الجميع نادى بالتغيير ، والجميع حمل شعار ضرورة التغيير ، بالتأكيد هذا جاء بعد نادت المرجعية الدينية بهذا التغيير ، وجاءت هذه الأصوات التي تنادي بضرورة التغيير في الوجوه التي لم تجلب سوى الخراب للبلاد والعباد .
حمل السيد العبادي راية هذا التغيير ، وسار نحو تشكيل الحكومة ب(٣٥) وزيرا ، وثلاث نواب لرئيس الجمهورية مع بقاء الوزارات الأمنية تدار بالوكالة ، وبقاء الوجوه نفسها التي كانت تدير البلاد لثمان سنوات لم نجني منها سوى الدمار ، وسيطرة الارهاب على نصف البلاد، وما حصل إنما هو تبادل ادوار ليس الا ، ويمكن تشخيص ان رجال المجلس الاعلى ووزراءه هم فقط من أخذ المعارضة طريقاً في التعبير عن رفضه لهذه السياسيات الانفرادية في الحكم .
الديمقراطية في العراق للأسف عانت وتعاني كثيرا امام التوافقات السياسية ، والتي أضرت كثيراً بالمشهد السياسي ، اذ هذه التوافقات أنتجت الفشل والتراجع على كافة المستويات الأمنية منها والاقتصادية بالذات ، لهذا الملاحظ على هذه التوافقات انها تحدت التغيير وأنتجت نفس الوجوه ولكن مع تجميل البعض منها او تغيير الأماكن لتظهر الصورة هي نفسها ولكن مع تغيير الألوان لايمكن لأي بلد ان يتطور ويتقدم بالتوافقات لانها نتاج سيء لأحد عشر عاما من الخراب والفساد ناهيك عن القنبلة المدوية في سقوط مدننا بيد الدواعش .
هناك خطوات عملية من شانها إنقاذ العمل السياسي في العراق وإنقاذ ما تبقى من الديمقراطية الفتية ، اذ يصار الى استثمار الانقسام في الكتل الكبيرة وتشكيل كتلة اكبر ليس بالضرورة ان تمثل الشيعة او السنة ولكن المهم تكون هي الكتلة الأكبر في تشكيل الحكومة دون الوقوف على التوافقات السياسية التي أصابت العملية السياسية بالشلل اكثر من مرة ، وتكون هذه الكتلة هي من تشّكل الحكومة دون النظر الى إرضاء هذا الطرف او ذاك ، او استرضاء هذا المكون او ذاك ، او مجاملة هذا الشخص او ذاك من اجل مناصب غير متسقة مع الكفاءة والاختصاص .
هذه الحكومة الجديدة وان كنا نبارك لها هذا الانقلاب الكبير على التسلط والتفرد بالسلطة ، الا اننا نسجل ملاحظات مهمة عليها أهمها :-
١). ربما بعض الوزراء هم أكفاء ، ولكن الأغلب الأعم هو جاء عن طريق هذا التوافق ، وعن طريق الاسترضاء لبعض الشخوص في الكتل الكبيرة المؤثرة .
٢) لما لن نستفد من فتوى المرجعية الدينية في ضرورة العمل على التغيير وإيجاد الوجوه الجديدة ، من اجل استرضاء وكسب الشارع المحتقن من عودة بعض الوجوه والتي ثبت فسادها في الحكومات السابقة .
٣) لماذا لا يعتمد على الكفاءات ،هل هو عدم ثقة بهم ام ان الانتماء الحزبي هو الطاغي على الانتماء الوطني .
٤) اين مبدأ التخصص في العمل ، والأداء الحكومي ، فسبب سقوط الاتحاد السوفيتي هو اختيار الشخص المناسب في المكان الغير المناسب لهذا سقطت اكبر قوة عظمى في العالم في اجراء خبيث وانتهت حقبة القطبين ويبقى القطب الواحد أميركا .
اذا أردنا ان نعتمد مبدأ الديمقراطية في بناء البلد علينا ان نتجاوز التوافقات ،لان الناخب اليوم اصبح يطالب بصوته اين ذهب ، والى من ذهب ، لهذا يجب البدء بإعداد دستور سياسي مبني على اساس الانتخابات وإفراز الكفوء من غيره ، والشعب يتحمل مسؤولية اختيار ممثليه في البرلمان او الحكومة .
لهذا يجب إعطاء فرصة إلى النخب لا سياسيّة الجديدة أولا لصعودها إلى سدّة الحكم علما وأن هذه النخب يجب أن تكون على دراية تامة بالتلكؤ واللإخلالات والفلول التيّ حدثت في الدورات السابقة حتى يضعوها نصب أعينهم ويعتبروا منها. وثانيا لمُمارسة أنشطتها الجديدة كي تُرسي واقعا أفضل. وهذا فضلاً عن التغيير المستمر الذي يُعطي صورة تحذيريّة أو تنبيهيّة للمسؤول بأن نجاحه مرهون في عمله الذّي يقدّمه للمجتمع.