22 ديسمبر، 2024 8:23 م

قبلت المحكمة الاتحادية العليا اليوم الطعن المقدم لها بفقرات في قانون هيأة الإشراف القضائي و التي تضمنت ، التصويت في مجلس النواب على نائب لرئيس هيأة الأشراف القضائي ، و فقرة تنص على صلاحية إشراف لعضو مجلس النواب على عمل المحاكم ، و فقرة إشراف قاضي الأشراف على عمل محكمة التمييز الاتحادية ، والطعن بهذه الفقرات يتضمن بعدين :
الأول : فضلا عن صيانة المحكمة الاتحادية العليا لدستورية القوانين المشرعة ، تضمن هذا الطعن درأ الخطر الذي يواجه الفصل بين السلطات و استقلال السلطة القضائية و أكثر من ذلك و هو حماية القضاء العراقي من طاعون المحاصصة التي تضمره هذه الفقرات ، و هذه الأخيرة ينبغي أن تقال بملء الفم ، فهذه الفقرات لا تخل بالفصل بين السلطات الذي هو دعامة النظام الديمقراطي فحسب ، بل تريد و كما في إضافة التصويت على نائب رئيس للهيئة في مجلس النواب ، إتاحة مساحة التفاوض على محاصصة إدارة هذه الهيأة ، و أما الفقرة الثاني و التي تتيح لعضو مجلس النواب صلاحية الإشراف فهي تشكل فضلا عن خرقها للفصل بين السلطات و استقلال السلطة القضائية ، تأثيرا على عمل القضاة و عمل هيئة الإشراف القضائي ، و أما الفقرة الثالثة فتبين بشكل جلي ما نريد أن نتحدث عنه في البعد الثاني ، و هو جهل مشرعها بأن قضاة محكمة التمييز الاتحادية هم من الصنف الأول ، فكيف يتاح لقاضي الإشراف القضائي و هو أقل من ذلك أن يشرف على عملهم !
البعد الثاني :  يتضمن حالة التنافس الغير تخصصي الذي تدخله بعض السلطات بإعمال السلطات الأخرى ، ففقرة صلاحية إشراف عضو مجلس النواب هذه لا تعد تدخلا و إخلالا بالاستقلال و الفصل ، بل إتاحة لأعضاء مجلس النواب الذين قد يكون بعضهم لا يحملون إلا شهادة الإعدادية ، التدخل بعمل القضاة و هكذا في موارد أخرى ، و الأمر قد يبدأ أصلا مما وضع في الدستور و سمي بـ ( المستثنى من الفصل بين السلطات ) و هو التصويت على رئيس محكمة التمييز الاتحادية و رئيس هيأة الإشراف القضائي و رئيس الادعاء العام ، و هنا بودنا أن نطرح سؤال بطريقة مباشرة : تخصصيا ما لذي يؤهل المجلس النيابي للتصويت على هذه المناسب الحساسة !؟ و لماذا بدعة المستثناة من الفصل بين السلطات !؟ أليس مفهوم و فلسفة استقلال القضاء ديمقراطيا تعني الاختصاص و الاحتراف ؟ و تعالوا لنناقش الموضوع تجريبيا و ليس نظريا فقط : من يتولى ألان رئاسة و إدارة المؤسسات القضائية في العراق ؟ هل تجدون في المحكمة الاتحادية العليا أو مجلس القضاء الأعلى أو محكمة التمييز الاتحادية أو المؤسسات الأخرى من حصل على المنصب لأنه  مدعوم من هذا المكون أو من ذاك الحزب ؟ بل هل يعرف أحد من العراقيين الهوية القومية و المذهبية فضلا عن الحزبية لهؤلاء الناس ؟ فإذا كان القضاء قد إنتصر بالاختصاص و المهنية على مرض المحاصصة البغيض ، فلماذا تريدون به الأذى عبر ما تغيرونه و تضيفونه في قوانين مؤسساته ، ها هو قانون هيأة الأشراف القضائي قد طعن بالفقرات المخالفة للدستور فيه ، و لكن هل سيسلم قانون الإدعاء العام الذي يروم المجلس النيابي التصويت عليه اليوم ؟ و هل سيسلم قانون مجلس القضاء الأعلى و قانون المحكمة الاتحادية العليا ؟؟