لا يخفى على أي انسان ان العراق ودول أخرى كثيرة تعتمد بشكل يكاد يبكون كلي على ما تجنيه من بيع النفط الخام ولهذا السبب فان لقطاع النفط العراقي أهمية قصوى لا يضاهيها أي مجال اخر لكنأيضا فانه قد يخفى على غير المتابع ان صناعة النفط العراقي شهدت تقلبات كثيرة بعد عام 2003 بسبب ان كل حقبة تكون تنفيذا لخطط وأفكار الوزير الذي يقف على قمة وزارة النفط العراقي بدءا من ثامر الغضبان وانتهاء بالوزير الحالي احسان عبد الجبار. فماذا قدم كل منهم لهذا القطاع الحيوي جدا ؟ وان معرفة الإجابة عن هذا السؤال لا شك تستدعي متابعة انعكاس تقلبات أسعار النفط على حياة المواطن العراقي وبالتأكيد سيكون الأداء الأسوأ هو للوزير الشهرستاني الذي أعاد رهن النفط العراقي , وبرغم ما يقوله البعض عن عقود جولات التراخيص فاني اجد ان تأييد هذه العقود انما يتم لدوافع سياسية فالحقيقة ان زيادة انتاج العراق حتى مع عدم وجود أي شركة اجنبية انما هو تحصيل حاصل لسنوات من العمل الدؤوب لذا لا يمكن الا ان نصنف حسين الشهرستاني كأسوأ وزير نفط عراقي بلا منازع في الجهة المقابلة يظهر لنا اسم جبار اللعيبي والذي تقلد عدة مناصب تنفيذية في قطاع النفط العراقي فمن مدير عام شركة نفط الجنوب –البصرة حاليا – الى مستشار وزير النفط ثم وزيرا للنفط غير ان الملاحظ على أداء اللعيبي انه لم يأخذ فرصته كما اخذها الاخرون فبينما كان الشهرستاني مسيطرا سيطرة تامة على الوزارة لثماني سنوات نجد ان اللعيبي لم يتجاوز السنتين في هذا المنصب ومع قصر فترته حاول ونجح في تدشين عدد من المشاريع منها على سبيل المثال إيقاف حرق الغاز المصاحب واستثماره وهو ما أشاد به الوزير الحالي للنفط حين قال في احدى لقاءاته انه يسعى لأكمال خطط الوزير اللعيبي في مجال الغاز فضلا عن سعي اللعيبي لان يشعر المواطن بالتأثير الإيجابي على ارتفاع الأسعار على حياته وتيسيرها فمثلا مشاريع عدة حاول اللعيبي ان ينجزها مثل مشروع جسر الزبير الثاني ومشروع المليون نخلة والذي لم يرا النور بسبب المسؤولين المحليين في البصرة ومشروع المدينة الترفيهية لابناء البصرة والذي يحاول البعض جاهدا مهاجمة اللعيبي من خلاله والدوافع هي سياسية بالتأكيد فشعبية اللعيبي كبيرة كشفت عنها نتائج الانتخابات بالإضافة الى وقوف اللعيبي مع مطالب المتظاهرين في البصرة وبغداد في ضرورة تحسين واقع المعيشة للعراقي في أي مدينة كان , كلها أمور جعلته هدفا لبعض القوى السياسية وقد نجحت هذه القوى في ابعاده عن دوره الريادي حين خالفت حكومة عادل عبد المهدي الدستور ومبدأ الفصل بين السلطات بتجميد قانون شركة النفط الوطنية والامر الوزاري بأن يكون اللعيبي مديرا عاما لها لذا فان هذه المواقف مجتمعة بالإضافة الى معارضته من حيث المبدأ لعقود جولات التراخيص جعلته هدفا للقوى السياسية المنتفعة من هذه العقود لذا كنا نتوقع بشدة ان يكون للعيبي دورا محوريا في الفترة الحالية او القادمة لأنه الرقم الصعب في صناعة النفط العراقية ولان تأثيره كبير جدا مقارنة بالوزراء الاخرين الذين يتأرجحون بين الشهرستاني سلبا واللعيبيإيجابا , لذا مع عدم الاستقرار هذا لا شك ما كان المواطن ليشعر بفائدة النفط الذي لا ينعكس إيجابا على حياته ورفاهيته خصوصا ان المواطن العراقي يقارن حياته وبلده مع حياة وبلدان شعوب مجاورة لا تمتلك من انتاج العراق من النفط الا النصف او اقل , ان نجاح أي وزير او فشله عندما يوضع في ميزان الخدمة الوطنية هو مقدار ما انتجه من رفاهية او ازدهار لبلده او – وبما اننا في العراق ممنوع ان نتحدث عن الرفاهية في حين ان حاجاتنا الأساسية لم تلبى – فان مقدام مساهمة الوزير في توفير الحاجات الأساسية هي المعاير لنجاح الوزير ومع الأسف فقد فشل اغلب الوزراء في هذا المعيار في حين انشغل اللعيبيفي فترة وزارته التي ترافقت مع اجتياح داعش لاراضي العراق بدعم الحشد الشعبي والقوات الأمنية والتكفل بمعالجة الجرحى , بالإضافة الى محاولته كما اسلفنا تقديم ما يمكن تقديمه من مشاريع تجعل حياة المواطن افضل , ومقارنة بما ذكرناه فان وزير مثل الغضبان انفصل تماما عن الوزارة واهتم بمصالحه الشخصية وهو ما أدى لانفصال وزارة النفط العراقية عن منظمة أوبك وباقي البلدان المصدرة للنفط فصار دور العراق في سوق الطاقة ضعيفا او لا يذكر بالمرة , في حين كان عبد الكريم اللعيبي يدا أخرى للشهرستاني لا غير وكان عادل عبد المهدي وزيرا في الأوراق فقط فلا يكاد يصل لوزارة النفط الا في الأمور البروتوكولية , من هنا نعرف سر عدم نجاح وزارة النفط في خدمة المواطن وتقديم ما يطمح اليه وهو ما انعكس على استمرار التظاهرات التي اشتعلت ومازالت .