23 ديسمبر، 2024 5:53 م

صورة الواقع السياسي العراقي بعد انتخابات 2014 – صورة استشرافية

صورة الواقع السياسي العراقي بعد انتخابات 2014 – صورة استشرافية

أن التجربة الديمقراطية في العراق تعود الى عام 1921 و قد استمرت هذه التجربة الفتية بخطوات ثابتة لحين تدخل العسكر في الحياة السياسية و قيامهم بقلب نظام الحكم و تحويله الى جمهوري عام 1958 .استمر العسكر بحكم البلاد وكانت الصراعات و الانقسامات سمة بارزه و لم يكن للاحزاب السياسية دور يذكر في العراق و قد استمر هذا الامر حتى عام 2003 بدخول القوات الامريكية و المتحالفة معها ارض العراق وبذلك  انتهي حكم العسكر الذي استمر 45 عاماً.
في بداية عام 2005 كانت هناك انتخابات وهي التي انتخبت بموجبها جمعية وطنية التي كتبت الدستور   وحلت بعدها ثم انتخابات نهاية 2005 و هي التي انتخبت الدورة الاولى لمجلس النواب العراقي تم انتخابات 2010 و الأن يستعد العراق لأجراء انتخابات 2014 .
ان نتائج انتخابات 2010 أدت الى تأخير كبير لتشكيل الحكومة استمر حوالي ستة اشهر واستمر جلسة مجلس النواب مفتوحة لحين الاتفاق بمايعرف باتفاقية اربيل التي لم ينفذ منها الاجزء يسير جداً لايرتقي الى  حل كل مشاكل العملية السياسية ولسنا هنا بموجب تقيم تجربة انتخابات 2010 وما نتج عنها من مشاكل فقط نقول ان ترحيل مشاكل العملية السياسية التي استمر طوال السنوات الماضية بألتاكيد  ستلقي بظلالها على نتائج انتخابات 2014 القادمة .
لقد كانت نتائج انتخابات 2010 كالاتي :-
91 مقعد العراقية بزعامة اياد علاوي
89 مقعد بزعامة نوري المالكي
70 مقعد الائتلاف الوطني (المجلس – الصدرين – الجعفري )
57 مقعد ائتلاف الكتل الكردستانية
10  مقاعد وحدة العراق(الحزب  الاسلامي –البولاني – محمود المشهداني )
5 مقاعد المسحيين
1 مقعد المكون الايزيدي
1 مقعد المكون الشبكي
حيث كان الظرف الامني افضل بكثير من الظرف الحالي و ايضاً الخلاف السياسي لم يكن قد تركز الى هذا الحد فضلاً عن وجود القوات الامريكية على الارضي بشكل مباشر و نتج ما نتج عنها من تفاصيل . ان اليات تشكيل الحكومة العراقية معروفة للجميع
اما انتخابات 2014 التي يستعد العراقيون لأجرأتها فان لها قانون انتخابات جديد اعتمد على نظام سانت ليغو المعدل وهو نظام انتخابي يوصف بأنه. يأكل الكتل الكبيرة ويسحق القوائم الصغيرة ويالتالي يأخذ عدد كبير من الاصوات من الكتل الكبيرة لكي يمنحها المقاعد الاولى في الدائرة ثم يعود في المرحلة الثانية ليساوي بين الكتل الكبيرة و المتوسطة حيث يبدأ بالتقسيم على (6/1 ثم على 3 ثم على 5 ثم على 7 ثم على 9 و هكذا )فمثلأ وببساطه اذا كانت كتلة معنية حصلت على 100 الف صوت و كتلة حصلت على 30 الف صوت في دائرة لثلاث مقاعد فتكون العملية كالتالي نقسم 100 على 6/1 فتكون النتيجة مقعد واحد مقابل 65 الف صوت و من ثم الاصوات المتبقية تقسم كالتالي على (3) تكون القائمة الكبيرة التي حصلت على 100 الف صوت تحصل على مقعد اخر و تحصل القائمة الاخرى التي حصلت على 30 الف على المقعد الثالث  وكل القوائم التي حصلت على دون ذلك  تحرق اصواتها .
هذا الواقع دفع الكتل الكبيرة التقليدية التي نتجت عن انتخابات 2010 الى التشظي فضلا عن مشكلة الزعامة  لدى رموز هذه الكتل ومشاكل اخرى .حيث ظهرت اغلب الكتل السياسية بقوائم مختلفة على سبيل المثال ظهرت العراقية بثلاث كتل و دولة القانون خرج منها بعض الشخصيات (الثقيلة سياسياً و الضعيفة شعبياً ) ثم التحالف الكردستاني نزل الانتخابات بثلاث او اربع كتل ثم المجلس الاعلى الاسلامي بكتلتين او ثلاث . و التيار الصدري ثلاث كتل . وعلية ستكون النتائج كالأتي هذا اذا حصلت الأنتخابات :-
دولة القانون 65 – 70
التحالف الكردستاني  62- 65
المجلس الاعلى بكل كتلة 40 – 45
الصدرين بكل كتلهم 30 – 35
متحدون  30 – 35
الوطنية  18 –  20
العربية  15 – 18
العراق  3 – 5
الفضيلة 1 – 2
المسحيين 1
الايزيدية 1
الصابئة 1
و كما تعلمون ان تشكيل الحكومة يحتاج الى النصف +1 يعني اننا بحاجة الى 165 مقعد لتشكيل الحكومة كون مجلس النواب الجديد سيكون 328 مقعد و بما ان المحكمة الاتحادية في وقت سابق قد فسرت المادة 76 من الدستور بان الكتلة الاكبر هي الكتلة التي تتشكل قبل الانتخابات او بعدها لذا فستكون مسألة تشكيل الحكومة معقدة ربما مثل التعقيد الذي مر به تشكيل الحكومة الحالية و التي لم تشكل الابارادة دولية وكان لايران الدور الاكبر في تشكيلها ثم الولايات المتحدة و ثم تركيا و سوريا بدرجة اقل في حينها .
و هنا لا نستبعد العامل الدولي في تشكيل الحكومة . فسيكون لايران ايضاً دور كبير في تشكيل الحكومة و ايضاً سيكون للأمريكان دور فيها لكنه بلا شك سيكون اقل من السابق كون هذه الانتخابات اول انتخابات تجري في العراق بعد 2003 لاوجود للقوات الامريكية بشكل مباشر فضلا عن وجود توجه دبلوماسي ضعيف لاعلاقه له تذكر بالشأن العراقي او ربما  توجيه ادارتها في واشنطن هكذا . وقد تدخل كل من تركيا و السعودية و ربما قطر في تحديد اسم رئيس الوزراء بالضغط على الكتل التي  تربطها معها علاقاتها مثل متحدون و ربما الكتل الكردستانية  .
اما العامل المحلي بالتأكيد سيكون له دور كبير لايقل عن الدور الدولي في تشكيلها . بدأ من الحفاظ على الامتيازات و المصالح للكتل السياسية وصولاً الى الحفاظ على الحكم و طبيعة النظام السياسي ،هنا  قد يلعب عامل النفط دور كبيرا في دفع محرك تشكيل الحكومة القادمة كما لعب ولا زال الدور الاكبر في دفع عجلة الاقتصاد العالمي . حيث ان حكومة اقليم كردستان لديها الان مشاكل كبيرة فيما يتعلق بالاعتراف بشرعية العقود النفطية التي ابرمتها وكذلك شرعية تصديرها للنفط دون موافقة الحكومة الاتحادية وان السبب في ذلك يعود اصلاً الى عدم وضوح  نصوص الدستور العراقي بهذا الشأن حيث تفسره الحكومة الاتحادية تفسيراً مختلف عن تفسير حكومة الاقليم و الكل  يتحصن حول موقفة خلف نص دستوري علماً ان ان الجهتين هما ليس جهة تفسير لنصوص الدستور ولا اعلم لماذا لا يلجأ  الطرفين الى المحكمة الاتحادية لحل هذا الاشكال اذا كان الطرفين جاديين في ايجاد حل اصلاً .على اي حال سبق و ان ذكرنا ان عدد مقاعد  الكتل الكردستانية ستزيد عن المقاعد التي حصلو عليها في انتخابات 2010 و السبب هو تردي الامني في بعض مناطق محافظة نينوى و كذلك كركوك و ديالى و صلاح الدين مما يجعل خروج الناخب العربي اقل بكثير من خروج الناخب الكردي في هذه المحافظات و السبب هو ان بعض المناطق في هذه المحافظات تسيطر عليها قوات الامن الكردي الذي فرضت نوع من الامن في هذه المناطق وربما سيكون هذا السبب الرئيسي في زيادة مقاعد الكتل الكردستانية .ان توحيد الرؤى تجاه مصالح الكرد القومية و كذلك المصالح تجاه الحكومة الاتحادية من قبل الكتل الكردستانية ستجعلها تجتمع  سوية من اجل ذلك  و ستفاوض كجهة و احدة و توافق على رئيس وزراء للعراق بالمقابل يوافق لها على كل اجراءتها فيما يتعلق بعقود النفط و كذلك بعض المشاكل الاخرى فيما يتعلق بتخصيصات البيشمركة و كذلك مايسمى بالمناطق المتنازع عليها فضلا بعض القضايا الاخرى .
اذن سيكون امام تشكيل الحكومة القادمة السينايورهات الخمسة التالية :-
الأول :- تفاوض التحالف الكردستاني مع دولة القانون و بعض الكتل الصغيرة الأخرى و صولاً الى 165 مقعد لغرض تشكيل الحكومة و في هذا السيناريو يجب ان يحصل التحالف الكردستاني على اعتراف بأجراته بخصوص النفط و كذلك وعد بحل مشكلة البيشمركة و المناطق المتنازع عليها .
الثاني :- تفاوض الكردستاني  مع الكتل الاخرى الصدريين و المجلس و متحدون لتشكيل الحكومة لكنهم هنا ايضاً لن يتنازلوا عن مطالبيهم بخصوص النفط و البيشمركة و المناطق المتنازع عليها .
الثالث :-  تجمع المجلس  الاعلى و الصدرين و متحدون والعربية و بعض الاطراف من دولة القانون في حال فشل نوري المالكي بجمع الكتل الصغيرة (حسب السيناريو الاول) وفي هذه الحالة لايتم الاتفاق مع الكردستاني بسبب الضغط الشعبي و مطالب جمهور الناخبين لكتل وخاصة للعربية و متحدون و كذلك الصدرين و المجلس  و هذا ربما سيكون خطير حيث قد يدفع الكرد للتفكير ملياً  بتقرير المصير و الانفصال عن العراق.
الرابع :- هو التفاوض بين التحالف الكردستاني و المجلس الاعلى و الصدريين و متحدون و بعض الكتل الأخرى يتم الاتفاق على حل كل الاشكالات العالقة فيما يتعلق بمشاكل النفط و البيشمركة و المناطق المتنازع عليها بالنسبة للاكراد  و الشراكة بالنسبة لمتحدون و العربية و هنا يكون هناك تأجيل للمشاكل دون حل .
الخامس :- هو ان لا يحصل انتخابات و سبب الظرف الامني  في بعض المناطق وان قانون الانتخابات لايسمح بتأجيل الانتخابات لدائرة دون الدوائر الاخرى وحتى وان تأجيل فيجب .ان ياخذ هذا القرار البرلمان لكن قد يفرض الامر الواقع صوته على فراغ الصمت السياسي عندها سيكون مجلس النواب قد حل و تتحول الحكومة الى حكومة تصريف اعمال لكنها ستأخذ السلطتين التشريعية و التنفيذية و ربما تقوم بكتابة قانون جديد للأنتخابات يضمن اعادة انتاجها و يقصي الخصوم السياسيين حيث ستكون هناك مذكرات قبض بحق الكثير من رموز القوى السياسية في ظل عدم وجود الحصانه التى تمتعوا بها سابقا في ظل عدم وجود مجلس النواب .
مما تقدم نؤكد ان الوضع في العراق غاية في الخطورة و الاهمية فكل السينايورهات مهمة قد تحدد مستقبل العراق و وحدته بظرف دقيق تمر به المنطقة وخلاف سياسي داخلي كبير و عميق يدعونا لتجاوز خلافتنا و التفكير جدياُ بالحفاظ على وحدة العراق ارضاً و شعباً .