18 ديسمبر، 2024 5:06 م

كثيرا ما تتكسر الأصوات, في زحمة الأحداث, فيتصور بعضهم أن الوصول للهدف صعباً, إلا من يحمل الأمل يُكمل طريقه, يصدح بالحق ولا يسكت عن الحديث, مهما كانت التحديات, بالعكس ممن يخمُد صوته, ليتحول ربيعُ كلماته لخريفٍ قاتل, فيبتعد فاقداً للأمل بتحقيق ما يريد, بسبب الضجيج الذي يحيط به.

صراعٌ سياسيٌ رهيب, وأصواتُ نشاز لا تحمل إلا الحقد, ولا تستسيغ القول السَوي, أكاذيب وتسقيط يُثبت سذاجة الفاسدين, والساعين خلف كومة من مناصب, سرعان ما ينكشف أمرهم, ليصبحوا محط مزاح الشارع, فوعودهم كاذبة ومشاريعهم خادعة, وشعاراتهم فارغة من محتواها, أحزابٌ فاق عددها تَصَور العقلاء, وأغلبهم يعمل بأجندات متشابهة, فرؤيتهم لا علاقة لها بالوطن والمواطن, غير آبهين بما تؤول له النتائج, حتى وإن كانت, عن طريق سفك الدماء.

عبر عشرون عاماً, لم يلمس العراقي إلا فسحة, من الحرية في طرح ما يطمح له, وفي طرحه لا يحلم إلا, بحياةٍ كريمة تحفظ له عرق الجبين, توفير العمل والخدمات والسكن, هي الحقوق الطبيعية لكل مواطن, وهذه النقاط لم يحصل عليها, فقد فشلت الحكومة بتوفيرها, ومن حصل عليها فهي مقابل رشوة, أو صمت عن فساد, إلا القليلُ ممن يحمل المبادئ, ذات القيمة الشرعية والوطنية, ليسود شعار الفاسدين, بتفكير جمعي بعد أن, سيطروا على أغلب مفاصل الحكومات المتعاقبة.

مرحلةُ ما بعد 2022, كانت صادمةً لأرباب السرقات, والفساد بكل أنواعه وطرقه وتشعباته, كانت حرباً من نوع جديد, لم يعهده عصر ما بعد سقوط الطاغية؛ بالرغم من بطئ تطبيقه, إلا أن المباغتة أذهلته, فمن حصل على منصب, عن طريق الشراء, لا يمكن الحفاظ عليه, عندما يتم تسنم المنصب الأعلى وطنياً, حريصاً على النجاح في عمله, كل يوم يمر يتم الكشف, عن فضيحة جديدة نجومها, ما بين ضباط كبار, وأرباب أموال وساسة, حتى تم الكشف مؤخراً, عن معلومات تخص رأس الحكومة السابقة, فما بين هدر الأموال, ودعمه لفضية سرقة القرن أسرارٌ وأسرار.

إننا كعراقيون نعتز بوطننا, يحز بأنفسنا سيطرة فاسدين, على مقدرات البلد ثلةٌ من الفاسدين, هم أخطر من مما مررنا به, من حرب على الإرهاب, كان ظاهرهم وطنيون شرفاء, وصوتهم عالٍ يصدح كل يوم بالفضائيات, فراحوا بعد خسارتهم لموارد الفساد, بتحريك الشارع للإبقاء على قانون, الدوائر المتعددة؛ والتقليل من قيمة الإصلاح, ومحاربة الفساد بكشف مكامنه, لم يكفهم ذلك فعملوا, على تأخير إقرار الموازنة العامة, التي تحتوي على مصدر عيش الموظفين, والدعم المادي للمشاريع المتلكئة, وتقديم الخدمات للمواطن.

لم يقف الداعمون للحكومة الحالية, بل قام عَدَدٌ من القادة والزعماء, حتى المعارضة الوطنية السياسية, التي تحملت العبء الأكبر من التسقيط, بزياراتٍ مكثفة للمحافظات العراقية, لشرح ما تقوم به الحكومة, والاطلاع على ما تحتاجه تلك المحافظات, وهنا لا نحتاج للتشخيص, فكل ما يجري علنيٌ, تنقله المحطات المتلفزة العراقية أولاً بأول, كل من تظاهر من الشباب, سواءً من يطلقون على أنفسهم, تشرينيون أو صدريون أو مستقلون, كانت مطالبهم هي التعيينات, وتوفير الخدمات والقضاء على الفساد.

يذكرني ما تقوم به حكومة, الأستاذ محمد شياع السوداني, بفلم العفريت بطولة عادل إمام, وكيف تم كشف وإلقاء القبض, على الفاسدين ومن يدعمهم, من كبار التُجار وأصحاب الشركات, فهل يا ترى سيرى الشعب, سيناريو شبيه بذلك الفلم؟ لا سيما وأن التسريبات وبعض التصريحات تفيد, أن رؤوسا كبيرة قد حان قطافُها, قبل أن تُفَرِّخَ فاسدين جدد.

لعل طاقة الأملِ قد فُتحت, وأن الخيرين من الساسة ليسوا قلة, فعلى الشعب أن يتحد مع الساسة الوطنيين؛ لنبني بلداً زاهراً, تفتخر به الاجيال من بعدنا, وعلى الحكومة أن تَقفل, الإعلام المُحَرِض الذي يغذي الفتن, وأن نراقب انفسنا لتحقيق تلك الغايات النبيلة, كما إبعادَ المشبوهين, الذين يتاجرون بالمثل العليا, بعد أن كَشْفِ فسادهم وزيف شعاراتهم.

قيمة السعادة تأتي من رحم المعاناة, والتئام الجروح تعرفنا قيمة السلامة, فمن الحروب والاضطرابات الامنية, وفي غياب السلطة وفقدان الامن والامان, الخاسر هو المواطن وحده, لأنه هو الفريسة للفاسدين والخونة, وبائعي الشرف والضمائر, ومهما يكن الشر كبيراً, فإنه ضعيفٌ سرعان ما يُهزَم.