19 ديسمبر، 2024 4:10 ص

صلوات … صارت للسياسي كرامات

صلوات … صارت للسياسي كرامات

يقولون أن الكذب نوعان : أبيض وأسود ، أما الابيض فهو الكذب الذي يكون هدفه الضحك والتندر دون الاساءة للاخرين ، بعكس الكذب الاسود الذي يدخل صاحبه نار جهنم !
والبغادة الاصليين ( المسجلين في بغداد قبل عام 2003 ) يعرفون جيدا المرحوم أبراهيم عرب وحكاياته الظريفه في مقهاه الشعبي الواقع في صوب الكرخ في خمسينيات القرن الماضي والذي أستطاع من خلال حكاياته الممتعة أن يستقطب جمهورا غفيرا كان يستمتع بالحكايات الشعبية الغير واقعية وكان يقضي أوقاتا ممتعة هناك مع شرب الشاي والحامض . وكان ابراهيم يقص حكايته ويتوقف في منتصفها ( فاصل ونواصل ) ويصيح على صانعه الجايجي ( وينك يا ولد ، فر جايات عالكاعدين ، أحنا خو مو نحجي أبلاش ) !!!
ومن حكاياته : يقول أشتهيت سمكا مسكوفا في أحد الايام ، وذهبت الى ( الشط ) لأصطاد السمك لقرب النهر من ( الكهوة ) ، وجلست على ( المسناية ) وكان الهواء ( عذيبي ) فرميت ( الشص ) فوقع في منتصف النهر تقريبا ، وجلست أنتظر ، فاخذني النعاس من شدة عذوبة الهواء ، ونمت نوما عميقا ، وبعد فترة من الزمن أحسست أن الشص يتحرك ، وبدأت بسحب الخيط  وكان قويا فقلت في نفسي تبدو أنها سمكة كبيرة فأغمضت عيني وبدأت أسحب وأسحب ولم أسمع الا صوتا قويا كأنه صوت ( طوب أبو خزامة ) أو أقوى ولما فتحت عيناي ذهلت مما رأيت ، فلقد رأيت أن ( الرصافة طبكت عالكرخ ) ولكي لا تخرب بغداد قطعت خيط السنارة ودفعت بقدمي صوب الرصافة وأعدتها الى مكانها ، وهنا صاح أحد الجالسين : أبو عرب وجسر الصالحية وين صار ؟
فأجابه على الفور : ضميناه أبيت خالتك ، فضحك الجميع !!!
هذا النوع من الكذب مقبول أحيانا لأن هدفه الفكاهة ويعلم المستمع جيدا أنه مجرد كلام مبالغ فيه فيتقبله برحابة صدر ويضحك منه .
ألا أن ما يبكيه أن يتم الكذب عليه علنا وفي كل يوم من قبل ولاة أمره والمتسلطين على كرسي الحكم في بلده ، فالعراقيون يعلمون علم اليقين أن كل الحكام الذين حكموهم منذ تاسيس الدولة العراقية عام 1920 الى يومنا هذا يكذبون عليهم ، وأعتقد أن السبب في ذلك أن كل حاكم يأتي يعتبر أن شعب العراق شعب ( قشمر) من السهولة الكذب والضحك عليه ، لكن وللاسف فأن كل الحكام لم يكتشفوا حقيقة هذا الشعب الا في اليوم الذي أسقطوه من على كرسي الحكم .
وبعيدا عن الحكام الذين لا نعتب عليهم ، فأن هناك من أبناء الشعب من يمجد بعض السياسيين ويرفعهم الى مستويات لا يحلم بها حتى السياسي نفسه ، وينعته بنعوت وأوصاف بعيدة كل البعد عن السيرة الحقيقية لذلك السياسي .
 لي صديق يحب أحد السياسيين العلمانيين حبا جما ، وفي كل يوم يزداد حبه وتعظيمه له الى أن قال يوما : هل تعلم أن فلان الفلاني ( يشّــور ) ، نعم أنه ( سيد ) وله كرامات مشهودة؟
قلت له : أنما هو سياسي علماني ، فمن أين جائته الكرامات ؟ هل لك أن تذكر لي أحداهن ؟
قال : أجل ، في أحدى ليالي الشتاء الماضي تمرض ولدي ، فأخذته بسيارتي الخاصة الى مستشفى الاطفال في الاسكان ، وتمت معالجته من قبل الاطباء الخفر ، وعند عودتنا الى البيت تعطلت سيارتي وكانت الساعة تقترب من الثانية فجرا ، فنزلت وفتحت غطاء المحرك وفحصت كل شيء في المحرك وكان سليما ، وعجزت عن تحديد العطل ، التفت يمنة ويسرة فلا يوجد أحد في الشارع ينقذني ، عندها أستدرت نحو القبلة ، ورفعت كلتا يدي وقلت : اللهم بجاه سيد ( فلان الفلاني ) عندك أرسل لي في هذه الساعة من يخبرني سبب عطل السيارة ، فلم أكد أنزل يدي  ، وأذا بطائر أبيض اللون يمر مسرعا من فوق رأسي وهو يصيح : فيت بمب … فيت بمب .
جٌـــر … صـــــــلوات !!!!!

أحدث المقالات

أحدث المقالات