23 ديسمبر، 2024 3:12 م

صفقه السلاح الروسي : الأشواط السبع بين( الكرملين)… و(البيت الأبيض!!)

صفقه السلاح الروسي : الأشواط السبع بين( الكرملين)… و(البيت الأبيض!!)

 في زمن التباغض  والتحارب  والتربص  بنوايا تخجل منها حتى الذئاب لا يمكن ان تتضح إبعاد أي صوره ما دامت عمليه الرجم بالوحل والطين والتهم  مستمرة  ضد كل النصب والرموز والتاريخ والقيم وأصدقاء الأمس  طبعا مع تبدل اللحن والإيقاع السياسي وما دام هنالك من يفسر أي نص او حدث او خبر بتأويل خارق  بالسذاجة او اللؤم أحيانا او الغباء والببغائيه دون إدراك الأهداف البعيدة المدى والباطنية على طريقه القطيع الذي يسوقه عرابي ومنظري إعلام مرحله الربيع العربي الذي أمطر دما وتقهقرا  وتراجعا لصالح قوى دينيه كانت تعادي الغرب وسياسته وحكامه العرب السائرين في ركابه وتنعتهم بالعمالة وخيانة ألامه وقضاياها المصيرية وتصف من يدافع عن مشروع ألدوله لا السلطة بأنه جزء من الطابور الخامس!!!… فإذا بها ومنذ عامين لا تستحي ان  تركع على أبواب البيت الأبيض و قصر الاليزيه و10 داوننغ ستريت لتقديم ولاءها المطلق وشهادات حسن السير والسلوك، وضمانات الحفاظ على معاهدات الصلح مع  أعداء ألامه العربية والاسلاميه• وتنفض يدها من أصدقاء الأمس والحلفاء الذين طالما وقفوا معنا أيام الشدة والعسرة وحين تعرضنا للعدوان والحروب  ولم نجد من ناصر سواهم. 
   ليس غريبا إذا ان  يرتفع الصراخ في البازار العراقي أول محطات الزلزال الشرق أوسطي الذي  رغم تكذيب المرء له يكون مجبرا أحيانا على الاستسلام لألاعيبه وسماسرته   وحتى نصابيه ولصوصه ومروجي البضائع المسروقة والمهربة والمنتهية الصلاحية مثل شعارات  مرحله العراق الامريكي الذين يسمون أنفسهم بالنخب و يضعون قوانين العرض  والناموس والشرف على( بسطاتهم) لمن يدفع الثمن ولا تتم صفقه دون شبهات فساد او رشوه حتى وان كانت نزيهة مئه في المئه والكل يزايد على الكل الى درجه ضياع الحقيقة!!!!  أنها نفس حكاية الكذاب الأشر الذي  طالما كذب على قريته بقدوم الذئاب وعندما غرق فعلا في النهر وراح يستنجد بالناس لم يصدقه احد فابتلعه النهر!!!
 
 ثمة سؤال هنا  قد يستوقف الكثير من المعنيين بسياسة العراق الخارجية التي  هي جزء من سياسته ألعامه وهو يسعى نحو مجرد الوقوف على قدميه ليواجه سيلا من المشاكل الموروثة او تلك التي خلفها الاحتلال والإرهاب التي تركت أثارها لا على جدرانه المتصدعة فقط وإنما باتت تهدد ركائز ألدوله وأسسها وأبوابها وحتى معماريتها منذ ان اختارت طريقه الطائفية وتقاسم السلطة كغنيمة …. والسؤال هو: ما هي طبيعة علاقات العراق منذ العهد الجمهوري وحتى فتره قريبه بروسيا  الحالية  والاتحاد السوفيتي سابقا… والى أي مدى خدمت تلك العلاقة الثنائية  مع دوله عظمى المصالح العراقية وعمليه النمو وبناء ألدوله ومؤسساتها بما فيها المؤسسة العسكرية العراقية… وأين كانت موسكو الشيوعية واللبرالية بعد الغلاسنوست والبيرسترويكا من أزمات العراق وحروبه وعواصفه وزلازله والعواصف التي هبت عليه بعد انتهاء الحرب الباردة؟
 قبل الإجابة ثمة ما يستدعي الحيرة  والتوقف فا لغريب ان من كانوا بالأمس من اكثر المتحمسين لموسكو وسلاحها ومواقفها من العراق والعرب باتوا أكثر المنتقدين  لها والمعادين لها  ربما  لأنهم بدلوا ولاءاتهم بسرعه خارقه وركبوا القطار الأمريكي الغربي  الذي أوصل القوى الإسلامية الى السلطة والتي لم ولن تخرج عن طاعة أسيادها وان فعلت ذلك بسبب الطيش فإنها ستكون متطرفة او مارقة او إرهابيه رغم قناعه الكثيرين انها لن تقدم على ذلك مادامت ستغرق في عسل السلطة وسحرها وبحبوحته وستساهم في إغراق العالم العربي في ضباب الجدل والصراع  والفتاوى وعصر الخليفة والحريم والتكفير وسمل العيون والتمهيد لتفتيت ألدوله الوطنية ..
 ولست ممن يرون في البيت الأبيض…. او الكرملين قصرا مسكونا بالقديسين وأخر تحوم به الأشباح ومصاصي الدماء… او أن فيهما إما  خيرا مطلقا او شرا مطلقا كما لست ممن يصغون لوصف الزعيم الإيراني الراحل ايه الله الخميني الذي وصف الروس والأمريكيين معا  بأنهما شيطان اصغر وشيطان اكبر !!! فالذي يحكم مواقفهما  كدول عظمى تجاه العالم الخارجي المصالح قبل كل شي…  لكن على أي صانع قرار  ان يأخذ الأمور من منظار تاريخي تحليلي لتقييم مواقف الدول تجاه بلاده إذا ما سعت الى التوازن والانفتاح الذي هو من ثوابت العلاقات الدولية خاصة بالنسبة للعالم الثالث ودوله.
  و علينا هنا  وبحياد مطلق ان نراجع تاريخنا المعاصر ونسال أنفسنا :  هل كان بوتين او الرفيق خروشوف  او  بريجنيف  من حاصر العراق على مدى 12 عاما عجافا وشن حربين عليه واحتل أرضه وأزاح صروح ألدوله وموسساتها بالبلدوزرات بلا رحمه ؟؟؟؟ ومن  دعم  تجربه ال14 من تموز 1958 التقدمية ثوره الكادحين والفقراء والمثقفين والشرفاء  ومن تامر على إجهاضها في شباط 1963   واعدم زعيمها؟؟؟؟ من   دعم  بالمال والسلاح أعداء ألامه وسهل احتلال الأراضي العربية ومن  صوت ضد أدانه أعداءها في مجلس الأمن وفرض علينا الفصل السابع المتعلق بالحصار الاقتصادي دون أمم الأرض كافه ؟؟؟؟؟ومن انتزع حذائه وانهال به على منصة المنظمة الامميه عام 1956 حين شن الفرنسيون والبريطانيون والإسرائيليون عدوانهم على مصر؟؟؟؟  ثم من هم  من  وقفوا دائما الى جانب الكفاح العربي المشروع في الجزائر وفلسطين واليمن وسوريا وارتريا( رغم بعض المواقف التي تخاذلوا فيها عن نصره الحق العربي )؟؟؟؟
 لكن العرب ولإنصاف التاريخ نقول كانوا يطلبون دائما من قاده الاتحاد السوفيتي الكثير من المال والسلاح والدعم  بينما كانوا يلقون بالشيوعيين العرب في القاهرة وبغداد ودمشق في غياهب السجون وينفضون ايديهم من التحالف مع موسكو في أحرج الظروف مثلما فعل السادات الذي قام بطرد جميع الخبراء الروس  من بلاده  بعد الانتصار في حرب تشرين عام 1973 وهو ما دفع هنري كيسنجر على القول( لو طلب منا السادات 25 مليار دولار مقابل طرد الخبراء الروس من مصر لما ترددنا ولكنه فعلها بالمجان وقد فوجئت بسماع قراره هذا عبر المذياع )!!!
 وبعيدا عن تحفظنا على  النتائج السلبية الناجمة عن عسكره الاقتصاد لنرى معا ثمره مسيره طويلة  من علاقات التعاون مع  الروس خدمت مصالح الطرفين معا :
 ما بين عام 1958 وعام 1990،.    بلغ حجم المبيعات العسكرية الروسيه للعراق في تلك الفترة 30.5 مليار دولار وكان العراق من أهم مستوردي المعدات الحربية السوفيتية. وقد انشأ العراق بمساعدة الاتحاد السوفيتي  العديد من المصانع العسكرية من بينها مصنع مدافع هاوتزر ومصنع بنادق  كلاشنيكوف الشهيره ومصنع ذخائر المدفعية  وحصل على 60 ترخيصاً لتصنيع الأسلحة الروسية قام بتطوير بعضها وتحديثها بهمه وكفاءة أبناءه.  وللمقارنة نقول ان دوله عربيه واحده استوردت من السلاح الغربي واغلبه من أمريكا ما قيمته 48 مليار دولار خلال عامين..
باختصار حصل العراق من الاتحاد السوفيتي قبل اندلاع عاصفة الصحراء عام 1991 على  ما يقارب 3 آلاف وحدة من عربات المشاة القتالية والكمية نفسها من ناقلات الجنود المدرعة ومن المدافع و 4500 دبابة و700 منظومة صاروخية لمكافحة الدبابات و300 منظومة مضادة للطائرات و348 مروحية و1000 طائرة و41 سفينة  اغلبها بالدفع الأجل والمقايضة بالنفط أي ان الجيش العراقي السابق وعلى مدى  أربعه  عقود كان يتعامل مع السلاح الروسي الذي اثبت فاعليه قتاليه ليس في العراق وحده وإنما في العديد من دول العالم في أسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية وحركات التحرر الوطني ….
 نعم لم  يزود الروس وحدات الجيش العراقي  بصواريخ متطورة مضادة للطائرات وغيرها والتي كانت تخضع لتفاهمات سريه مع واشنطن لضبط إيقاع الصراعات الخارجية  كما  لم  يكن سلاحهم بكفاءة الأسلحة الامريكيه الباهضة الثمن والتي لا تقدم الا للحلفاء جدا و التي تطورت في العقود الاخيره بفعل التقنيات ألحديثه ولكن مقارنه الأسعار والشروط بين باعه الأسلحة الامريكيه والروسية وطبيعة الصراع في الشرق الأوسط قد يدفعنا عن التوقف والتروي قبل إطلاق الإحكام السريعة..

 الروس هم من ساهموا في إعداد الكادر الوطني العراقي في مختلف العلوم والفنون وتطوير ودعم تجربه التصنيع وفي النهوض قطاع النفط و تنمية القدرات العسكرية الدفاعية العراقية والوقوف الى جانب العراق خلال تأميمه للنفط عام 1972. وقد انشأ العراق بمساعدة الاتحاد السوفيتي 100 مشروعا اقتصاديا تم انجاز 80 مشروعا منها كما شاركوا في  تطوير حقول نفط الرميلة الشمالي  وحقول نهر عمر واللحيس التي بلغت إنتاجيتها الإجمالية 45 مليون طن من النفط الخام سنويا، كما   أنشاء الروس خط انابيب مشتقات النفط بغداد – البصرة، و المحطات الكهروحرارية والكهرومائية “الناصرية” “النجيبية” و”دوكان”بقدرتها الإجمالية البالغه 1440 ميغاواط. كما شارك الاتحاد السوفيتي في أنشاء معمل الآلات الزراعية في الإسكندرية ومعمل الأدوية في سامراء والعديد من الصناعات الأخرى التي تحولت الى أنقاض وخرائب  بعد عام 2003م.
نعم باع غورباتشوف وشفيرنادزه العراق  بصك على بياض قدمه لهما وزير الخارجية السعودي عام 1990عندما تغير ميزان القوى وانتهى عصر المبادئ والحرية وحلم دوله الكادحين وحركات التحرر و عالم القطبين…. لكن هل يلام  الكرملين على ذلك  ام من تحدى بطيشه الغرب كله وتوهم بعد انتهاء الحرب مع إيران انه تنين أسطوري قادر على تغيير الخرائط بمجرد تحريك جيشه لاحتلال الكويت؟؟؟ 
 لماذا إذا هذه الذاكرة العراقية التي تتحكم بها الأهواء وتنسى الصديق وتراهن على العدو لمجرد انه الأقوى  والأكثر بطشا وجبروتا وتلقي بكامل أوراقها في سله واحده ؟؟؟ وتنسى من وقف معها في خنادق القتال ومحنها وآلامها وصراعاتها و ساند العراقيين في بناء صناعاتهم وسدودهم  وجسورهم  ومصانعهم ودعم استقلاليتهم وتحقيق أحلامهم  الوطنية؟؟؟؟ اذا تناسينا كل ذلك  الم يوافق الروس  بسخاء على إلغاء 13 مليار من ديونهم بذمه العراق بينما تمنى عليهم نادي باريس إطفاء 80% فقط من ديوننا الخارجية عام 2004 بينما لازال بعض أشقاءنا ا لعرب يقتطعون من دمنا ولحمنا ويرفضون التنازل عن سنت واحد من ديونهم علينا وبعضها بل اغلبها غير مشروع لا في عرف الله ولا قوانين الأرض ؟

 لست ممن يدعون الى عسكره الاقتصاد وشن الحروب العبثية التي حرمت العراق من اغلب عوائده النفطية  وأسكنت فلذات الأكباد القبور وخلفت ملايين الأرامل والأيتام والأمهات الثكلى وجرت علينا  الويلات والمصائب  وأحالت مدننا الى خرائب ونحن نطفوا فوق حقول من الذهب الأسود..!!!كما لست ممن يطالب بالعداء للغرب والتحالف مع موسكو.. ولكن واقع العراق وظروفه الامنيه والتحديات التي تواجه كيانه وخارطته حاليا  تجعل من الضروري تسليح جيشه الدفاعي وتنويع مصادر تسليحه خاصة  بعد ان أمست اتفاقيه الإطار الاستراتيجي مع الأمريكيين التي تلزمهم بحماية العراق ووحده أراضيه حبرا على ورق. بينما تغير ميزان التسلح العسكري في دول جوار العراق لغير صالحنا… والمحزن والمحير ان من جيش الجيوش وحشدوا المجاهدين ودقوا طبول الحرب وسعوا لتحويل بغداد الى (هانوي العرب) وصلوا لخروج الأمريكيين من العراق  يتباكون اليوم عند البيت الأبيض والسفير الأمريكي في بغداد  ويستنجدون بهم لان الحكومة تسعى نحو شراء السلاح من الروس واغلبهم كان متباهيا بالزيتوني والكلاشينكوف والميغ والسيخوي وراجمات الصواريخ المكنات( ارغن ستالين)  قبل سنوات!!
 وسبحان مغير الأحوال.!!!