لقد انقلبت المفاهيم، وتغيرت الدنيا والسماء والأرض والإنسان. اختلط الحابل بالنابل، والقمح بالزوان. تبدلت النفوس، غابت المحبة، وسيطرت الكراهية حتى بين الأخوة والأشقاء، صارت المشاعر والأحاسيس أقسى من حجارة الصوان، وكثر الطلاق والانفصال بين الأزواج.
لم يعد الريف كما عهدناه، لا ديوان الشيوخ، ولا طوابين وروائح الخبز ومناقيش الزعتر، ولا بيادر ومواسم حصاد، ولا مواويل الرعاة في الجبال ولا أصوات الناي والشبابة.
لم نعد نسمع صياح الديوك قبيل صلاة الفجر وفي الصباحات الجميلة، ولا تغاريد البلابل والشحارير والحساسين على الجدران وأسطح البيوت.
كل شيء جميل اختفى من حياتنا، وتحولت حياتنا إلى نفاق ودجل وكذب ووعود بلا رصيد، ومصلين بلا دين وقيم، ولهاث وراء المال والمظاهر الفارغة، وصار العنف هو العنوان وسيد الموقف.
