23 ديسمبر، 2024 3:41 ص

صفقة الكهرباء الوهمية مع الشركتين ( الكندية والالمانية)

صفقة الكهرباء الوهمية مع الشركتين ( الكندية والالمانية)

تعاقدت وزارة الكهرباء العراقية في العام 2011 مع شركتين أحداهما كندية والثانية ألمانية، لتجهيز ونصب محطات (ديزل) بسعة اجمالية تقدر بـ (5000) ميكاواط موزعة على (25) موقعا، أي بسعة (200) ميكاواط لكل موقع.
لا نريد هنا التعرّض لموضوع العقدين المشار إليهما من الجوانب التعاقدية ، ولكننا سنوضح للمعنيين والمهتمين، نوع هذه المحطات والجوانب الفنية والإقتصادية من حجم الصفقة و نوع هذه المحطات:
أولا :  عالميا لا توجد مؤسسة كهرباء في طور البناء تقدم على نصب محطات ديزل بهذه السعة في وقت كانت فيه وزارة الكهرباء العراقية قد تعاقدت في الاعوام (2007 و 2010) مع شركات عالمية رصينة لإنشاء محطات إستراتيجية (بخارية وغازية كبيرة) بسعة (15000) ميكاواط ، مع تهيئة كافة مستلزماتها من (تخصيصات مالية ومواقع جغرافية وتصاميم ومعدات داخلة في بنائها من مناشيء عالمية معروفة ومتخصصة، إضافة الى الشركات المؤهلة لتنفيذها)، مع الأخذ في الإعتبار أن كل ما تقدم مبني على دراسة الجدوى الفنية والإقتصادية التي تم إقرارها من قبل لجنة الطاقة وهيئة المستشارين في مجلس الوزراء.
أما محطات (الديزل) المشار إليها، فلأسباب فنية معروفة للمتخصصين في مؤسسات انتاج الطاقة الكهربائية فإن بناءها ونصبها يتم لغرضين محددين، الأول لتجهيز الطاقة الكهربائية لمناطق معزولة وغير مرتبطة بالشبكة الوطنية، أما الغرض الثاني فهو ربطها بالمنظومة الكهربائية فقط للتغذية الإضطرارية خلال فترات حمل الذروة أو في حال حدوث طاريء يؤدي الى نقص في إنتاج الطاقة الكهربائية لفترات محدودة، بمعنى أنه لا يمكن إعتمادها كحمل أساس في المنظومة الكهربائية. بالإضافة الى عدم إستقرارية عملها في حال تذبذب المنظومة الكهربائية لاسباب فنية.
ثانيا :  علاوة على التكلفة المالية الإستثمارية العالية لهذه المحطات، والتي تتراوح ما بين (1.2 الى 1.5) مليون دولار لكل ميكاواط واحد !!، فإن التكلفة التشغيلية لها هي الأخرى مرتفعة جدا وكما يلي :
أ . أن تشغيل المحطات المذكورة يحتاج الى توفير زيوت ( التزييت) لماكنات وحدات الإنتاج بمقدار واحد برميل زيت (220 لتر)  لكل (10) ميكاواط  انتاج في اليوم !. علما أن معدل سعر اللتر الواحد من هذه الزيوت هو (10) دولار، وهذا يعني إستهلاك زيوت بكميات (100 ألف) لتر يوميا للسعة المتعاقد عليها والبالغة (5000) ميكاواط …. أي بكلفة كلية تقدر بمليون دولار يوميا، وبـ (365) مليون دولار سنويا !!، وهذه تكلفة باهضة جدا ناهيكم عن تكلفة عمليات إستبدال الزيوت لمحركات الوحدات التي تتم كل ستة أشهر !.
ب . ان هذه المحطات تعتمد على الوقود الثقيل وبكمية إجمالية تصل الى (25 ألف) طن يوميا، ويتطلب ذلك توفير إسطول (3×1000) صهريج سعة (25) طن يوميا، وطرق سالكة داخل المدن !، لتتمكن من ملء ونقل وتفريغ هذه الكمية، … وهذا ما تعجز عن تحقيقه أي مؤسسة نقل متخصصة !.
ج . تتطلب هذه المحطات تهيئة طاقم متدرب للتشغيل والصيانة بواقع مئة فني وبثلاث وجبات عمل، وهذه الأعداد وبالخبرة المطلوبة غير متوفرة لدى وزارة الكهرباء، بل أن محطات (الديزل) الموجودة حاليا تعاني من نقص حاد في التخصصات الفنية مما ألحق بالعديد منها أضرار كثيرة وبعضها متوقف لهذه الاسباب.
ثالثا :  إضافة الى كل ما تقدم فإن نصب وتشغيل هذه المحطات وتهيئة أطقمها التشغيلية وتأمين وقودها يتطلب فترة زمنية تتراوح ما بين (سنة) الى (سنة ونصف) من تاريخ الشروع بالعمل، وهذا يقع بالتأكيد خارج التوجه العام المعني بتقليص الفترة الزمنية التي تفصل بين ما هو متوفر حاليا من إنتاج وبين الإكتفاء المنشود، هذا بالإضافة الى العديد من الإشكالات الفنية الأخرى المتعلقة بهذين العقدين.
وكنا نأمل بدل ذلك أن نتوجه الى إستثمار الوقت وإنجاز ما بدأت به الوزارة سابقا في بناء المحطات المتعاقد عليها ضمن الخطة الإستراتيجية التي وضعت ووفق البرنامج الزمني المخطط له، هذا بالإضافة الى إكمال الإحالات الخاصة بتنفيذ العقود المتبقية التي كان من المفروض أن ينتهي العمل منها في هذا العام 2013 وتدخل حيز التجهيز.
ولا نعرف السبب وراء هذا الإصرار على شراء ونصب هذه المحطات !، مؤكدين ثانية أنه لا توجد شركات رصينة قادرة على توفير مثل هذه السعات ناهيكم عن نصبها وتشغيلها، أما ما بقي من القول فإن العمر التشغيلي لهذه المحطات لا يتجاوز الأربع سنوات وبحسب تجارب وزارة الكهرباء العراقية بمحطات الديزل.    
[email protected]