23 ديسمبر، 2024 1:35 ص

صهاريج داعش والطائرة الروسية

صهاريج داعش والطائرة الروسية

منذ بدأت روسيا بحملتها الجوية ضد تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق، طالعتنا كثير من التصريحات حول جدوى هذه العملية (غير المدروسة) والتي لن تجدي نفعا بحسب المعترضين، ذلك لأن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، والذي يضم ما يقرب من 60 دولة لم يفعل شيئا ملموسا؛ فكيف بدولة واحدة أن تفعل ما عجز عنه هذا التحالف الكبير.
في الحسابات العسكرية، قد يكون الكلام صحيحا، ذلك لأن من المفترض أن الغلبة تكون للأكثرية، وبما أن الأخيرة لم تفعل شيئا مهما، فمن باب أولى أن يكتفي الروس بالنظر الى ما يفعله التحالف الدولي، أو على الأقل الإنضمام له.
واقع الأمر أن التنظيم الإرهابي هو صنيعة مشتركة، ما بين بعض إمارات الخليج العربية (السعودية وقطر والإمارات) والولايات المتحدة، ودخلت تركيا التي تريد أن تعيد أمجاد الإمبراطورية العثمانية، على خط إنشاء هذا التنظيم وتمويله؛ للإستفادة من تمدده في سوريا للوصول الى ما تطمح إليه، لكن المثير للحيرة هو إختلاف الرؤى ما بين الحلفاء أنفسهم، حول من يمكن تمويله او لا، ففي الوقت الذي تقوم به السعودية بتمويل جبهة النصرة، بإعتبارها معارضة معتدلة؛ نرى قطر تستميت من أجل تنظيم داعش الإرهابي وتمويله على مختلف الأصعدة المادية واللوجستية.
في تقرير لها نشرته صحيفة الأندبندنت البريطانية، تؤكد فيه أن المانحين السعوديين يشكلون العمود الفقري لتمويل الجماعات الإرهابية سواء في سوريا أو العراق، وتحاول المملكة أن تتخلص من الرئيس بشار الأسد، ولو كان هذا الأمر يعني خراب سوريا نفسها، في وقت نرى دولة قطر تساند تنظيم داعش الإرهابي، الذي يختلف في الرؤى مع جبهة النصرة.
تركيا من جانبها حاولت إستمالة الطرفين الى جانبها، فهي تقف الى جانب تنظيم داعش الإرهابي، وجبهة النصرة في حربهما ضد الرئيس بشار الأسد، في محاولة منها للوصول عن طريقهما، الى ما لم تستطع هي تنفيذه بالسيطرة على سورية، والعودة الى أرض العرب، بعد خروجها منكسرة في الحرب العالمية الأولى.
دخول إيران وروسيا على خط الأزمة الى جانب سوريا، أشعل الحرب بين معسكرين، الأول أمريكا وحلفاؤها، والأخر سوريا ومن يقف الى صفها ضد التنظيمات الإرهابية، إذا ما اخذنا بنظر الإعتبار أن كثير من الإرهابيين هم من الجنسية الشيشانية، وهو ما تخشى منه روسيا على أمنها، وكان لابد من أن ينتصر الرئيس السوري مهما كلف الأمر، وكذلك الأمر بالنسبة لإيران التي تعتبر سوريا أرض مقدسات لوجود عدد من أضرحة أهل البيت (عليهم السلام).
دخول روسيا المباشر في الحرب ضد التنظيمات الإرهابية، أربك مخططات دول التحالف الدولي، بل زاد الأمر تعقيدا عندما بدأت الطائرات الروسية بقصف معاقل هذا التنظيم قرب الحدود التركية، الأمر الذي يعني إنحسار التنظيم داخل الدولة التركية، وما يعنيه هذا من إرباك لوضعها الأمني القلق، مع وجود مشاكل مع حزب العمال الكوردستاني، وما زاد الطين بُلة هو قيام روسيا بقصف ناقلات النفط التي تقوم بتهريب النفط من العراق وسوريا، والذي تقوم تركيا بشراءه وبيعه في الأسواق العالمية (بعلم الولايات المتحدة)، وهذا الأمر لم ينل إستحسان تركيا فقامت بإسقاط طائرة روسية؛ الأمر الذي أيقظ الدب الروسي الذي لم يكن نائما، بل كان في إستراحة قصيرة.
ما لم تحسب حسابه تركيا، أن روسيا من الممكن أن تقطع عنها الغاز، وهم الأن في موسم البرد والشتاء القارس، في وقت منع القصف الروسي لأكثر من 500ناقلة نفط من نقل النفط المهرب، لتعويض الغاز الروسي، الأمر الذي يجعلها بين مطرقتين كلاهما مميت، برد الشتاء وإنقطاع الغاز والنفط، مشكلة يحسب لم يحسب لها أردوغان حساب، قد تقع على رأسه وقع الصاعقة وتنهك إقتصاده الهش.