منذ طفولتي و انا المس و ارى خوف الملوك و الحكام و الرؤساء من شهر محرم الحرام، فكنت و لم ازل استغرب هذا الخوف و الرعب الذي ينتاب الحكام و يسود البلاد. لقد اثبت هذا الشهر الفضيل و الثورة العظيمة التي قامت فيه ان هؤلاء الحكام في ضلال مبين، و الا فلِم يخشون الحق المبين و الصراط المستقيم. لم يخشوا صرخة الحق المدوية التي اطلقها الحسين بن علي بن ابي طالب (ع) (لم اخرج اشرا ولا بطرا و انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي و لآمر بالمعروف و انهى عن المنكر).
انهم مرعوبون مذلولون مهانون، و للدنيا طالبون، انهم فاسقون مغامرون لحق الناس اكلون، و عن هموم الخلق غافلون، و لبيت المال سارقون ، و للرقاب قاطعون، و للمظلومين و المسحوقين مستغلون، متناسين و ناسين يد المنون، فلِم لا يخشون هذه الصرخة الازلية الخالدة؟. لِم لا يخشون ابن المدرسة المحمدية ابن الصفوة العلوية؟، لِم لا يخشون ابن الاسد حيدرة القائل: (والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليت عنها)؟. انها صرخة الفقراء و المظلومين و المسحوقين في كل مكان و زمان، انها صرخة الضعفاء الاقوياء الذين يزلزلون الارض و يدكون القلاع و القصور حينها يخرج السفاحون الافاكون من الجحور و الارض من تحتهم تثور فالويل و الثبور و عظائم الامور لسارقي حق الشعب و مغتصبي حقوقه. انها الثورة المباركة الخالدة التي اصبحت نبراسا لثورات الشرفاء و المسحوقين، لقد ذاق رحيقها روبسبير و صحبه فكانت الثورة الفرنسية، لقد نهل من علمها و فكرها غاندي فكانت الثورة الصامدة ثورة الحفاة العراة ثورة المظلومين في الهند. لقد اضاء نورها الدرب لجيفارا فصار اعصارا ارعب الامريكان في كوبا و امريكا الجنوبية، لقد سار على دربها شافيز في فنزويلا فسمي قائد الفقراء. و كان مهاتير محمد الماليزي احد طلبتها و السائرين على خطاها محولا ماليزيا الى دولة ذات سيادة و ريادة.
فلِم لا يستفيد منها الحكام العرب؟. انهم ليسوا عربا كما يدعون و ليسوا بالحكام الحقيقيين انهم دمي تحركها الدول الاستعمارية حسب اهوائها و ارادتها و تحدد يوم تنصيبهم و يوم ازاحتهم عن عروشهم الواهية، و اذا رفض (الحاكم) امرا فان موعده الصبح (اليس الصبح بقريب). انهم لم و لن يتخذوا منها نبراسا لانهم سراق و الحسين (ع) ثار ضد السراق الذين سرقوا السلطة و ضد من سرق الحق العام و بيت المال، انهم بعيدون عن الدين و محرفون للدين فثار الحسين (ع) ضدهم لاعادة الدين الى الخط الالهي المحمدي و هم لا يروق لهم ذلك. لم يثر الحسين من اجل جاه ولا مال ولا سلطة. لقد تمادوا في طغيانهم فزوروا و اعلنوا الحرب على محمد (ص) و هو القائل (من غشنا ليس منا). لقد اعلنوا حربهم على الرسالة السماوية القائلة (السارق و السارقة فاقطعوا ايديهما)، فسرقوا و ملؤوا الخزائن و الجيوب و غرقوا في الفواحش و الذنوب، فكيف تريدهم ان يرحبوا بشهر محرم الحرام و يوم عاشوراء يوم الصرخة المدوية التي تزلزل الارض تحت اقدام الطغاة و البغاة و السراق و المزورين و الغامطين لحقوق الشعب. ها هي صرخة الحسين (ع) المدوية صرخة الابطال الاباة الذين لم و لن يسجدوا لغير الله و لم و لن يعتمدوا على امريكا و غير امريكا بل توكلوا على الله الواحد الاحد فثاروا و نصرهم الله (ياأيها الذين امنوا ان تنصروا الله ينصركم و يثبت اقدامكم). لم يرد الحسين بكاءً و لا عويلاً ولا … بل اراد و يريد منا ان نقول لا للباطل ارادنا ان نزهق الباطل، و نقف في صفه و صف الحق، ارادنا ان نسير على خطاه و خطا جده و ابيه، لقد لخصها كما لخصها القران (كنتم خير امة اخرجت للناس تامرون بالمعروف و تنهون عن المنكر). و هاهي الشعوب الاوروبية و الامريكية تعمل بشعيرة الامر بالمعروف و النهي عن المنكر. انها المدرسة الخالدة التي تعلم الصغير و الكبير، المثقف و الامي، المسلم و غير المسلم، بل تعلم الانسانية جمعاء كيف تقول لا للباطل، و ان لا الحسين (ع) كانت و لم تزل اعظم لا في التاريخ و ان شهر محرم الحرام غير مرغوب به لدى الطغاة و البغاة و السراق و المزورين، لانه المدرسة الازلية التي تعلم الانسان حقوقه و واجباته و تعلمه كيف يثور و صدق من قال: (كل ارض كربلاء و كل يوم عاشوراء). [email protected]