انتشرتْ في بعضِ مواقعِ التواصلِ الاجتماعيِ ظاهرةً (صورني) منْ قبلِ بعضِ الأشخاصِ لأيِ نشاطٍ أوْ فعاليةٍ يقومونَ بها، ثم، نشرهُ عبرَ وسائلِ الإعلام، ليتلقوا منْ الآخرين، الثناءُ والإشادة، أوْ السبِ والشتمِ، أوْ الاتهامِ أحيانا بالمتاجرةِ بأحوال المحتاجينَ والفقراء، منْ أجلِ الشهرةِ أوْ الطشة بالمفهومِ الشعبي. إنَ هذا النشاطِ الصوري، يحتملَ تفسيرين، وهما: الجانبُ الإنساني، والرياء.
التفسيرُ الأول: الجانبُ الإنساني؛ المتمثلُ بالبعدِ الإنسانيِ الموجهةِ للآخرينَ منْ أجلِ الاقتداءِ بهِ عبرَ هذهِ الصور، ليقوموا بعملِ مثله، أوْ مشابها له، أوْ أفضلَ منه، ففيهِ تتمثل الإنسانيةُ بعينها، منْ خلالِ الأعمالِ التي يقومُ بعضُ الأشخاصِ، وعرضها أمامَ الجمهورِ ، ليتلقوا المساهمةُ في دعمها، أو الإشادةُ بها، وهيَ خالصةٌ إلى وجهِ اللهِ – سبحانه وتعالى–، وخدمةُ المحتاجينَ دونَ النظرِ إلى صورهمْ أوْ دينهمْ أوْ مذهبهم، كما في صورِ الممثلةِ الأمريكيةِ (أنجلينا جولي) وبرفقتها العشرات منْ الأطفالِ المشردين، تتبناهم، ثم، تجنسهمْ الجنسيةُ الأمريكيةُ التي تحملها، واعتبارهمْ أولادها. أوْ كما، ما قامتْ بهِ المذيعةُ المشهورةُ ( أوبرا وينفري) ، وهي، تتبرعَ لبناءِ العشراتِ منْ المدارسِ والمراكزِ الصحيةِ في بعضِ الدولِ الأفريقية، وتقديمَ المساعداتِ الإنسانية المختلفةِ نعجزُ أنْ نعددها. أوْ ما يقومُ بهِ الناشطُ العراقيُ (هشامْ الذهبيِ) ، المسمى (أبو الأيتام) الذي شاع صيته في المجتمعِ العراقي، الذي اشتهرَ في مجالِ رعايةِ الأطفالِ والأيتامِ، وتأسيسِ ( البيتِ العراقيِ للإبداع) ، الذي يوفرُ لهمْ المأوى والدعم، والدراسةُ للأيتام والمشردين الأطفال، تحت إشرافهِ وبدعمٍ كبيرٍ منْ المواطنينَ والمؤسساتِ الخيريةِ بمختلفِ تسمياتها.
التفسيرُ الثاني: صورُ الرياء؛ التي يقومُ بها بعضُ الأشخاصِ، بمختلفِ وظائفهم، مناصبهمْ أوْ مهنهم، منْ أجلِ الظهورِ في وسائلِ الإعلام، بالجانبِ الظاهريِ لهم، ( الكرمُ والشيخوخة) مخفيا تحتهُ تاريخهم الأسودُ في التعامل في المالِ الحرام، لتعويضِ النقصِ الموجودِ في شخصيتهمْ أوْ أخلاقهمْ أوْ سوابقهمْ الجنائية، هذا ما عرفهُ الإسلام؛ الرياء: قيامَ الشخصِ بإظهارِ العملِ أوْ العبادةِ أوْ التصرفِ الذي قامَ بهِ أمام الآخرين ، منْ أجلِ تلقي المدح والثناءُ ، بدلاً عنْ أنْ يكونَ موجها خالصاً إلى الله- سبحانهُ وتعالى، كما في توزيع المساعدات على الفقراء مع كاميرة التصوير، أو تسديد مبلغ إيجار مواطن مع نشره في كل وسائل الإعلام، أو تسديد دواء عن مريض، ونشره في جميع صيدليات المدينة، أو التصرف بصفة القائد الاجتماعي لحضور المناسبات في الأفراح والأتراح. نختارُ بعضُ الصور منها، كما، في صورة، الختيار؛ الذي يقفُ شامخا مبتسما تحتَ لافتةٍ سوداءَ تنعى المتوفي بعد الانتهاء من الفاتحة، وضعتْ على جدارِ المسجدِ معَ بعضِ أصدقائه، وبزيهِ العربيِ الجميل، كأنما، جاءَ للشماتة بالموت، وليسَ المشاركةِ في العزاء، ليوصلَ رسالةً للمتابع لها: إنني حضرتْ الفاتحة! .
أوْ في الصورةِ الثانية؛ الختيارْ؛ واقفاً في فصلٍ عشائري، يصرخَ بأعلى صوتهِ ، بعد أن أسقطَ الفصلُعن عائلة المجني عليهم لخاطرٍ منْ خاطر.….! معَ العلمِ أنَ الفصلَ يتعلقُ بجريمةِ قتلٍ لشابٍ، ارتكبتْ الجريمة معَ سبقِ الإصرارِ والترصدِ، تكون عقوبتها الإعدامَ وفقِ المادةِ (106) منْ قانونِ العقوباتِ العراقي، منْ قبلِ أحدِ أفرادِ العشيرةِ الأخرى منْ أصحابِ السوابق، ليصور صورة مفادها: أغلقت الدعوى، أنا الحاكم العادل ..!
هذا يذكرني، بموقفٍ لطيف، بعدُ سقوطِ النظام في العام 2003، كنتَ أحضرُ أحدُ المجالسِ العلميةِ في منطقتنا الشعبية، لاستمعَ إلى المحاضر، وخلالَ المحاضرةِ ، يوزعُ لنا ( شباكُ زلابيةٍ ) ، وقبلُ نهايةِ المحاضرة، يأتينا شخص، يحمل، صندوقاًصغيراً، يطلبَ منا أنْ نضعَ (1000) دينارٍ في الصندوق، لا أعرفُ ليومنا هذا، هلْ هذا المبلغ الى للمحاضر؟ أمْ هيَ ثمنُ (شباك الزلابية). .! ومن بعدها لم أحضر أي محاضرة.