خيام سوداء مطرزة بعبارات الود والهيام لرمز عاشوراء، وأطعمة فيها رائحة ذلك الرمز الطاهر؛ دواء للعاجزين عن الشفاء، و زحمة حشوداً ترق عيونهم بالدموع وأرتداء السواد – يقتادون أنفسهم بسياط السلاسل ضرباً على ظهورهم مع تراتيل الولاء والحرية( لبيك ياحسين) بصوت واحد، وعلى ضفاف ذلك الزحام المنير؛ نساء تنحب بالدموع تأسيةً لسيدة الصبر والعقل والقيادة، وأطفالاً يقلدون ما يعظمه الكبار كهدايةً إلهية؛ لكن مقابل هذه الصورة ألأنسانية المعبرة عن أخاديد الحب والولاء – وقف الفسق والفجور والهمينة الشيطانية كمحاولة لتشويه معالم تلك الصورة.
هذا الوصف ليس نتاج عقلية شيعية، ولا رغبة تقود الى ألأنسياق، بل هي- ملحمة العقل البشري التي أبى الله( عز وجل) ألأ أن تكون خالدة على مر العصور، ففي كل بقاع ألأرض تجد ملامحها راسخة في أذهان ملميها، فهي ليست من نسج خيالاً جامح؛ بل من واقع متجدد ومتوارث وفق صراع الخير والشر؛ فأذا كان يزيد( عليه لعائن الله) أمير السفهاء والطغاة، فالحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة، وأذا كانت داعش واخوتها حملوا راية ألأمويين بسفك الدماء وقطع الرؤوس لعودة ألأصنام، هناك أنصار وموالين لسيد الشهداء( روحي له الفداء) لأعلاء كلمة الحق، كل ذلك يفسر بأن هنالك صراع أبدي بين الطالحين والصالحين متواتراً عبر ألأجيال رغم سطوع الفرق الشاسع بين الكفتين.
هذا الخلود في الثورة الحسينية كشف القلوب المريضة بفناء من سكنها، وجعلها تتصدع حقداً وكراهية، وألأ فما يحرق هذه النفوس الخبيثة عندما تطعم المساكين والفقراء أبتغاء مرضاة الله(عز وجل) وحباً برسولنا الكريم وال بيته ألأطهار؟ ما يحرقها عندما تذكر سبط رسول الله ( فداءه ابي وأمي)ومصيبته الراتبة بالبكاء والعزاء؟ ما يحرق تلك النفوس عندما تذكر( علي ولي الله) في ألآذان؟ ما يحرقها عندما تصلي(صلاة الليل) متوجهاً الى الله ( جل وعلا) في الليل الحالك؟ أم نحن نعيش في زمن الجاهلية وفكرة ألأسلام غير مطروقة لدى تلك النفوس! كل ما يفحم ألأخيرة هو الخلود ذات النور ألهي؛ لولا الحسين(عليه السلام) لما بقي الأسلام، ولولا يزيد وأجداده لما بقي الطغاة والفاسقين.
أحياء عاشوراء، وأطعام المساكين والفقراء، ومساجد العزاء الخالدة، والقلوب المتيمة في حب سبط الرسول ألأعظم(عليه السلام) والدموع الناطقة في حب أل بيت النبي الطيبين الطاهرين؛ ما هي إلأ مصدر رعب وأزعاج للقلوب المريضة- لكن صورة ألأسلام وأنصاره الحسينيون ستظل بالوان ساطعة كالشمس والقمر مهما حاول السفهاء تشوييها.