23 ديسمبر، 2024 5:15 ص

صُورَة الأب في مَسْرَحيَّة رَجُلِ الصُّدفَة لِلكاتِبة الفَرنسيَّة يَاسمِنَه رِضَا 

صُورَة الأب في مَسْرَحيَّة رَجُلِ الصُّدفَة لِلكاتِبة الفَرنسيَّة يَاسمِنَه رِضَا 

الصوت الداخلي للشخصيتين هو الأساس في بناء النص، وهو عبارة عن مقاطع حوارية داخلية ( منلوج ) تكشف تاريخ الشخصية، رغباتها، دوافعها، وَاِنكسارَاتها.
ما الذي يجعل اللقاء بين شخصين غريبين، لا يعرف أحدهما الأخر، وفي مقام عام محدد بالمكان، هو مقصورة قطار، وفي وقت مُعيَّن بالزمن ساعة وعشرين دقيقة، هو زمن الرحلة ما بين باريس و فرانكفورت، موضوعا لمسرحية ؟ رجل وامرأة جالسان احدهما مقابل الاخر، لا يتحدثان، إنهما يفكران بصوت عالٍ، إنها تراقبه لانها عرفته.
هَلْ تصْلح هَذِه المُعطَيَات لِأَن يَصْنَع الكاتب مِنْهَا مَسْرحيَّة رَجل الصُّدفَة l’Homme du hasard ِللكاتِبَة الفَرنسيَّة يَاسْمِينة رِضَا Yasmina Reza.
المعروف عند لقاء شخصين أو أكثر في مكان عام ولا أحد منهم يعرف الأخر فأن الصمت هو القاعدة، والكلام يجب أن يكون مبررأ وإلا يصبح ثرثرة لا معنى لها. كما يقول أستاذ الأجتماع واللسانيات إيرفنك كوفومان في كتابه طرق الكلام.
من هذه الفكرة البسيطة وضعت الكاتبة المسرحية ياسمينة رضا، رجل جالس مقابل أمرأة في مقصورة القطار لا علاقة بينهما، الرجل في منتصف الستينات والمرأة في الأربعينات من عمرها، ما الذي يمكن أن يحصل بينهما ؟ قصة حب، ربما. وهل هذا يكفي ؟ بالطبع لا. ولكن الكاتبة كعادتها في مسرحياتها السابقة “محادثة بعد الدفن ” و مسرحية “الفن” -وهي اول مسرحية لها- معضم شخصياتها هي في عمر متقدم، ولهم ماضي، أسَسَت جزء كبير ومهم من حَيَاتِهَا، ولها علاقاتها وأزماتها الأجتماعية والنفسية. فما الذي يجمعهما لتنسج حواراً بينهما ؟ بينما قلنا في المقدمة أن الصمت هو أقرب الى حالتهما ووضعيتهما وإذا حصل وأن تحدثا فسيكون الكلام لا معنى له.
الرجل “بول بارسكي” كاتب وروائي مشهور، وصل الى حدٌ الشك في قدرته على كتابة أشياء جديدة ومثيرة ومتميزة كما في السابق، ويحس بمرارة عميقة، وأن قدرته في أثارة أمرأة ما أمر قد يكون أ صعباً، فهو يشعر أنه على أبواب الشيخوخة ويحس بالأنكماش، ويجد أن وقت الرحلة فرصة ليختلي بنفسه ويحاول أن يناقِش أمور معلقة في حياته أضافة الى مراجعة علاقاته الأدبية والعائلية المضطربة لأن أبنته جاءت له بصهر المستقبل على عكس ما يشتهي أي أب، رجل كبير في السن والأسوء أنه يتكلم بصوت منخفض، بينما هم في العائلة يتحدثون بصوت مرتفع وحاد منذ أجيال كما يقول: “وكيف أستطيع أن أعلم رجلاً بلغ الخمسين من عمره”.
المرأة “مارتا” مرت بعلاقات حب كثيرة وأكثرها فاشلة مع أنها تضل تحتفظ بواحدة رغم أن الرجل تزوج ولكنها تلتقي به من فترة وأخرى لتحضر معه حفلات موسيقية، وكل منهما يوهم الأخر أنه ما زال هناك خيوط من الرغبة تشد كل منهما للأخر. أنها تشعر انه يراها وهي تفكر بصديقها سيرج الذي كان أكبر منها سناً وتوفى للتو وتشعر انها تفتقده بشكل فضيع، في الماضي كانت تفضل صداقة الرجال ولكنها مع الزمن أكتشفت أنها لا تستطيع أن تقول كل شيء لهم ولهذا أحتفضت بصداقة نساء قليلات.
أن الشيء المثير والوحيد، الذي يشدٌ بول ومارتا أنها تكتشف أن الرجل الجالس أمامها هو كاتبها المفضل الذي تعرف كل شيء عنه وتتابع أخباره وقرأت كل رواياته وتشعر أنها تحبه، هذه العلاقة الملتبسة تجعلها لا تفصح عن معرفتها له، مع أنها تحترق للتحدث إليه وهي التي تحمل في حقيبة يدها أخر رواية له (رجل الصدفة)، والذي هو في نفس الوقت عنوان المسرحية. وتقرر مارتا أن لا تخرج الرواية وتقرأ أمامه، لأن المتخيل قد لا يتطابق مع الواقع كما قيل لها. انها تتأمل هذا الرجل الجالس أمامها.وتبدأ لعبة المراقبة لمعرفة حقيقة هذا الرجل الذي تعتقد انها تعرفه، وتقول له في نفسها بصوت عالٍ ” سيد بارسكي، انا مستعدة لأي مغامرة معك” وتبتسم من هذه الفكرة. أنها عاشت سنوات كثيرة معه، مع رواياته، وأنه أستل من حياتها ومن الشخصيات المحيطة بها والقريبة منها شخصيات رواياته كما تتصور.
أي شيطان صنع هذه الصدفة ؟ وتتلذذ مارتا في مدٌ زمن تفوقها هذا، لانها تعرف من هو ولأنها تعرف أنها ضعيفة أمامه فإذا كشفت معرفتها له تسقط في فخ عدم التكافؤ وتعتقد أنها تملك وتمسك زمن الرحلة، وتستطيع أن تتحكم في لحظة كشف الحقيقة له بأنها تعرفه منذ زمن بعيد وكم أختلفت مع صديقها “جورج” بسببه لأنها كانت تدافع عنه وعن أدبه.
لقد صنعت رضا مسرحيتها من سلسلة متتالية من “منولجات” طويلة، أصوات داخلية لكل من بطلي المسرحية ما دامت أن القاعدة هي الصمت بين شخصين أحدهما لا يعرف الأخر، فلجأت الكاتبة الى وسيلة أدبية ذكية هي تجزيئة كل الحوارات الداخلية الطويلة الى مستويات مختلفة من الكلام، لتتخلص من الرتابة، بمعنى أخر تشطير الشخصية الواحدة الى شخصيات متعددة والى ثلاثة مستويات، المستوى الأول الذي هو صوت الشخصية الحاضرة الأن، والتي تتحدث عن الحاضر، وهذا نجده ونراه بوضوح عندما يتحدث عن المرأة الجالسة أمامه وعن وضعه الشخصي. المستوى الثاني الذي قد ينفي ويعارض ويناقش ويوضح ويجيب عن احداث عاشها. في حين أن المستوى الثالث من الشخصية يتم أستعارتها من الماضي أو المستقبل بل وفي بعض المنولجات تستعير أصوات شخصيات مرت بها في الحياة الواقعية أو المتخيلة. أي أن كل منلوج يحتمل مستويات متعددة. ولهذا نجد أن المنلوج الواحد يتحول الى أجزاء من الحوار المسرحي. وهو نفس الأسلوب الذي أستخدمته مع المرأة مارتا وبالتالي هو الأسلوب الذي عرفت به ياسمينة رضا في مسرحياتها ورواياتها.
ولهذا أعتقد أن المسرحية هي هدية للممثل المقتدر. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، نجد أن النص لا يحتوي على أي إشارات وأرشادات للممثل أو المخرج حتى أننا لا نجد أي تنبيه أو وصف للديكور أو الملابس أو الأضاءة او الأصوات عدا ما نجده في الحوار إذ تقول مارتا أنها حسنا فعلت في أرتداء التاير الأصفر، ووضعت المكياج وصبغت شعرها. أما بالنسبة للأكسسوار، فنعرف أنها تحمل حقيبة في يدها وداخلها الرواية الأخيرة للكاتب. وحقائب سفر، كما توجد صورة فوتغرافية مثبتة فوق المكان الذي يجلس فيه بول. ويمكن للمخرج أستخدام صوت حركة القطار والأضاءة المتحركة الأتية من نافذة المقصورة، والتي يجب أن يكون جزأها الأعلى متحركاً نحو الأسفل، والمشاهد السريعة التي يمرّ بها القطار . وأيضاً أستخدام مرور بعض المسافرين أمام المقصورة وكل ذاك متروك لمخيلة المخرج.
تبدأ المسرحية في إيقاع بطيء. كل شخصية تتحدث عن وضعها النفسي والأجتماعي وتاريخها والشخصيات المقربة لها، ونعرف من أول جملة يقولها الرجل أنه يشعر بالمرارة من كل شيء، كما يتحدث عن مرضه وحالته الجنسية ويسخر من صديقه يوري الذي يقترب من السبعين ولديه عشيقة يابانية ويعرف أنه لا يستطيع ممارسة الجنس معها بشكل معقول لأنه مصاب بمرض البروتستات وعن الأحباط الذي يشعر به تجاه النساء وكيف يمنعه المحامي من كتابة سيرة حياته لأنه يقول أن سيرة الكاتب تأتي بعد موته. كما يقول أنه يرفض الظهور في البرامج الأدبية ولكن الشخصية الثانية تسرع في الرد عليه وتقول له لأنك متغطرس، كما تذكره بكثرة مقابلاته في الصحافة. ولدى بول مشاكل أدبية مع النقاد وأخرى مع أبنته التي تحب رجلاً يكبرها كثيراً في السن وله صوت خافت بطيء بينما يقول لصديقه جان كيف تريد مني أن أتفاهم مع رجل يتكلم بصوت منخفض ونحن لا نتحدث إلا بالصراخ ويعود بول الى دور الأب الطبيعي ويتسال، ألا يحق للأب أن لا يوافق على زواج أبنته من رجل عجوز ؟ “لماذا لم تاتي لي بشاب أستطيع أن أعلمه كل شيء”. وتتداخل حوراته مع حورات وشخصيات من رواياته.
أما مارتا فهي تتذكر مقاطع من روايات قرأتها للكاتب، ومن ثم تتحدث عن صديقها سيرج الذي مات في المستشفى، وهو يضع صورة والدته في درج منضدة السرير مع انه كان يتحكم طول عمره بالرجال. هذا التناقض الذي نجده عندما يصبح الرجال على سرير الموت، وكأنه طفل يبحث عن أمه لتحميه في لحظة الضعف. كما يطلب منها أن تمنع الناس في ألقاء كلمات رثاء، ويطلب منها أن تضع موسيقى رومانتيكية معينة، ولكنه يخاف أن تكون رومانتيكية أكثر من اللازم. تقول مارتا :”قربك من الموسيقى هو أول شيء قربني منكَ”. وللموسيقى مكانة خاصة في نصوص ياسمينه رضا. ويتداخل كلام مارتا بين ذكرياتها مع أناس عرفتهم مع مراقبة الكاتب خلسة والتحدث عن رأيها في رواياته، وهي تخاف أن تكون لحظة التعارف قصيرة كأن تقول له : سيد بارسكي أن أعرفك وقرأت كل رواياتك ينحني لها مع أبتسامة تعبر عن شكره وبعدها ينقطع عنها الى صمته. “لأننا لا نستطيع التحدث بحماقة”.
وبعد هذه المقدمة البطيئة من المسرحية يبدأ كل منهما يراقب الأخر ويحاول أن يكتشف كيف يفكر، وتقول له لماذا لا ترفع عينيك نحوي وترى فأنا في أحسن حالاتي وتصف كيف أرتدت التاير الأصفر ووضعت الألوان على وجهها، وكان صبغ شعرها ناجحاً هذه المرة. وتحدثه عن صديقها وعشيقها السابق جورج والذي أرتكب خطأ في حقها في أحد الأيام وجاء بأمرأة أخرى معه والتي تزوجها فيما بعد وعندما صار له أبناً منها تحول الى رجل بيتي، وهو الرجل الفضائحي والوقح الذي ذاب في الأبوة. ومع هذا بقيت تلتقي به وتخرج معه الى حفلات لسماع موسيقى “برامز” متكأة على صدره وكل منهما يلعب دور العاشق كما في السابق، وفجأة تقول لبول لماذا أبوح لكَ كل ذلك ؟ وتجيب كل أنسان بحاجة الى شخص يستمع له، وليس سهلاً التحدث لاي كان.
ويتحول بول للتحدث عن سكرتيرته “سيردا” التي لا تعرف العمل على الكومبيوتر الذي أشتراه، وعن أبنها ويقول عنه :”لا وجود لها خارج معارضتها للحمر منذ أن خرجت من الأتحاد السوفيتي”. ويتحدث عن أرائه في المسرح والأدب الحديث التي هي في الحقيقة مزج من شخصية الكاتبة رضا، والتكوين الجسدي والسيكولجي للأب. فهي ترفض الظهور في البرامج الثقافية ولها اسلوبها الخاص في الكتابة المسرحية، وشخصية والدها الذي كان له علاقة حميمة بالموسيقى، وفكاهته وجنونه الناعم وطريقة كلامه، وكذلك الأيقاع في حركته، كل هذا نجده في ثنايا النص وفي الحقيقة الكاتبة رضا ترسم صورة والدها في صورة الكاتب بارسكي، مع أسقاط بعض المواقف الخاصة بها عليه.  تقول ” أن الأب موجود في النص بقوة ولكن هذا لا يعني أن بول هو صورة فوتغرافية من أبي ومن كل النصوص التي كتبتها فأن رجل الصدفة هو الأكثر الى السيرة الذاتية وهو الأقرب الى نفسي مع أنه ليس هناك وجود حقيقي لهذه القصة، ولا شيء ما في الترتيب الزمني، وحقيقة هذا الذي كتبته كنت قد فكرت به، وكل ما في النص قريب مني تقريباً وأنا أكتب المسرحية كنت أشعر أن أبي سيموت “. أن المسرحية هي نص داخل نصوص من الرويات المفترضة للكاتب بول بارسكي.
يحاول بول أن يحزر من تكون هذه المرأة ؟ هل هي ألمانية أم فرنسية، هل هي عائدة الى بيتها. ويستنكر كيف تسافر أمرأة لا تحمل معها كتاب للقرأة ولا حتى مجلة نسائية خفيفة. لماذا لا تحاول فتح باب الحديث. ومن المؤكد أن كل منا مر بهكذا موقف وسأل نفسه أسئلة كثيرة وحاول أن يجد أجوبة لها.
كل منهم ينظر للأخر خفية، ويقول أني أعرف أنك تنظر نحوي وتراقب حركاتي، وكل منهما يتسأل منْ الذي يبدأ الكلام أولاً ؟ ولكن ماذا يقول ؟ وعن ماذا يتحدث ؟ وتطلب مارتا من الله أن يستجب لدعائها “ألهي أجعله يحدثني” . وطال الأنتظار والصمت فيقرر بول أن يبدأ اللعبة ويقول بعد كل هذا الأنتظار:
-سيدتي أرجو المعذرة هل من الممكن فتح النافذة قليلاً.
-نعم الجو حار. بالطبع.
أجابت بدون تفكير وحتى نسيت بسبب المفاجأة أن تبتسم له.
ويعود كل منهما الى حواره الداخلي هو يعبر عن رضاه انه عرف أنها فرنسية وهي تعيب عليه بعد الدعاء، أن يقول ثلاثة كلمات تافهه لا تغير أي شيء، وتقول لنفسها أن من حقها الأن أن تتكلم، ولكنها تبدأ بأستعارة ذكرياتها عن مقالة قرأتها وأيضا تتحدث عن مرض أخيها النفسي الذي يعدُ كل شيء حتى البلاط الذي على الأرض ويرفض أن يمشي فوق لون معين. ولما كان زمن الصدفة الذي تملكه هو محدد بزمن الرحلة وتخاف أن يتسرب من بين يديها هذه الفرصة، فتقول لنفسها سأخرج كتاب رجل الصُّدْفة ومع هذا تخاف أن لا يلاحظها فتضع نفسها في وضع حتى يراها، فتخرج الكتاب الرواية، وتبدأ بقرأة نص منه، فيقول في نفسه كنتُ أعرف أن هذه المرأة مثيرة للأهتمام. ويحاول ان يكتشف في أي صفحة هي، أه انها تبتسم إذن فأنها تقرأ عن السيد “ستراتمير” وهو يتحدث عن مرض العَدّ، ويراقبها ليعرف هل ستضحك ويقول لنفسه أنها لا تعرف من أكون وإلا ما قرأت بهذه البراءة ثم يتساءل هل يصلح هذا الحدث فكرة لروايته القادمة؟ ويستمر الحوار الداخلي بينهما لفترة أخرى لدرجة تقول مارتا أنا لم أضع البدلة الصفراء من أجل لا شيء. أنا لم أصعد الى هذه المقصورة من أجل لا شيء. ويقول بول أنه يدعي أنه توقف عن هذه الأفعال الصبيانية، ولكنه يؤكد لنفسه أنها أمرأة جذابة ! وبعد تردد يقول جاء دورك في اللعب: سيدتي كيف أوضح  هذه الحاجة بأن أخترع أو أحلم بحياة أخرى. التَوَاجد ببساطة غير كافِ بحسب رأيكِ ؟
وتستجيب مارتا للعبة وتقول: أيها السيد، لا أعرف ما الذي تعنيه بالتَوَاجد بكل بساطة.
بكل بساطة لا وجود لها.
– هذا الكتاب سبق وأن قرأته أنا أيضاً.
– آه صحيح.
وبعد عدة أسئلة عن روياته السابقة، وما هو رأيها فيها، وكأنه ليس كاتبها، يبدأ بول بمهاجمة كاتب الرواية ويقول عنه أنه لا يهتم إلا بنفسه وأنه كاتب أثارة ولا يعرف عن تعاسة وأحزان الناس وهو عابث وليس كالشعراء الذين يمنحون الناس لحظات أبدية من السعادة، وفي ردها عليه تقول ايها السيد أنك لست عادلاً، وتقدم له مقاطع من نصوص له تثبت اهتمامه بالأخرين، وبحماسة تفقد السيطرة على اللعب، وتقول له بشيء من العتب: ليس لكَ الحق أن تكون مريراً لأنك منحتني ألف لحظة تشبه الخلود، ولا أعرف أي شيطان وضعني في هذه المقصورة. ولكني أعترف لك أني أحبك بجنون وتستدرك وتقول في زمن أخر كنت أستطيع أن أذهب الى أي مغامرة معك.
مشكلة النص، كثرة أسماء مؤلفين موسيقيين وأسماء قطع موسيقية معروفة لهواة الموسيقى والمختصين، وكعادتها ياسمينة رضا نجد  أسماء علمية للأدوية وأسماء الأمراض التي أصبحت جزءاً من حياتنا المعاصرة وهذا نجده في كل مسرحياتها تقريبا، وهناك ثرثرة زائدة لو حذفت لا تؤثر على سير المسرحية وربما تجعلها أكثر تماسكاً وأجمل إيقاعاً. ولكي أساعد القاريء والمخرج، كتبت* تعريفاً لكل أسم موسيقي ورد في النص والقطع الموسيقية وموقع المدن المذكورة في المسرحية، لأن النص كما أعتقد يصبح صعباً للجمهور العربي دون تعريف بسيط لكل هذه الأسماء، يكتب في برنامج العرض في حالة تقديمها على المسرح، كما أنها مسرحية غير مكلفة في أنتاجها. أن أيقاع النص يبقى مرحاً ويفتقد الى ضربة المفاجأة، أن الكاتبة تقوم بتعرية شخصيتي المسرحية، وتجعل المشاهد يتفرج على خصوصيات كل منهم وهو يصرح بها بصوت مرتفع.
المسرحية قدمت للمرة الأولى في مسرح هيبرتوت في سبتمبر 1995 من تمثيل فرنسواز فابين وميشيل أمون وأخراج باتريس أليكسندر. وقدمت بعد ذلك من تمثيل الممثل الكبير فيليب نواريه والممثلة كاترين ريش على مسرح الأتليه ومن أخراج فردريك بيليه كارسيا، كما قامت الممثلة جان مورو والممثل ميشيل بيكولي بتقديمها في أذاعة فرنس كلتور. أن النص لا يصلح لممثلين شابين، هو مكتوب لممثلين لهما خبرتهم في الأداء الطويل على المسرح، ومن أعمار متقدمة، ليكون الحدث اكثر مصداقية، حيث لا يصلح المكياج هنا في تكبير عمر الممثل الشاب.
*المسرحية من ترجمة كاتب المقال، د. سمير حنا
*عرضت المسرحية لأول مرة في 19 سبتمبر 1995، في مسرح ( هيبرتو ) في باريس، ونشرتها دار ألبان ميشيل في نوفمبر 2009. المسرحية تم تقديمها على كل المسارح الكبيرة في أوروبا، وهي تكاد تكون في كل عام ضمن برامج كل سنة تقريبا.