العرش المقصود به هنا هو ليس العرش الإلهي لله تبارك وتعالى، وانما العرش الدنيوي المادي المرتبط ببني البشر الذي يطلق عليه بصورة عامة بالكُرسي.
الكراسي في الدُنيا كثيرة ولكل واحد منها إسم خاص، كُلٍ حسب وظيفته في المكان الذي يشغله؛ مثال ذلك الكرسي الذي يتواجد بداخل صالون الحلاقة يسمى بكرسي الحلاق، والكرسي الذي يتواجد في مكاتب السلطة يطلق عليه كرسي السلطة.
صاحب السلطان كراكب الاسد، في لحظة يفغل عنه صاحبه يؤدي به الى سقوطه من على ظهره فيفترسه، فالشواهد كثيرة على مر العصور، يروي لنا التأريخ عن مصرع البعض ممن اتته السلطة، فكانت اغلب مصارعهم من حيث ارادوا الناصر اتاهم الخذلان، المتوكل العباسي دخل عليه رجل هندي يحمل سيفً اخذ ببصر المتوكل فاشتراه منه بمبلغ عشرة آلآف دينار، اراد منه ان يكون ردأً من اعدائه ليفتك به كل من عارضه ولو بالقول فاتاه الموت من حيث كان يفر، فصرع بالسيف الذي اشتراه على يد ولده، كذلك الامر بالنسبة من لم يتقن ان يجمح لِجام الكُرسي الذي يتبؤ عليه السيد المسؤول في ترويض مركوبه، متمثلاً بعدم الخنوع له ولمغريات هذا الكرسي الذي يتربع عليه، فالكثير ممن لم يصمد امام مغريات الكراسي، فمنهم باع دينه ومنهم من باع دينه ودنياه من اجل دنيا غيره، ان يُجمل الكرسي بجلوسه عليه لا ان يُجملهُ الكُرسي.
سئل الخليل إبن احمد الفراهيدي عن الإمام علي (ع)، قال في جملة ماقاله: تزينة الخلافة بشخص علي وليس عليٌ تزين بالخلافة.
صراع العروش “الكراسي” من اجل الحصول على افضل المكاسب مهما كان الثمن وليس من اجل تقديم افضل الخدمات للمجتمع، وهو الصراع الدائر بين من يطلب المكاسب الشخصية فنطلق عليهم بتُجار المناصب وحتى هذه الفئة تتصارع فيما بينها ويكن عن طريق تسقيط الاخر ليظهر بانه افضل من غيره والتسقيط يتم بشتى الوسائل، وبين من يجعل الكرسي وسيلة لخدمة الناس.
بدأت مرحلة التسقيط بين الكيانات والشخصيات السياسية فيما بينها مع بداية تشكيل الأئتلافات السياسية، كُلٍ يرشق الاخر بالتهم لاسيما اللذين افتضح امرهم واصبحت حضوضهم بالتجديد لهم شيء مستحيل بعدما ان فشلوا في خدمة الشعب، فيعملون على تظليل عامة الناس بالاكاذيب والاقاويل فهذا يخاطب الناس مدعياً إن الكتلة السياسية فاسدة وعملت على هدر المال وتبديده وعطلت العملية السياسية وذاك يقول انت تأوي الفاسدين وتمنحه صك الغفران بتسفيره خارج البلاد وكلاهما فاسدان ومفسدان، وبين هذا وذاك الضحية الشعب والوطنيين الذين يحملون مشروع خدمة وطن، فاختلط الامر لدا الجمهور فاختلط الحابل بالنابل وانعدمت الثقة لدا المواطن بسبب ما فعله المفسدون بسبب صراعهم على المنصب وليس صراع في تطبيق البرامج الانتخابية.