هوس التصريحات التي يتغرغر بها المتورمون, مقطوعة الصلة مع الواقع تماماً, اغلبها تعبر عن فراغ شخصي وتفاهة معنوية او ازمة عائلية وخيبة امل في صفقة كان المتقدم فيها فتراجع حظه, او ربما اشكالية في نظام التسلسل الليلي للحريم, او خراباً اخلاقياً لا شفاء له الا بالكي في (عطابة) التصريح او دونية لا يستطيع اخفائها عن ذاته, ومن اجل استعادة توازنه, ينبح تصريحاً في وجه العباد .
فخامة رئيسنا البروتوكولي (يشخر) تصريحاً يتخذ صيغة الخطاب, دولة رئيسنا التنفيذي, وبعد ان اكمل ترتيش اشياءه في دورة المياه الوطنية يزفر تصريحاً (شخره) الفخامة قبله, سعادة رئيسنا التشريعي, ينقل المصرح به في العواصم الخارجية ليسعل ضميره رزمة تصريحات ” مثل صون الغايره” , النواب السبعة للرئاسات الثلاثة, كل له لونه في التصريحات, تتناسب مع لون الأزمات النفسية والعاطفية وحجم التصحر الجنسي او انحرافاً في مسار الشهوة ناتج عن عطب دمر وظيفة (البروستات), او ربما عثرت المحروسة الأصغر في مسلسل المجندات في هوة عاطفية اشعلت في فخامته ودولته وسعادته وسماحته حريق الخيبة والغيرة فراح يقاتل الهواء, فأطلق تصريحاً جهادياً في جبهة قتال باردة الوطيس .
انها حكمة قديمة, صرح ثم صرح ثم صرح حتى تبدو عكس ما انت عليه, لا يوجد بينهم من هو افضل, فالأسوأ قاسمهم المشترك وجميعهم شربوا فيتامين شخصيتهم من مراضع المنطقة السوداء, كديكة المزابل, تغرد (تعوعي) وارجلها في عفن الأعلام الحكومي, بعد ان ينهوا اخر اجتماع للضحك على ذقون المغفلين, يختتموه بأخذ بعض المسكنات او المنشطات اذا علم بعضهم, انه الليلة من حصة اصغر المحروسات .
هواة التصريحات, يوهمون المغيبين, على انهم حكومة شراكة حقيقية ومقبولية وفريق قوي منسجم, فيها لجان للنزاهة وعدالة للمسائلة وقضاء غير مرتش, تخاف الله وتتصدر المناسبات الدينية من داخل قاعات الرئاسات الثلاثة وزيف دموع التقوى تذرفها عيون التماسيح, انهم مخادعون يتدرجون على سلم ثقة واصوات المخدوعين, ثم يبسقوها تصريحات بوجوههم, انها تقاسيم العراق الجديد الذي يوهمون الناس به ويدعونهم للصبر والثبات على معناتهم وضياع وطنهم .
التصريح امر مقبول اذا عبر عن هموم وطنية انسانية او عن مواقف شجاعة ومبادرات اصلاح اجتماعي, اما اذا كان هذياناً وثرثرة لصوص حول غنيمة مدانة تراقبها وتستحقر فاعليها عيون المجتمع, تصبح هنا موساً معلقاً في بلعوم السمعة, لا يمكن تفادي اوجاعة النفسية والروحية الا عبر افتعال المناسبات ورمي التصريحات الغبية, ثم يسألون عوائلهم وحبربشية المقربين, كيف كنت اليوم في المقابلة ؟؟؟, العائلة وبأحتقار دفين تنافقه بالمديح والمقربون يضحكون من شر الأمور وتفاهتها .
العراق هذا الحلو في جغرافيته وثرواته ومكوناته وحضاراته, المبتلي برفقة المشروع الأمريكي منذ انقلاب 08 / شباط / 1963 والى اجل غير معلوم, شر البلية فيه, تصدر حثالاته مسؤولية العبث في حاضر ومستقبل اجياله, ذكور استضبعت لأفتراس ما يتبقى منه, انها مرحلة الهزائم والأنكسارات, دمرت فينا المعنويات والأرادات واستقرت انهيار دولة واقتسام وطن, لا نصلح الا للتسكع على قمة الترقب السلبي, وبوعي معوق نضع اصواتنا الأنتخابية في اكياس الدلالين ثم نتنافق على انفسنا في نشيد “موطني … موطني” اسوأ انواع العبودية, عندما يكون الأنسان عبداً لرزمة اصنام, وما اجمله حراً عندما يشعر انه يملك وطناً يحبه ويرتدي شرف الدفاع عن سيادته وهيبته .
اربعة عشر قرناً والفتنة تهرس بقايانا, نتدافع مغيبين في بكائية مليونية حتى نسينا ان الله واحد لا (شركاء له), نتكاسل عن مسح الأوساخ من اجسادنا وانفسنا وبيوتنا وشوارع مدننا, لا نصلح لبناء دولة او حماية وطن, متحاصصين بين حزب كاذب وآخر اكذب منه, يوعظونا ويفتونا ويصرحونا كذباً, انهم يتطفلون على ارزاق وجوع ايتامنا حتى فقدنا ديننا ودنيانا, العراقي اصبح يبغض الحرية التي لا تبكيه ولا تجلب له الكآبة,اعز ما تعلمته من العقد الأخير, الا اخذ الأسلام عن معمم ولا اصلي خلفه .
رموز التحاصص والتوافقات, يشتركون في صياغة التصريحات وحفظها عن ظهر قلب, الشراكة والمقبولية والتوازن في فرهدة الثروات, وتصريحات اضافية عن دستور لا يحترم نفسه وديمقراطية الطبل المثقوب, المواطن وبأسى يعلق منتكساً “لو قلت الخيل شدوا على الچلاب سروج” , نفاق لا خيار له فيه, (الحكومة) تمتلك السلطة والثروات ومنافذ الأرشاء, انه قدر العراق, يدخل سباق الخيول الأقليمية والدولية بكلاب استكدشها الفساد مبكراً .
[email protected]