19 ديسمبر، 2024 3:25 ص

صناعة الأخطاء : (التخطيط في العراق)

صناعة الأخطاء : (التخطيط في العراق)

يقول المثل القديم الحاضر “مصيبة أن تدرس بلا تفكير ، ومصيبة اكبر أن تعمل بلا تخطيط ” باختصار شديد هو هذا حال العراق اليوم من سوء للتخطيط والدراسة حيث يعتبر العراق البلد الوحيد الخالي من مراكز التخطيط والدراسات الاستراتيجية تكون تابعة لعمل الحكومة…..ومساندة له تبدي المشورة والحكمة للخروج بعمل مبرمج واضح في كل المجالات وعلى كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية حتى…وهنا المثال حاضر من دول العالم كافة فلقد رأينا وجوه كثيرة تعاقبت على سدة الحكم في اميركا بلغ العدد الأربع والأربعين ولم نرى من يعارض او يحود عن السياسة الامريكية تجاه إسرائيل مثلا او اتجاه الشرق الأوسط او اتجاه أسلحة الدمار الشامل وامتلاك أي دولة لها وكذلك سياسة اغلب الدول من الهند شرقا الى دول الاتحاد الأوربي كلها ومن يتابع سياساتها وتخطيطها يجدها واضحة وقوية وسائرة على خطى ثابتة ……..إلا نحن……
نحن الذين لا نعرف ماذا نريد من حكام الى سياسيين الى شعب ولكن معرفة الشعوب لما تريد ممكن توجيهه بقيادة صالحة توضح للشعب ما هي اهداف البلد وهذه الأهداف والتي لا يختلف اثنان عليها الا وهي التنمية والحياة المستقرة والرفاهية ولو سألنا سياسينا حول هل هي هذه استراتيجيتكم  وأنكم مشغولون بالبحث عن رفاهية الشعب وتقديم التنمية الشاملة له أنا متأكد والشعب العراقي كله من خلفي متأكد بالإجابة كلا…والسبب واضح وبسيط هو ضيق الرؤيا ولكونهم ليسوا سياسيين وانما حثالة الحثالة من المجتمع العراقي استلموا القيادة في غفلة زمن وفي غياب الشعب العراقي عن وعيه وبدستور وضع حروفه الأولى المحتل ولأن مشاغل السياسيين اليوم هي كيف اقدم الولاء لرئيس قائمتي لكوني قد افقد الدعم منه وكيف اقوي ركائزي في الساحة السياسية بالعلاقات المشبوهة والميل مع الأقوى دون مبادئ أمتلكها كما فعلوا أعضاء العراقية وكيف انتهز الفرصة كما فعل الوزراء الهاربون…
في العراق لا يوجد معنى حقيقي للتخطيط ولم نسمع عن خطة خمسية او عشرية او حتى سنوية فالكهرباء تعمل …. والصناعة تعمل …. والخارجية تعمل……والاسكان يعمل…. والكل يعمل كلا على شاكله واذكر هنا مشكلة حدثت عندما توقفت احدى محطات التوليد الكهرباء المعتمدة على المنتجات النفطية في منطقة الفرات الأوسط وكان السبب بعدم تزويد المحطة بالوقود من قبل وزارة النفط وكان التبرير ان وزارة النفط لم تستشار عندما تم بناء المحطة. …. والقارئ هنا سوف يتذكر الكثير من المشاكل من قبيل هذه المشكلة …ترى اين التخطيط …. ؟؟؟
اعرف جيدا ان اغلب دول الاتحاد الأوربي مخطط لكل سنتيمتر ماذا سيكون الان او بعد 200 عام هنا موقف للسيارات وهنا منطقة صناعية وهنا مستشفى للتوسع السكاني …هنا مدرسة هنا سكن …. ولو بنيت في أي بقعة من مناطق السكن ستجد هنالك مغذي تستطيع الربط منه للكهرباء والماء والغاز…. ودون وجود لاقتراحات عجيبة من محافظ ناشئ ومجتهد او من مدير بلدية مختلس ومرتشي أو حاصل على شهادته في حب الامام علي (ع) فقط لا غير يعمل بها ويخطط للمواطنين ويقود محافظة….
نحتاج في الدولة العراقية الى تخطيط السليم الشامل الى كل أنواع التخطيط من:
1- تخطيط سياسي (داخليا وخارجيا)   
2- تخطيط اقتصادي (صناعيا وزراعيا وتجاريا وسياحياً) 
3- تخطيط اعسكري
4- تخطيط التنمية البشرية 
فالتخطيط السياسي هو بناء سياسة واضحة ومعلومة للشعب وقد تخالف رأي الشعب أو أحد مكوناته ولكن في الاعم هي لمصلحة كيان الدولة ووجودها وخير مثال هنا عندما قام كمال اتاتورك ببناء تركيا الحديثة من غبار الإمبراطورية العثمانية حيث غير الكتابة العربية في تركيا وغير السياسة الخارجية والاقتصادية وبدأ ببناء تركيا الحديثة وربطها بأوروبا. تركيا الضعيفة تربط بأمة قوية لكي تجرها العربة الاوربية القوية الجامحة تركيا الهزيلة ذو الاقتصاد المتهشم الخارجة من ركام معارك الحرب العالمية الثانية …لكون اتاتورك … ايقن بان المستقبل موجود مع التقدم الحضاري وليس مع خرافات التاريخ وامجاد الماضي وها نحن نرى كيف يمجد كمال اتاتورك في تركيا وهو الاب الروحي لكل تركي بعد ان كان الشيطان المتجسد في بشر…..ونحن اليوم نرى الحكومة  العراقية لا تعرف ماذا تريد هل هي مع حركات التحرر أم ضدها؟؟؟ واضرب مثال هنا القضية السورية حيث ينص الدستور على تجريم حزب البعث وهي بنفس الوقت تتعاطف مع النظام السوري البعثي وتنتقد حركة الجيش الحر …وهل هي مع دول الخليج ام مع المعارضة في الخليج عندما وقفت بجانب المعارضة والتظاهرات في البحرين وبنفس الوقت استقبلت وفود البحرين في القمة العربية هل هي مع قطر ام ضدها هل مع السعودية ام ضدها …اعتقد لا يوجد موقف رسمي واضح حتى مع اميركا هل نحن قاومنا الاحتلال ام رحبنا به …!!! هل خرج المحتل بمزاجه ام بالمقاومة العراقية…هل حكومتنا مع من قاوم المحتل ام مع من هلل له ؟؟؟؟أسئلة كثيرة بحاجة الى رؤيا وتخطيط لها يكون واضح لبناء قاعدة تنطلق منها سياستنا الخارجية…. وكل شيء يهون باسم العراق ولندع مذاهبنا وقومياتنا وطوائفنا جانبا لكون ضياع العراق ضياع المذهب والقومية والطائفة…
اما في الجانب الاقتصادي فالفضيحة أكبر فلا يوجد في العراق مدن صناعية ولا يوجد مناطق صناعية فكل مناطق العراق صناعية زراعية تجارية سياحية متداخلة التوجه وأي محافظة وحتى العاصمة تخلو من مناطق صناعية تكون مربوطة بخطوط السكك الحديدية والطرق لاستقبال المواد الأولية والتسويق الى المحافظات الأخرى دون الدخول في ازدحامات المدن الداخلية او مسببة لتلك الازدحامات وفي اغلب الدول تكون خارج المدن. لم نشاهد خطة واضحة لوزارة النقل والمواصلات او لوزارة التخطيط لمثل هذه الرؤى البعيدة…. وانما نجد العكس منطقة الشورجة التجارية هي نفسها منذ اربعينات القرن الماضي موجودة في قلب العاصمة بالرغم من كون عدد نفوس العاصمة بلغ الثمان ملايين …كيف يخطط القادة وأصحاب القرار في العراق لا نعلم….ماهي الرؤى ما بعد النفط واقتصاديات المعتمدة على النفط لا نعلم …سوى ان العراق في مهب الريح لو نفذ منه النفط….ماهي سياسة العراق التجارية او السياحية …ماهي سياسته الزراعية والعراق بلد زراعي كان في المنطقة والشرق الأوسط ما هي سياسته المائية مع دول الجوار هل بنى قوى ضغط على تلك الدول لكي يكون مستعد للضغط والضغط المتبادل؟؟؟؟أسئلة كثيرة وكثيرة لا نعلم اين يسير العراق …واين ذاهبون هؤلاء القادة به….
اما التخطيط العسكري فحدث وانطلق….فالجيش موجود في المدن ….والمدن مسيجة بالأسلاك والجدران تذكرنا بجدران برلين …وبناء القوى العسكرية مشكوك بها وما حدث بين الجيش العراقي والبيشمركة في كركوك دليل على كون ان في العراق اكثر من جيش ناهيك على الاستعراضات الداخلية …ولم نرى أي رد للجيش العراقي او البيشمركة على التعديات التركية او السورية او الإيرانية او الكويتية على اجوائنا ومياهنا واراضينا ……..والكل يعلم الميزانية الهائلة لوزارة الدفاع والفساد المرافق لهذه الوزارة التي سبب ارق للعراقيين بقلة حمايتها لأرواحهم في الداخل او على الحدود…
اما في التنمية البشرية ….فالبطالة موجودة بأعلى نسب في العالم ..بين الشباب المتخرج والغير متخرج ولا يوجد في العراق ما يشير الى قرب زوال مشكلة البطالة فالترهل الحكومي في العراق واضح والإنتاجية في العراق قد تقترب من الصفر اذا ما ازيل عامل الإنتاج النفطي ونرى وزارة التعليم العالي تزيد من فتح الكليات والجامعات الاهلية والحكومية وترمي بالشباب المتخرج الى الشارع ليصبحوا قنابل موقوتة قابل الى الانفجار في أي لحظة ….دون ان ترى مدى حاجة السوق الى الخبرات والصنوف المطلوبة او الاختصاصات ونتيجة لهذه الرؤيا نرى عزوف الأهالي عن زج أبنائها في التعليم لأسباب منها الفقر وقلة مجال العمل ..
كلها أسباب ……وكلها مشاكل ناتجة عن سوء تخطيط …وهي موجودة في اغلب دول العالم وتحل…. لكن في العراق المبتلى …. فيه مشكلتان …”المشكلة ……وصاحب الحل”

أحدث المقالات

أحدث المقالات