لايمكن توصيف وضع العراق الان بوصف ادق من وصف (الكارثه) ذلك ان الصراحه والصدق مع الله والذات يستوجبان م كل منصف ان يضع الامور في نصابها وان يجاهر بالكلمه الحق لابراء ذمته والقاء الحجه على من يعنيهم الامر ممن تسببوا بانحدار البلد الى مضيق الخوف والفساد والمجهول ولان المسؤولية وبحكم تركيبية النظام الديموقراطي في العراق هي مسؤولية تضامنيه لذا فأن السلطات الثلاث بل الاربعه تتحمل هول هذا الوضع ويشترك الجميع في رسم صورة اللوحه المأساويه لبلد وشعب ابتليا بطبقه حاكمه لم تراع فيها إلا ولا ذمه.
والا فما التفسيرالمنطقي لما يجري .. وهل ان الخلل في الشعب والقدرات ام في من تولى زمام الامور، يقينا الشعب ومع كل (الحريه) التي اكتسبها بتضحيات ابناء (لابمعارضه المعارضين ولا بدبابات المحتل) فأنه غير قادر واقعاً على احداث تغيير حقيقي، وواقعي، وفعلي وليس له دور في رسم السياسات او تنصيب (أولي الأمر) ولايقولن أحداً أن الشعب ممثل بالبرلمان والبرلمان يتولى كل ذلك ، لاننا جميعاً نعلم ما يجري في الانتخابات وكيف يتسلق هؤلاء على اكتاف ضحاياهم من الفقراء وسكان العشوائيات والقبور والغارقه منازلهم، والمرضى ابناءهم ، وجامعي النفايات والمتسولين وغيرهم من الفئات المسحوقه، لذا فلا نرى أن البرلمان يمثل هؤلاء حقيقية ولو كان الامر كذلك لما ازدادت معاناتهم سوء ولم يحقق لهم النظام بعض ما يريدون سواء على صعيد مجازر التكفيرين التي ثلتهم احباؤهم كل يوم. او في واقع الخدمات الانسانيه التي كفلها لهم الدستور الالهي قبل دستور العراق الجديد ولا أعتقد ان ما يجري تحت قبة البرلمان من تنازع وتصارع وما يمكن ان يحدث من (بوكسات) يمثل حقيقية الشعب العراقي، فالمكونات العراقية منصهره تماماً في بودقه التعايش السلمي أما الطائفية والعرقية التي يتحدث عنها هولاء فهي طائفية سياسيه بأمتياز، وان تصرفات وتصريحات هولاء هي ما يؤجج الشارع ويشحن بطاريات العنف الطائفي ويتيح لداعش واخواتها ان يوغلوا في اهلاك الحرث والنسل والبنئ التحتية المسكينه التي ما أن ترتفع قامتها بوصة واحده حتى (تدمغ) على أم رأسها وتغوص من جديد في ارض الفساد المالي والاداري والسياسي والنفسي.
اما السلطه الثانيه وهي السلطه التنفيذيه فلم نرى منها معالجات ستراتيجيه للعديد من الظواهر الطارئه منها او المستديمه بل ان ما يجري تنفيذه من برامج مخطط لايمثل الحاجه الحقيقية للمشاريع وأن توزيع الموازنه العامة للدوله العراقية على الوزارات لايخدم الوزارات التي تقع مسؤولية توفير الخدمات للعامه عليها، بل ام تتح الفرصه لوزارات قطاعيه لان تنفذ برامجها في توفير السكن، فيما يتقمص الاخرون أصول (ستراتيجيه الوطنيه للاسكان في العراق وهي دراسه ستراتيجيه اعدتها وزارة الاعمار والاسكان بالتعاون مع منظمات دولية وخبراء ستراتيجيون عراقيون وعالميون ) ويبدأ كل يصرح بما ويريد ويطرح نفسه (حلال مشاكل) وأن سيحل ازمه السكن، فأمانه بغداد يصرح وكيلها بأنه سينفذ عدة ألاف وحدة سكنيه ورئاسة الوزراء تطلق المبادرة الوطنية للاسكان ، والمحافظات تأخذها الحمى فتعلن انها ستبني وتوزع وتفرز وتبيع وتشتري وتستثمر. والنتيجه ان لاشي يحدث فالمشكله ليست في وزيع الاراضي بل انها تكمن في الستراتيجيه التي يمكن ان تحل الازمه من خلالها، لا ان تستغل لاغراض انتخابيه قصيرة الأجل يستغل (الحاكمون والقادة والطبقه العليا من القوم) فيها هولاء الذين تسميهم ادبيات بعض القادة وللاسف الشديد (الهمج الرعاع الذين ينعقون مع كل ناعق،تجمعهم الصيحه وتفرقهم العصا).. ومثال ازمه السكن سقناه من باب التقريب والآشارة لازمات مماثله تعاني منها كل الوزارات الخدميه والقطاعيه سواء من باب قله التخصيص او القفز على دورها القيادي والستراتيجي في التخطيط والمتابعة لمجمل عملية البناء والاعمار والتشييد في البلد كما أن حل ازمه الخدمات لايتم بـ(حل) هذه الوزارات وتحويل كوادرها وتخصيصاتها وصلاحياتها الى المحافظات التي فشل أغلبها بانجاز مشاريع خطط تنمية الاقاليم واعادة الكثير منها نسباً عاليه من تخصيصاتها الى وزارة الماليه لافتقار هذه المحافظات الى الخطط الكفوءه والكوادر المتخصصه والمكاتب الاستشاريه، وللفساد الكبير الذي يشوب الكثير من العقود التي تذهب الى جهات لاتمتلك القدره والكفاءه الماليه والفنيه للتنفيذ فضلاً عن المصداقيه الاخلاقية، والواقع يمنحنا فرصة الا نفتح الابواب على مصاريعها وأن نطبل لقانون(21) الذي سيثير فوضى لامثيل لها وسيجعل المحافظات امام تحدي ان تكون قادرة على خوضه دون توجيه واستشارة وخبرات مركزية وهو ما معمول به في جميع دول العالم المتحضره.
المشكله اذن في غياب التطبيق للخطط وللستراتيجيات التي وضعها الخبراء (ستراتيجيه السكن، وستراتيجيه الشباب، ستراتيجيه الطاقه.. الخ) وهي خطط تمثل قمة في التخطط الستراتيجي المستند الى الدراسات الواقعيه ولاتحمل حلولاً ترقيعيه واجراءات عشوائية لحل ازمات تحتاج الى خبرة طويله وحنكه فعليه للتعامل معها كما هو الحال مع ازمه الخدمات والمجاري وغيرها مما كانت المبالغ التي صرفت لمعالجة أثاره أكثر مما كان من الممكن صرفها لحل هذه المشاكل حلاً جذريا مع الحزم والشده في الرقابه ووجود استشاريون متمكنون يعملون بمهنيه ودون تأثيرات وتعقيدات وتهديدات من المتنفذين وذوي العلاقات مع الطبقه الحاكمه العليا من المقاولين الطارئين على المهنه او مقاولي ما بعد 2003 الذين اشتروا درجات التصنيف بأبخس الاثمان، ولم يحقق اغلبهم تنفيذ مقبولاً لما انيط به من مشاريع، والقطاعات الاخرى كالقطاع الزراعي والصناعي وقطاعات الخدمات الصحيه والتربويه والسياحه وغيرها تعاني في نفس المشاكل وهي علة لايعالجها الا الالتزام بالخطط والبرامج الواقعيه وتشديد الرقابه ، والحزم واشدد على كلمة الحزم لان التعامل (بديمقراطيه) زائده مع من يتسبب بأذى للمال العام هومشاركه معه والراضي بفعل قوم مشارك لهم ،في فعل هذا الهدر وتدمير الاقتصاد وزيادة معاناه الطبقات المسحوقه في بلد يعد من اغنئ بلدان العالم.
اما اتباع اسلوب المجامله والتراضي والتغاضي وأحالة مشاريع ستراتيجه لشركات لاتمتلك اية صله فعليه بما أحيل اليها (مصفى ميسان نموذجاً) والدفاع عن السراق والفاشلين بل التزامهم من قبل الجهات النافذه، فأن ذلك حقيقية هو (آفة) الفشل الذي رافق اداء الجهات التنفيذ (الحكومه) في المرحله السابقه.
وبيننا وبين السلطه الثالثه عتاب الاحباب ، فلم يرق اداء القضاء الى مستوى القضاء على ثلة اللوص والمزورين وناهبي المال العام، رغم انه كان في مستوى الطموح في تعامله مع الافاق الاخرى لعمله في نشر السلم المجتمعي وتخليص المجتمع من المنحرفين والمجرمين وحل النزاعات الفرديه والجماعيه وغيرها من ميادين العمل القضائي الذي شهد ورغم كل ما أثير عنه ، اداء متميزاً رغم الظروف الصعبه والتهديد والآمن المتدهور والتأثيرات الحزبية والشخصيه، في دوامه كل ماجرى بحثه، يبقئ ملف الفساد المالي والاداري هو الملف الاشد سخونه في هذا الخصم المتراطم من الازمات والفعاليات غير المتجانسه والتناقض الكبير بين الاهداف والتطبيق وبين الشعارات والعلامات وبين الفعل المتجسد على الارض.
وفي رأينا المتواضع ان اداء الجهات الرقابيه لم يرق الى مستوى الطموح وان الكيل بثلاث مكاييل وليس بمكيالين كان ملازماً لعمل العديد من هذه الجهات، ولان حجم الفساد كبير واعداد المفسدين اكبر فأن هذه الجهات بذلت جهوداً طيبه ولكنها بحاجه الى المزيد، لاننا نعلم مايتعرض له قضاة النزاهه ومحقوقها من ضغط وتأثير من جهات نافذه واخرى لديها قدرات غير ظاهرة الا انهم يؤدون ما استطاعوا عملهم في أطره القانونية المطلوبه.
السلطه الرابعه تحتاج لان تتحرر من قوقعة الفئويه وتقوم بحمله وطنيه(مجانيه) تشترك بها كل القنوات الفضائية والاذاعات والصحف والمواقع الالكترونية تتبنئ نشر ثقافه السلم المجتمعي، ومحاربة الفساد والارهاب والحث على الالتزام بالمثل والقيم والتعامل الحضاري مع مفردات النظافه والاداب العامه… الخ … وهي حمله ان تمت (دون اشراف حكومي طبعاً ) بل من الممكن ان تتبناها مجموعه من منظمات المجتمع المدني ويخطط لها من قبل مكاتب متخصصه ، سوف تحدث فرقاً كبيراً وواضحاً في المرحله المقبله التي نأمل ان يتغير بها المشهد الاسود الدامي الذي غلق الحياة العراقية في المرحله السابقه.
العراق يحتاج الى ابناءه جميعاً ، لايمكنه ان يستغني عن اي منهم انها صرخه ام عراقيه… غرق منزلها ، وسقط سقفه فقتل ابنها الوحيد واصابها بأعاقه دائمه وبقيت طريحه الفراش في مستشفى بأئس لم تتلق فيه الا علاج الطوارى (باراسيتامول)… فهل من مغيث
[email protected]