سأل الإمبراطور الياباني مستشاريه بعد أحداث هيروشيما من أين نبدأ؟ فكان جوابهم بألاهتمام بالعقول والبعثات, الا أن القدرات المالية لليابان كانت محدودة آنذاك فأختارت اليابان الجوع من أجل تطوير العقول وأستثمار الكفاءات, فكانت بداية مشوار الألف ميل.
لمن يطلع على واقع التعليم العالي في العراق يدرك أنه لا يختلف تماما عن واقع العشوائيات في بلاد الرافدين, هذا هو الوصف الدقيق الذي ينطبق على واقع التعليم العالي.
الإهمال الذي تعانيه الجامعات العراقية في بغداد والمحافظات من جانب, وغياب الرؤية والتخطيط حولت الجامعات الى مجرد مؤسسات تخرج جيوش من العاطلين عن العمل, أضافة ألى اعتماد النزعة الفئوية الضيقة في تعيينات الأساتذة في عموم جامعات العراق, فمن كان ينتمي لنفس القائمة الحزبية التي ينتمي لها الوزير يمكن أن يصبح أستاذا في الجامعة ليروج فيما بعد لقائمة الوزير في الأنتخابات! كل تلك التراكمات أدت ألى تراجع واقع التعليم العالي في العراق.
وصل عدد العقول العراقية المعطلة إلى ما يقارب 5 الآف من حملة الشهادات العليا الحاصلين على الماجستير والدكتوراه بمختلف الأختصاصات, وذلك لأن التعيينات في وزارة التعليم مغلقة يستثنى من ذلك من كان ذو حظ عظيم, فكل الأبواب مفتوحة لبعض المافيات, رغم أن المرجعية الرشيدة أكدت مرارا وتكرارا على موضوع العقول المعطلة, وكل رجال الدين من مختلف الطوائف أكدت على هذه القضية لكن أسمعت لو ناديت حياً.
يضاف اليوم ضحايا جدد الى قائمة التعليم العالي وهم الطلبة المبتعثين, تلك القضية التي أثارت جدلاً واسعاً في الشارع العراقي, وجوبهت بأستهجان كبير من قبل عموم العراقيين, الا أن الوزارة لم تحرك ساكنا أزاء ذلك, فقد ركنت القضية على رف من رفوف النسيان, وأضيف مرض آخر ألى الأمراض المستعصية التي أصابت قلب وعقل التعليم العالي في العراق.
قبل أيام كشفت النائبة عن التيار الصدري ماجدة التميمي أن ضيافة أحد الوزراء تصل ألى ما يقارب 100 مليون في الشهر الواحد,( طبعا الموضوع قبل تخفيض النفقات) ياترى كم أصبحت نفقات السيد الوزير بعد التخفيض؟! لمن يسأل عن أسباب تأخر العراق فالجواب هو كالآتي, جاع شعب اليابان من أجل تعليم أبنائهم, أما في العراق يجوع العراقيين جميعاً والطلاب المبتعثين قبلاً منهم لكي يشبع الوزير!