من اهداف العمل السياسي الديمقراطي شكلآ ومضمونآ وخاصة في إدارة الدولة والشعب بالإستحقاق الإنتخابي , هو بناء الثقة بين الحكومة والشعب من خلال ورقة العمل التي يقدمها رئيس الحكومة لنيل الدعم من الشعب ومن متابعة الإعلام المحلي المتمثل بالقنوات الفضائية والصحف المحلية والمراقبين للشأن السياسي , حيث تُصاغ بهذه الورقة شخصية الشعب لتكون بموثوقية عالية مايجعلها معجبة بمسيرة وطرق الإصلاح التي تعهدت بها الحكومة الجديدة بعد الإنتخابات من ناحية , وخالية من تذمرها العتيد من الحكومة السابقة التي انتابها التراخي والعجز عن إيقاف مخازي سلسلة من سرقات المسؤولين بالدولة وسوءات الآخرين التي مُسخت بهابالنهاية ,
وسيكتب للأجيال اللاحقة عن هذه المسيرة كلآ من المؤرخ والفقيه والكاتب والناقد على انفراد , وخاصة عن المضامين الإيجابيةالواردة فيها من ناحية اخرى , لتشجيعها وعدم الخروج عنمضامينها السياسية , بل الإقتداء بها والبقاء على توظيف اسس ومباديء المساواة في عملها السياسي بعيدآ عن الصراعات والأزمات التي تنجم بخلاف ذلك التوظيف . اما ان تكون الحكومة والشعب رهينتين بقبضة الولاءات والأوامر الخارجية والدولة العميقة , وبذلك تتحكم الحكومة بأجهزة الأمن والإستخبارات الخالية من السلاح الرادع لأي عدوان على البلاد للحفاظ على موظفيها الفاسدين فحسب وعلى مناصب الحكومةالمنحرفة والمتحكمة بفسادهم رغم سقوطها في قلوب الشعب من الناحية المبدأية ,
وتتحكم بآليات ناعمة لتأجيل سقوطها كالإعلام الحكومي من خلال الرقابة المباشرة وغير المباشرة , وبالإعلام الذي يتم توظيفه من قبلها ومن خلال شراء الأصوات المعروفة وخاصة من مسؤولين سابقين , لتلميع صورتها القبيحة من جهة , وشيطنة احتجاجات القوى المعارضة لها , فضلآ عن التلاعب بعامل تقديم الخدماتللشعب لتجعله بدوافع مالية تنتفع منها على المستوى الشخصي من جهة اخرى , وبعوامل اقتصادية أخرى لخلق وضعية تجعل قطاعات واسعة منه منشغلة بلقمة العيش وتصريف امور حياتها اليومية لإحباط قدرته او قدرة الناشطين على التعبئة الإعلامية ضدها ,
فإن هذه الحكومة المرتهنة بقبضتي الولاءات الخارجية والدولة العميقة , حتمآ , هي حكومة تصنع بقرفها قبرها لأنها تنظر الى الشعب نظرة سطحية وعجز مصطنع وكراهية مستترة , وتصنعبه ايضآ واقعآ غريبآ ومعاد للمجتمع وخاصة عندما يرى الشعبحكومته لاترتبط بالصورة الذهنية التي تحلل ان مصلحته ومستقبله تقفان بالتضاد مع ما تفعله .
ختامآ , إن الامر الذي دعا لمناقشة اهمية صياغة شخصية الشعب بالمهارات السياسية والمباديء والأخلاق السامية هو واقع البيئة السياسية في العراق وتجارب الحكومات السابقة والحالية , فعند إجراء المسوحات الكاملة عن منجزات تلك الحكومات ومعها الحكومة الحالية وعن ملفات السياسيين لا نجد منذ سقوط النظام البائد من نضع له نصبآ تذكاريآ مثلما وضع الشعب العراقي نصبآ لعبد المحسن السعدون للإشارة الى افعاله الوطنية في مجال الدفاع عن سيادة ورفعة الوطن وفي المجالات التربوية والعلمية والصناعية ,
بل كلما نستيقظ صباحآ نجد اكياس اللغة السياسية المفعمة بالكذب والوعود الزائفة مكدسة اسوة بأكياس القمامة امام البيوت , اما الأكياس المليئة بملايين الأخطاء واللصوص المنافسين للسياسيين الذين اذنوا بسقوط الحكومة , فمازالت في قصورها الفخمة مستترة ومؤجلة بآلية الدعاية الناعمة وبعيدة على الدوام عن ايدي شبابنا المكافحين من عمال النظافة .