بات من المتفق عليه ان رؤساء الحكومات المتعاقبة في العراق بعد سقوط نظام صدام هم من حزب الدعوة! ولا نعلم سببا حقيقيا لهذا الاتفاق الذي فرض على الناس ان يكون رئيس الوزراء العراقي حصرا من الدعوة! وان اتضح للعالم اجمع فشل كل من مثله بمسك الحقيبة الوزارية، الا ان من يبرر ضرورة ان تكون الرئاسة لهذا الحزب يلقي اللوم على الاشخاص الذين يمثلونه وليس الحزب نفسه، محاولين بذلك اضفاء القدسية لهذا الحزب ليبقى اكبر قدر ممكن من الزمن في السلطة. ولا اعلم لم لا تخرج الولاية عن هذا الحزب الى غيره؟ مع انهم اخرجوا من كان سببا لجمع الاصوات (المالكي) الذي حافظ بها على ديمومة هذا الحزب، لان هذا الحزب ليس جماهيريا، بدليل ان شخوص حزب الدعوة لم تحصل على شيء يذكر في الانتخابات سواء في مجالس المحافظات او البرلمان، وتمثيلهم الحالي في البرلمان او المجالس انما ممن حسب عليهم وليس منهم حقيقة.
بعد ان بزغ نجم المالكي في سماء السياسة وهيمن على المشهد السياسي في العراق في السنين الاخيرة بدعم واضح من السيد الخامنئي، لأنه كان يلبي التطلعات الايرانية، خصوصا طائفيته التي ابادت الشعب العراقي، واصبح كل اعضاء حزب الدعوة ـــ اعني القيادات البارزة ـــ ببغاوات يرددون ما ينطق به المالكي امينهم العام (الا ما شذ وندر) اما القيادات الذين يحسبون على رجال الدين اصبحوا وعاض سلاطين بامتياز، وخصوصا العلاق، هذا الوضع لم يعجب السيد السيستاني، مع ان المالكي كان يعلم علم اليقين بعدم ارتياح السيستاني للوضع وحاول اكثر من مرة ان يستجدي رضاه الا ان الوقت كان متأخرا. وقد جاء دعم السيستاني العبادي ليكون رئيسا للوزراء محل المالكي الذين ينتمي كلاهما لحزب واحد. وقد دافع السيد الخامنئي عن المالكي الى اخر لحظة، بل دعمه له مستمر الى الان. وقد استثمر الايرانيون وجود الفصائل المسلحة التي تدعمها لوجستيا بشكل مباشر ان تشيع بينها ضرورة اتباع السيد الولي في ايران، وهذا ما لا يرضي السيد السيستاني، ولا يمكن اغفال ان ايران هم من اقنع السيد السيستاني بإنشاء الحشد الشعبي كما يسمونه، وبهذا ادخلوه في دوامة لا يعرف لها مخرجا. ولا يستبعد نشوب حرب داخلية بين الحشد الشعبي والفصائل المسلحة، لا لشيء الا ان يحافظوا على قوة وتسلط قياداتهم..
وقد تناقلت وسائل الاعلام وجود الخلافات الكبيرة بين المالكي والعبادي، وقد صدرت كلمات ومواقف عديدة منهما تؤكد هذه الخلافات. ولم يتوقف الامر على التراشق بالكلمات والاتهامات وانما وصل الحال الى الانشقاقات السياسية والعمل على تغيير الحكومات المحلية في المحافظات التي يتزعمها ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي. محاولين بذلك انهاء اي وجود للمالكي، ويدعي زعماء هذا التغيير ان السيد السيستاني دعا الى ضرورة توحد الصفوف الشيعية وتكوين كتلة قوية تتألف من الدعوة (خط العبادي والعلاق وطارق نجم والزهيري..) والمجلس الاعلى والتيار الصدري. في حين يدافع كل من العامري وقيس الخزعلي ومعظم الفصائل المسلحة عن المالكي بدعوى ان الخامنئي وجه بانه لا يجوز اضعاف المالكي، وما يحصل من حراك جديد لتغيير الحكومات المحلية في المحافظات انما يقصد به اضعاف المالكي عن علم وقصد.
فهناك حراك جدي في بعض المحافظات لإقالة محافظيها وتغيير رؤساء مجالسها وبطبيعة الحال فان الائتلافات الجديدة تستلزم تقسيم المناصب من جديد، وطبعا بدعوى انهم فاسدين مالياً وادارياً، وقد تناسوا انهم من شكل هذه الحكومات على وفق التوزيع المركزي والاستحقاقات الانتخابية. ولم يجني المجتمع العراقي البائس من هؤلاء الا الويل والثبور والنقص الحاد بالخدمات وكل المفاصل في الحياة، وهم منشغلون بالمؤامرات والبحث عن مصالح مرجعياتهم التي لم تشعر يوما بآلام الامة. وقد اشغلوا الناس بقضية الدفاع عن المقدسات والارض والعرض وهم منشغلون بحرب داخلية نتيجتها الدمار للعراق. فالسيد السيستاني يريد الحفاظ على هالته القدسية المزعومة وفرض الهيمنة سياسياً وعسكرياً، ومن جهة ثانية يفعل الخامنئي الشيء نفسه وهم لا يبالون بالمسلمين مهما حل بهم.