19 ديسمبر، 2024 12:38 ص

تزخر السوق العراقية بالمنتوجات الصناعية الأجنبية، ويتنافس التجار في إستيراد كل ما يطلبه المستهلك من سلع وبضائع، فيما تفقد الصناعة الوطنية أي وجود لها في مواجهة المستورد، بما في ذلك تلك المنتوجات الآتية من مناشيء رديئة، وبرغم صدور قوانين لحماية المنتج الوطني من منافسة مثيله الأجنبي، الا أن هذه القوانين لم تفعّل بسبب الفساد والصفقات المشبوهة، علاوة على غياب القطاع الصناعي أصلاً من 2003 والى يومنا هذا، ما دفع الشركات والدول الإقليمية وغير الإقليمية الى ملأ الفراغ من دون منازع.مشكلة الصناعة في العراق، ليست مرتبطة بالآلات والمنشآت التي دمرتها الحرب، او إعتراها القدم، ولا بالإيدي العاملة غير المواكبة لتقنيات التطور العلمي في مجال الإنتاج، لأن هذه المعوقات، وإن كانت مؤثرة سلباً على الصناعة، فإنها ليست الأصل في المشكلة، وانما في غياب الرؤية في مجمل الفعاليات الإقتصادية، والتي لايعرف حتى الآن ما هية المذهب الإقتصادي الذي يتبناه النظام السياسي من 2003 والى الآن، برغم أن الدستورالنافذ قد أقر إعتماد ستراتيجية إقتصاد السوق، لكن عملياً نحن لانملك منهجاً إقتصادياً محدداً، وما هو موجود يعد هجيناً من مذاهب عدة، مختلفة ومتقاطعة، وهذا ناتج عن غياب الرؤية الإقتصادية،

المرتبطة بالتخطيط الإقتصادي، ومن هنا تبرز حالة اللافهم لدى القائمين على هذا الأمر، ويبدو عليهم العجز في تحديد سياسة البلاد الإقتصادية، أو تغيير مساراتها تدريجياً أو مرة واحدة الى ستراتيجية إقتصاد السوق، ولاسيما أن العقل المدبر والمخطط قد تربى وتأقلم على ستراتيجية الإقتصاد الشمولي، وأصبح جزءاً منه، لذا يتعذر عليه الإنتقال من الأقصى الى الأقصى، إذا لم تتوفر لديه رؤية مكتملة للإقتصاد في مرحلته الجديدة، وهنا تكمن المشكلة إذ لارؤية في الأفق القريب أو البعيد لمنهجية الإقتصاد، فيما يترك الأمر كله لمقدرات النفط صعوداً ونزولاً، في تحديد ميزانية البلاد العامة.الأهداف الأساسية للصناعة لاتقف عند حدود رصد المخصصات المالية لها، ولا صرف الرواتب للعاملين في هذا القطاع، ولا في تحديد شكل وطبيعة الوزارة ” سيادية أو غير سيادية”، وإنما في رسم خطة إنتاجية متكاملة تعتمد على المنتج نوعاً وشكلاً، مع خطط متلازمة من التسويق، والتجديد، ومواكبة التغيير في السوق نتيجة تغير الطلب والذوق، فضلاً على الحاجات والإتجاهات الأخرى. نريد ان نرى منتوجاتنا الوطنية تملأ الأسواق المحلية، وتصدر الى الخارج، وتشكل مورداً مهماً من موارد الإقتصاد الوطني، وهذا لايتم صدفة، وانما بحاجة الى عقول تخطط، وأيد تعمل، وأهداف تحدد المطلوب أولاً بأول.