23 ديسمبر، 2024 3:47 م

صوتنا له خطا.. فأوقعنا في دائرة رغباته…!!

صوتنا له خطا.. فأوقعنا في دائرة رغباته…!!

حين امعن النظر في الواقع السياسي الذي تسميها العامة  بالعملية الديمقراطية  ،أشعر بالاحباط  خصوصا حين يدفعني الفضول ان افكك سر الالغاز الازمات المتلاحقة التي تفتعلها حكومة نوري المالكي بدفع مباشر من مستشاريه والمقربين منه في محيط  عمله الرسمي كرئيس لمجلس الوزراء ، بل ويصيبني الملل والياس  مجتمعة حين احاول ان اتعمق في معرقة الاسباب التي تدفع بالهؤلاء ان يلعبوا على الوتر الحساس الذي يثير من غضب  رئيسهم المالكي ، خصوصا حيت تدور اللعبة في فلك حكومة اقليم كوردستان ..
الازمات بشكل عام دون المرور لتحديد اية واحدة منها ، لانها كثيرة  ، فكل ازمة لها اهدافها المرسومة على ضوء حاجة الحكومة لها ولتداعياتها التي تختلف عن بعضها البعض وفق متطلبات المرحلة التي تحرص الحكومة ممثلة بشخص رئيسها نوري المالكي ان تكون اثارتها وخلقها على اسس وقواعد مصلحته الخاصة  ، في حين لو دققنا النظر في طبيعة وواجب الحكومات وادائها نجدها بلا شك لا تنحصر الا في تقديم افضل الخدمات لمواطنيها ، ومواجهة التحديات ، ومعالجة الازمات التي تواجه مسيرة بناء الدولة على اسس مصالحها الوطنية ، والتي تضع في الحسبان ان الحكومة مهما كانت شكل نظامها السياسي فهو ملك الشعب  ، وللشعب حق ان يطالبها بالأمن والأمان ، وتوفير كل مستلزمات العيش الكريم ما يحفظ  من كرامته الوطنية والانسانية…
المثير للدهشة في شخصية نوري المالكي الذي صوت له الشعب خطأ ، هو ان رغباته الشخصية وسبل تحقيقها هي اكبر من رغبات الشعب عموما ، مما ولدت القناعة عند المتابعين له ان السياسة التي وفرت له الفرصة ان يكون بهذا المنصب ،  هي وسيلته الوحيدة  للتسلط وفرضها بالقوة التي تجني له المال والنفوذ  ، ولهذا نجده يتمسك بمنصبه ، بل ويقاتل حتى الرمق الاخير من اجل البقاء اسوة بالذين جرفتهم الرياح على مراى من العالم ، ولكنه يمتنع ان يتعظ للدروس والعبر  ..!! فضلا عن مناصبه الاخرى التي لا تقل شانا عن امتيازات منصبه كرئيس لمجلس الوزراء ، وهذا يعني ان محاولاته بفرض الهيمنة السياسية  وخلق الصراعات وزج الجيش فيها ظنا انها تمهد له البقاء الاطول في وقت ومحاولات سحب الثقة منه ، تجددت  في جعبة القوى السياسية المناهضة له بهذا الشان..
لذلك نجد ان قناعة الشارع العام السياسي تتمحور في هذا الاتجاه ، وبدأ يدرك تماما ان طموحات نوري المالكي  لاتقف عند حد معين ، وانه يحاول ان يخلق طبقة عسكرية تدين له بالولاء والوفاء  على غرار الولاءات التي كانت سائدة  ايام حكم صدا م  ، حين اصبح العراق بمرور فترة تسلطه واستبداده  هو صدام ، وهو في ذات الوقت العراق كله..!!حيث كانت دكتاتوريته وفرديته تلتهم كل صغيرة وكبيرة ، بل وتفترس بأنيابها الشيطانية كل من يقف في طريقها دون ان تهز ((شعرة من شاربه)) ، حتى تمثل سور الوطن ومحيطه في شخص القائد ((الملهم)) فكان هو الضرورة ، والمنقذ ، والبطل ، والعملاق ، وما وصلت من اسمائه قرابة ((99)) اسما ، ومن حفظه على ظهر القلب فكان  من الصالحين..!! الى ان جاءته الصفعة التحالف الدولي ليجد نفسه في النهاية وحيدا ،  وحبل العدالة ملتف على رقبته دون ان يذرف  احدا ممن كانوا يصفقون له  من  دمعة… لتترك بذلك رسالة واضحة لمن ياتي من بعده مفادها ، ان القوة  والتسلط لا تساوي شيئا امام ارادة الجموع اذا ما ارادت ان تزحف صوب القلاع المحصنة ، وان قوة الجيوش مهما كانت مستوى تسليحها وحجم عدتها ستنهار حتما بمجرد ظهور سبل المواجهة للنظام ، واتساع رقعة السخط الشعبي الذي يظهرعادة  ضد طبيعة اداء الحكومات وحكامها…
لهذا فحين نضع اللوم في شخصية نوري المالكي السياسية  ، وفي كيفية ادارته للدولة  ، نستند في ذلك على عدم التزامه بالوعودات امام الشعب ، ومهلته المشهورة (100) يوم بإجراء الاصلاح التي تحولت الى فضيحة سياسية دون ان يكلف نفسه بالاعتذار لعدم الايفاء بالوعد او الكشف عن الاسباب التي حالت دون تنفيذه للوعد ، ومن ثم تعهداته امام المجتمعين اثناء اتفاقية اربيل الاولى التي انقذته من عنق الزجاجة ، دون ان ينفذ ولو فقرة واحدة منها ، بل اثبت انه مراوغ جيد ولا يشعر بالحرج  مستهينا بإرادة مشاركيه في العملية السياسية….
وكل ذلك يعني ان دراما سياسته الفاشلة التي يدير بها دفة  الحكم في العراق الغني بالثروات الطبيعية تمر بمراحل صعبة رغم تبجحه بالقدرة على مواجهته للتحديات ، وهي سياسة افسدت بها معالم التغيير التي تحققت في نيسان عام 2003 ، حتى اصبح العراق جزءا من منظومة دكتاتورية تعتمد في سياستها على الترويج لدولة الامن والمخابرات التي عادت مؤسساتها تمارس دورا مخيفا وسط الشارع العراقي ،  وسط انباء بعودة المئات من عناصر النظام السابق الذين كانوا يشكلون العصب الحساس في تلك الاجهزة ابان فترة النظام…
ومن هنا  يبدو لي ان السكوت على ما  آلت اليها الاوضاع في العراق من جراء سياسة نوري المالكي هو ضوء اخضر ومباشر لاستمراره في النهج الخاطىء الذي اوصل البلاد الى حافة الانهيار التام ،  والذي ينبغي على القوى السياسية ان تسارع الى عقد المؤتمر الوطني الذي دعا اليه فخامة الرئيس مام جلال لحلحلة الاوضاع السياسية المتازمة بهدف الخروج من الازمات الخطيرة التي  تهدد بفشل العملية السياسية ، بل وتهدد بنفق مظلم  لا خيار للعراقيين الا القبول بمرارة  واقعه الاليم الذي عاشوه اربعة عقود من الزمن …….