاسمة” عسكريا وسياسيا والامساك بزمام المبادرة واختطاف عنصر المبادأة في لعبة جر الحبال وصراع الارادات المتناقضة والعقول الاستراتيجية الجاري منذ عقود في المنطقة فقد ادار هذا التوقيت دفة المعركة وغيرها باتجاه اخر بخلاف الاتجاه الذي اراد الأعداء خلقه في الخارج ودفع العراقيين الى مصيدته في الداخل مستثمرين حالة التشنج الجماهيري والاختلاف السياسي بفعل شعارات الإصلاح ودعواته التي تبنتها غالبية القوى السياسية العراقية واختلفت في كيفيتها واسلوبها فقبل يومين فقط من انطلاق معركة الفلوجة الاستراتيجية كان هناك تخوف وقلق كبيرين في الشارع العراقي من إمكانية حدوث فتنة واضطرابات داخلية تؤدي الى مضاعفة حالة الارباك التي يعيشها النظام السياسي بما قد يدفع الى انهيار العملية السياسية بفعل الأداء السيء لرأس السلطة – الذي كاد ان يحول شعارات الإصلاح الى دماء وجراح – وعوامل أخرى خارجية عدوانية اخترقت الساحة العراقية وتداخلت مع مساراتها وتشابكت مع خطوطها لتتغير بالتالي بوصلة الأوضاع العراقية ومزاجها العام واهتماماتها الأساسية واولوياتها الرئيسية واتجاهات مساراتها العسكرية والأمنية والسياسية والإعلامية والجماهيرية ولينتقل رئيس الوزراء من خندق الابتزاز والضغوط الأميركية الى الخندق الوطني العراقي وليستثمرها سياسيا لصالح رغباته وحساباته السياسية فضلا عن انعكاسات هذه المعركة ذات القيمة العالية محليا وإقليميا ودوليا على مجمل ساحات الحرب العالمية الثالثةالتي تجري معارك الظل فيها لتقاسم الهيمنة والنفوذ والسيطرة على ارضناومنطقتنا.
المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين واستثمار والتأثير في ” سايكولوجيا “الجماهير والرأي العام في التوقيت السليم والمرحلة المناسبة هو السلاح الأمضى في المعركة والمؤثر الأكبر والضامن للمستقبل فلابد من اخذ الدرس وتوظيف الفرصة التي تكررت اليوم وخلقت أجواء شعبية إيجابية بعد ان فشلنا في استثمار “سايكولوجيا ” الجماهير والرأي العام في التوقيت السليم والمرحلة المناسبة قبل عام من الان أيام تطهير محافظة صلاح الدين واقضيتها وبعض المناطق والمدن المحيطة بها حينما عشنا أجواء وطنية حشدية استثنائية لم يتم توظيفها جماهيريا واعلاميا وعسكريا وامنيا وحتى سياسيا في مسار المعارك الفرعية الدائرة في دول المشرق الإسلامي في إطار الصراع الحضاري والتاريخي الجاري.