يبدو ان احلامنا كشعب تجاوزت الحدود المعقولة فالمطالبة بتحقيق انجاز وميدالية في أولمبياد باريس تحتاج الى تأمل حقيقي ووقفة مع الذات وعلينا العودة الى بعض الامور المهمة التي توضح حقيقة مستوى الرياضة العراقية .
ان صناعة البطل الأولمبي تحتاج إلى وقت ليس بالقصير وفق إعداد استراتيجي علمي ، وفترة الإعداد المطلوبة لا تقل بأي حال من الأحوال عن أربع سنوات وفق المقومات والقدرات التي يمتلكها البطل الذي يتم إعداده ليكون قادراً على إحراز ميدالية أولمبية ، كما أن الإعداد من دون توفير المال المناسب لتنفيذ تلك الخطة لا يكفي ، فالمال هو العصب الأساسي لإنجاح أي استراتيجية .
كما ان صناعة البطل الأولمبي تتطلب انتقاء اللاعب منذ أن يكون عمره صغير ، ومنذ وجوده في المدرسة وحينها يتم تحديد اللعبة التي يستطيع ممارستها ثم يتم تعليمه وصقل موهبته ، ووضع خطة طويلة الأمد يمر من خلالها على العديد من المراحل التي تجعله بطلاً أولمبياً بعد ذلك ، لذلك ان الإعداد قبل الأولمبياد بشهر أو شهرين ليس كافياً للمنافسة على الميداليات ، وإنما التخطيط الصحيح واستقطاب الخبرات المختلفة من الدول التي لديها باع في الألعاب الأولمبية مثل الصين وأمريكا وبعض الدول الاوروبية ، من اجل ان تساهم في تطوير اللاعبين وصقل مواهبهم وتأهيلهم للمشاركة في مثل هذه المنافسات العالمية , إن تحقيق انجازات رياضية عالمية يحتاج الى مواهب رياضية واعدة وبنى تحتية صالحة وإرادة حقيقية لدى قادة الرياضة , وبالنسبة الى موضوع المواهب فمن المؤكد ان الساحة العراقية تزخر بالمواهب وفي اغلب الالعاب الرياضية الا انها تعاني من عدم تشخيص المواهب التي يمتلكها اللاعبين اليافعين اضافة الى الاهمال لهذه الاعمار ومن جميع الجوانب وحتى في المدارس , اما بخصوص البنى التحتية فمن المؤكد ان العراق يعاني من تراجع حقيقي في البنى التحتية لأن البنى التحتية الرياضية ليست ملاعب كرة قدم فقط بل قاعات ومسابح وساحات متعددة الالعاب وهذا غير موجود في بلدنا حيث اهتم المسؤول في امور اخرى وإن الرياضة اصبحت أخر اهتماماته , وفيما يخص الاموال فهي موجودة ولكن ليس بالمكان الصحيح فلا دعم مالي يلبي الطموح للألعاب الفردية التي تعاني اغلبها من الاهمال الواضح ومنذ عقود , كذلك الارادة هي غائبة عن مفكرة قادة الرياضة في البلد خلال العقدين الماضيين والأمثلة كثيرة , وفي ظل غياب الاستراتيجية البناءة التي تهدف الى صناعة البطل الاولمبي غاب الانجاز .
بالختام علينا ان نؤسس الى مشروع البطل الاولمبي الحقيقي والعمل من الآن لصناعة لاعبين ينافسون في الاولمبياد القادم وهذا المشروع العملاق يحتاج الى ارادة من قبل اللجنة الاولمبية والاتحادات الرياضية ومن خلفهم الاندية العامل الرئيسي في صناعة الرياضة المتطورة كي لا نبقى نراوح في مكاننا قابعين في احلام وردية وهمية … والسلام .