22 ديسمبر، 2024 8:43 م

صراع الرياضة والسياسة عبر تاريخ البطولات الرياضية الكبرى

صراع الرياضة والسياسة عبر تاريخ البطولات الرياضية الكبرى

بوتين، على استعداد للقيام بأي شيء للفوز بمناقصة استضافة كأس العالم 2018 للاتحاد الدولي لكرة القدم
تذكرت مقولة الكاتب الأسباني مانويل فاسكيز مونتلبان (1939-2003) في مقدمة كتابة الصادر عام 1972 “السياسة والرياضة”: إن “اليسار ينتقد الرياضة بسبب أنها تميل إلى صالح اليمين، وذلك من خلال تحويلها إلى أداة للضغط القوي.”وقد تخلت الكثير من القوى اليسارية عن توجيه الانتقادات للرياضة في العقود الأخيرة وذلك بتشجيع من العديد من الشخصيات مثل مونتلبان، و وإدواردو غاليانو مؤلف كتاب كرة القدم بين الشمس والظل عام 1995.ـ تذكرت ذلك وانا اقرأ اخبار اللغبة المرتقبة بين العراق والسعودية ، وفي أحد تصريحاته قال رئيس الولايات المتحدة السابق هاري ترومان: “أن تصبح رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية أسهل من أن تكون مدرباً لكرة القدم. فقد انتخبت لمدة أربع سنوات، بينما يطرد مدرب كرة القدم بين عشية وضحاها في حال خسارته.” وقد فات ترومان أن يتطرّق إلى مسألة الجمع بين الرياضة والسياسية،
و يبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على استعداد للقيام بأي شيء للفوز بمناقصة استضافة كأس العالم 2018 للاتحاد الدولي لكرة القدم. ويبدو الآن أنه قد يضطر إلى بذل كل ما بوسعه للحفاظ عليها، في الوقت الذي تتصاعد فيه الأصوات الداعية لمقاطعة أو تأجيل الحدث الرياضي الأكثر شعبية في العالم. و عندما أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، أن المملكة المتحدة ستطرد 23 جاسوساً روسياً يعملون تحت غطاءٍ ديبلوماسي، ولن ترسل ديبلوماسييها أو العائلة المالكة إلى كأس العالم، بسبب محاولة قتل العميل الروسي المزدوج سيرجي سكريبال، وابنته يوليا، اعتقد البعض أن بوتين سوف يعير الأمر اهتماماً. ولكن مع تزايد الضغوط على المشاركين الآخرين في كأس العالم للقيام بذلك أو أكثر، أصبح من الواضح أن كرة القدم أضحت كرة قدم سياسية. وقد كرر هذه الدعوة العديد من السياسيين البريطانيين الآخرين، بمن فيهم إيان أوستن، وهو عضو آخر لحزب العمال، قال لراديو هيئة الإذاعة البريطانية “BBC4” إنه يخشى الطريقة التي قد يستغل بها الرئيس الروسي كأس العالم للدعاية، وتابع: “إنني قلق للغاية من أن يستخدم بوتين كأس العالم بالطريقة ذاتها التي استخدم بها هتلر أولمبياد ميونيخ عام 1936، كممارسة للعلاقات العامة من أجل ديكتاتورية وحشية”.
مرّت عقود منذ أن قاطع أحد حدثاً رياضياً كبيراً. عام 1980، حذت أكثر من 60 دولة حذو الرئيس جيمي كارتر في مقاطعة الألعاب الأولمبية في موسكو بعد غزو الاتحاد السوفياتي في ذلك الوقت لأفغانستان. بعد أربع سنوات، قاطع 14 حليفاً سوفياتياً الألعاب الأولمبية في لوس أنجلوس رداً على ذلك. كما تمت مقاطعة بطولات كأس العالم في الماضي. وعام 1974، رفض الاتحاد السوفياتي اللعب ضد تشيلي في المباراة النهائية فيما كان آنذاك ألمانيا الغربية.
كان كأس العالم لعام 2018 محل تشكيك بعد أن فازت روسيا بالمناقصة عام 2010، وخلال تلك العملية التي قدمت مناقصة كأس العالم 2018 إلى روسيا ومناقصة 2022 إلى قطر، بدأ مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI تحقيقاً في الفساد أدى إلى اعتقال 14 مسؤولاً في الفيفا، بتهمة الفساد على نطاق واسع بما في ذلك أخذ رشى للتصويت.
أشارت جين ماير في مقالتها في مجلة “نيويوركر”، إلى أن العميل السابق بجهاز الاستخبارات الخارجية البريطانية MI6، كريستوفر ستيل، وهو مُعد الملف الفاضح عن علاقات روسيا المزعومة بدونالد ترامب- كان أول من اشتبه في وجود عملية تلاعب داخل مجلس إدارة الاتحاد الدولي لكرة القدم عندما بدأ العمل كمستشار خاص للاتحاد الإنكليزي لكرة القدم.
وتمت الإشارة إلى ستيل “العميل السابق بالاستخبارات الخارجية البريطانية MI6” من قبل ماير كمصدر مجهول تحدث إلى صحيفة Sunday Times، في لندن حول التحقيق في قضية الخداع والتلاعب الروسي خلال مناقصة كأس العالم. “الشيء الرئيسي مع روسيا كان قبل ستة أشهر من المناقصة، ووصل إلى نقطة خشيت فيها البلاد ذل الخسارة وكان عليها أن تفعل شيئاً… فقام بوتين بكل ما في وسعه”، وذلك وفقاً لمذكرة قدمها فريق Sunday Times، إلى البرلمان عام 2014، جاء فيها أيضاً، “لا تتوقع مني أو من أي شخص آخر إخراج وثيقة بتوقيع بوتين يقول فيها من فضلك يا فلان ارشُ عِلان بهذا المبلغ، بهذه الطريقة. فهو لن يفعل ذلك”. ولكن عميل MI6 السابق الذي يتمتع بخبرة واسعة في روسيا لم يتمكن من التأكيد بما يكفي على ما يعنيه فوز موسكو بكأس العالم 2018 بالنسبة إلى بوتين، يقول: “بدأت أفكار الإرث تراوده: لا أستطيع أن أخسر كأس العالم. يجب أن أفعل شيئاً حيال ذلك”.
ومع وضع ذلك في الاعتبار، فإن التهديد الذي يمكن أن يواجهه بوتين الآن بمهانة فقدان كأس العالم 2018 بفضل بريطانيا، يبدو عقوبة أكبر بكثير من طرد الجواسيس من لندن. عندما انتشر الخبر، رفض الاتحاد الدولي لكرة القدم التعليق لصحيفة The Daily Beast، لكن العديد من مصادر الرياضة العالمية بما في ذلك موقع الرياضة AS الإسباني، ذكرت أن الاتحاد الدولي لكرة القدم في حال من الذعر.
وورد في الموقع الرياضي: “علناً، حافظت هيئة إدارة كرة القدم العالمية على صمتها، لكن كبار المسؤولين يقرون بشكل خاص بأن تسميم سيرجي سكريبال كان القشة التي قصمت ظهر البعير. وقد بلغت الأوضاع المتوترة نقطة الانهيار، وبدأ البريطانيون، الذين أكدوا على أنه لن توجد أي شخصيات بارزة في روسيا، محادثاتهم مع حلفائهم الغربيين بهدف ترك فلاديمير بوتين جالساً في صندوق ملكي فارغ في ملعب لوجنيكي في حفل الافتتاح في 14 يونيو/ حزيران”، وفق ما ذكر الموقع، مدعياً أن “الولايات المتحدة تؤيد مثل هذا الإجراء”.
إذا تزايد الضغط الدولي وخسر المنتخب الروسي المعركة، فقد يحصل بوتين في النهاية على العقوبة التي يستحقها.
وخلال الحرب الباردة، أولت الولايات المتحدة وروسيا اهتماما كبيرا بتعزيز قدراتهما الرياضية كنوع من الدعاية لقوة بلادهما وذلك عبر إذاعة موسكو وإذاعة صوت أمريكا، وهذا ما يفسر جزئيا تغاضي السلطات الرياضية في الدولتين عن قضايا تعاطي المنشطات، وحتى في الحالات الأكثر وضوحا للعيان. وكانت أبرز حالات التنافس بين القوى العظمى هي مقاطعة الولايات المتحدة وعدة دول غربية لدورة الألعاب الأولمبية بموسكو عام 1980 احتجاجا على غزو الاتحاد السوفياتي السابق لأفغانستان، وفي المقابل قاطعت موسكو دورة الألعاب الأولمبية في لوس أنجيلوس عام 1984.ولعدة سنوات، أصيب المئات من اللاعبين بما وصفه البعض بالشلل الرياضي وذلك جراء التعنت من قبل واشنطن وموسكو بعدم المشاركة في هذه البطولات.وخاضت الولايات المتحدة وروسيا حربهما الباردة في أيسلندا عام 1972 عندما التقي لاعب الشطرنج السوفيتي بوريس سباسكي ونظيره الأمريكي بوبي فيشر في مبارة شهيرة للشطرنج، والتي فقد فيها اللاعب السوفيتي لقبه العالمي.وانعكس البعد السياسي للمباراة على اللاعب السوفيتي الذي تعرض بعد الهزيمة لموجة من النقد الإعلامي والشعبي حيث اعتبرت الهزيمة أمام لاعب أمريكي بمثابة مهانة للدولة بالكامل، مما دفع اللاعب في نهاية الأمر إلى مغادرة البلاد والحصول على الجنسية الفرنسية.
فأحد أعنف مباريات كرة القدم هو ما يعرف بمعركة سانتياغو في الثاني من حزيران عام 1962 حينما واجهت تشيلي إيطاليا، وذلك في إحدى مباريات كأس العالم في تشيلي والتي فاز فيها المنتخب التشيلي على منتخب إيطاليا بهدفين نظيفين.،،،،وتوصف هذه المباراة بأنها من أسوأ المباريات في تاريخ اللعبة نظرا للعنف المتعمد الذي شهدته بين لاعبي الفريقين والذي أدي إلى اصابات بالغة بين اللاعبين.وهناك تقارير تقول إن نظام البطاقات الصفراء والحمراء ابتكر خلال هذه المباراة العنيفة.وهناك ما يعرف باسم “حرب كرة القدم”، حيث وقعت مواجهات عسكرية بين هندوراس والسلفادور وذلك بعد سلسلة من المباريات بينهما في الفترة ما بين 6 و27 من يونيو عام 1969، وكان ذلك ضمن التصفيات المؤهلة لكأس العالم 1970.وخلفت الاستباكات بين البلدين نحو ألفي قتيل.
وقال الصحفي البولندي ريزارد كابسينسكي، وهو أحد أعظم الصحفيين في ذلك الوقت بعد أن أوضح الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكرة القدم إن هذه اللعبة كانت فقط المحرك لهذا الصراع والتي استخدمتها الحكومتان لتبرير وتعزيز موقفيهما أمام شعبيهما.وكانت هناك أيضا مبارة بين الأرجنتين والمنتخب الانجليزي في كأس العالم بالمكسيك عام 1986، والتي كان ينظر إليها الجمهور الأرجنتيني على أنها معركة للانتقام بعد حرب جزر الفوكلاند بين الطرفين قبل ذلك بأربعة سنوات.وقد بلغت الرمزية الكروية مستوى غير متوقع من التحايل في هذه المباراة حينما قام النجم الأرجنتيني دييغو مارادونا بتسجيل هدفه الشهير بيده، وهو أشهر تحايل على الإطلاق في تاريخ كرة القدم.
بريطانيا ترفض منح تأشيرة لرئيس اللجنة الأولمبية السوريةيأتي هذا في وقت اشتدت فيه الإدانات على المستوى الدولي للنظام السوري بسبب ما يقوم به النظام السوري من قمع عنيف للمتظاهرين المطالبين بالإصلاح السياسي، هكذا
يستغل السياسيون أحياناً الرياضة وأحداثها لتحقيق أهدافهم، مستفدين من قدرة الملاعب على تحسين العلاقات والتقريب بين الشعوب، ومن تأثيرات أبطالها الذي يتجاوز حدود بلادهم إلى العالمية.وتكثر الأمثلة على هذا التداخل بين الرياضة والسياسة، ولعل أحدثها الخلاف الذي وقع قبل أشهر حول رغبة «اتحاد كرة القدم الفلسطيني» في التقدم بطلب لسحب عضوية نظيره الإسرائيلي، بسبب السياسات العنصرية التي تمارسها إسرائيل بحق لاعبي المنتخب الفلسطيني. وعلى رغم إصرار الفلسطينيين على المضي قُدماً بالطلب، أسهمت حملة أطلقتها وزارة الخارجية الاسرائيلية في وقفه، فأنقذت الكرة الاسرائيلية من «حملة دولية تهدف إلى تشويه صورة إسرائيل، وإنكار حقها في الوجود»، على ما زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.ويُعتبر ما قامت به الجزائر إبان ثورة استقلالها مثالاً إيجابياً على استغلال الرياضة لدعم مطالب سياسية، إذ شكلت «جبهة التحرير الوطني الجزائرية»، التي كانت تقود ثورة الاستقلال من الاحتلال الفرنسي، فريقاً جزائرياً لكرة القدم في نيسان (أبريل) 1958، لكي يكون لاعبوه سفراء للقضية، ويتولوا تعريف العالم بها وبعدالتها من خلال إقامة مباريات ودية.
من الأمور المثيرة للاهتمام أن تتحدث قوى وتيارات مختلفة على تسييس الرياضة، أو بالأحرى وهي تدرك الطابع السياسي للرياضة.،،وقد أدرك هتلر وموسوليني قيمة الرياضة في تعزيز الكرامة الوطنية وخاصة تجاه السلطات الحاكمة.
وقد عزز موسوليني موقفه من خلال الهيبة التي اكتسبها بعد حصول بلادة على كأس العالم مرتين في عامي 1934 و 1938، بينما أصبحت ألمانيا بطل الأولمبياد عام 1936 كرمز للتقدير ولقوة النظام الحاكم وقوة عقيدته.–
حينذاك، نجحت فرنسا في منع الاعتراف الدولي بالفريق عن طريق «الاتحاد الدولي لكرة القدم» (فيفا)، ومع ذلك استمر الفريق في محاولاته، وخاض 80 مباراة في آسيا وأفريقيا وأوروبا الشرقية، أمام فرق عالمية وإقليمية. وكان هذا الفريق نواة «الاتحاد الجزائري لكرة القدم» الذي تشكل العام 1963 بعد استقلال البلاد في 5 تموز (يوليو) 1962.
وفي 1971، حاولت الصين استغلال الرياضة في تحسين علاقاتها المتوترة مع الولايات المتحدة منذ 1949، بسبب انتهاج الأولى الخط الشيوعي، مستغلةً وجود منتخبي بكين وواشنطن في اليابان للمشاركة في بطولة العالم لكرة الطاولة. فأرسلت دعوة رسمية إلى عقد مباراة ودية بين منتخبي البلدين المتقاطعتين. وخلال العام ذاته، أصبح أعضاء المنتخب الأميركي لكرة الطاولة أول أميركيين يزورون الصين منذ 22 عاماً، لتمهّد تلك الزيارة الرياضية الطريق أمام زيارة سياسية رسمية قام بها الرئيس الأميركي السابق ريتشارد نيكسون في 1972.
ولا ينسى أحد عندما جُرّد الملاكم العالمي محمد علي كلاي من لقب البطولة في الملاكمة والأوزان الثقيلة، بسبب موقفه السياسي من الحرب الأميركية على فيتنام، ورفضه أداء الخدمة العسكرية مع الجيش الأميركي هناك. حينذاك، جُرّد من ألقابه، وسُحبت رخصة مزاولته الملاكمة.
وكانت دراسة نشرتها «الأكاديمية المتقدمة للعلوم في الولايات المتحدة» في 2010، حول العلاقة بين نتائج المباريات الرياضية والسياسة، أظهرت أن فوز منتخب بلد أو منطقة في حدث رياضي، قبل نحو 10 أيام من موعد انتخابات مجلس الشيوخ أو العمدة أو الرئيس، يزيد المشاركة في الاقتراع نسبة 1.61 في المئة. ولفتت إلى هذه النسبة ترتفع أكثر فأكثر كلما كانت جماهير الفرق الرياضية أكبر عدداً.
ما يحدث الآن في الساحة السياسية من تداخل هجين بين الرياضة والسياسة سواء من خلال استغلال سياسيين لنفوذهم من أجل السيطرة على أندية رياضية كبرى ونيل دعم جماهيرها أو من خلال استغلال رياضيين وخصوصا من نجوم كرة القدم لشهرتهم وعشق الجماهير الرياضية لهم من أجل دخول معترك الحياة السياسية والفوز بمقاعد انتخابية أو من خلال استغلال أحزاب سياسية كبرى لأهم الأسماء الرياضية في البلاد. القاسم المشترك بين كل هذه الممارسات هو غياب الرغبة الجدية في خدمة البلاد والرّكض وراء المناصب من أجل الإستحواذ على السلطة.—– نجحت رياضة كرة القدم في مناسبات عديدة في توحيد شعوب متقاتلة وفي التأليف بين طوائف متنازعة. ففي سنة 2009 أخذ فوز المنتخب العراقي لكرة القدم بلقب بطل آسيا بعدا إنسانيا وسياسيا أشاد به كبار الرياضيين والسياسيين في العالم. ففي تصريح صحفي قال رئيس الإتحاد الدولي لكرة القدم جوزيف بلاتر “إن الإنجاز الذي حققه المنتخب العراقي بفوزه ببطولة آسيا يوضح أن كرة القدم لها قدرة كبيرة على توحيد الناس فهي تعزز المشاعر الوطنية لأناس عانوا من الحروب الطائفية لأعوام طويل