23 ديسمبر، 2024 4:30 ص

صراع وزارات الموت!

صراع وزارات الموت!

ليس غريباً أن يشهد تشكيل الكابينة الوزارية في العراق عقب كل دورة انتخابية برلمانية،الخلاف المعتاد على وزارتي “الدفاع والداخلية” بين القوى السياسية المتصدرة للمشهد السياسي بعد العام “2003 “!.

خلف ذلك الصراع محركات خلف الحدود باحثة عن مصالحها المشروعة بحسب رؤيتها المتناقضة حد التوازي وفقدان نقطة الالتقاء!.

المملكة السعودية وحلفائها من دول الخليج تسعى لعراق ضعيف غير قادر على النهوض اقتصادياً،لضمان سيادتها الاقتصادية وعدم تهديد تلك السيادة ،فهي تعلم أن تعافى العراق، يعني تحوله إلى منطقة اقتصاد حرة بسبب موقعه الجغرافي وموارده الطبيعية والبشرية،وهذا لا يتحقق إلا عبر بوابة “الأمن الهش” التي تعني “بيئة طاردة” للاستثمار،وقد بلغ نجاحهم قمته عندما استطاعوا زج نظام “صدام حسين” بـ ” حرب البوابة الشرقية” مع إيران مباشرة دون وكلاء طيلة ثمان سنوات!.

الجمهورية الإيرانية الإسلامية تنظر للعراق برؤية أمنية أولا تليها اقتصادية عارضة تمثل تحصيل حاصل،فهي تسعى لعراق حليف قوي مستقر آمن متصالح مع نفسه،يكون “للعرب الشيعة” فيه دور يضمن دخول رعاياهم لزيارة المراقد المقدسة للائمة الأطهار ،ولا يشكل قلقاً لها على طول حدود تربطهما تتجاوز الألف كيلو متر،وهي تتحرك لتحقيق تلك الرؤية عبر ذات البوابة.

الولايات المتحدة الأمريكية،تطل من على الشرفة لمتابعة ذلك الصراع ،ولسان حالها خطاب السلطان العباسي “هارون الرشيد”:( أمطري أيتها الغمامة حيث ما شئت فخراجك عائد ألي)!.

صراع ثلاثي بهذا الحجم بين مراقب محترف بحجم الولايات المتحدة الأمريكية و بين غريمين تقليدين،(أرهقهما “التخلف السياسي” الذي يعيشه العراق منذ سطو العسكر سنة “1958 ” على مقدرات الشعب العراقي وما أعقبه من اغتيال الوطن على يد زمرة البعث سنة “1968 “،حتى سقوطه عام “2003 “،وما نشهده من تداعياته لحد اللحظة)،على وطن فقد هويته الوطنية،فما عاد حياءاً أن يتحدث الوكلاء عن مرجعياتهم خلف الحدود او التلويح بالأستقواء بهم عند الحاجة!.

خصمان يمتلكان أدوات اللعبة،ومحركاتها العقائدية والمادية، مع فشل العراقيين عربهم شيعتهم وسنتهم وكردهم وطوائفهم في عدم استغلال هذا التنوع العرقي والأثني ليكون مصدر قوة!.

هذا يعني أن لانهاية لعدم استقرار العراق،ويشرعن للقوى الكبرى تنفيذ مشروع “الشرق الأوسط الجديد” المرتكز على تغيير أنظمة في المنطقة بمقدمتها الجارتين السعودية وإيران،ويعني دفع فاتورة المشروع من جلد شعوب المنطقة!.

السؤال المهم هو هل تحول العراق لعنه على جيرانه؟

الجواب للأسف نعم بسبب إقصاء رجال الدولة، و”تغول “رجال السلطة،على حساب الوطن والوطنيون.

ما يجب أن تدركه حكومة “الفرصة الأخيرة”،هو خطاب المرجعية،الذي بدا واضح في مناسبتين، تصريح لا تلميح هما “غزو داعش”،و أخرى أن المظاهرات سيكون لها “وجه آخر”،ما يعني تغيير النظام السياسي برمته،وهذه الحقيقة تدركها معظم القوى السياسية التي أرغمت على القبول بالسيد “عادل عبد المهدي”رئيساً لها،المطالب بعدم الرضوخ لفرض الإرادات،وعدم تضييع دعم محركين مهمين هما المرجعية الدينية والرأي العام العراقي الذي يترجى به “طوق نجاة”.