17 نوفمبر، 2024 2:05 م
Search
Close this search box.

صراع الحق مع الباطل علي بن ابي طالب نموذجاً

صراع الحق مع الباطل علي بن ابي طالب نموذجاً

علي أمام حق ولأنه مع الحق بنص الحديث المتفق عليه (علي مع الحق والحق مع علي ) لا يمكنه جمع النقيضين في آن واحد الحق والباطل لتمشية أمور الدولة وادارتها والتي يطلق عليها اليوم بالسياسة لا عجزاً منه بذلك ولكن ترفعاً من ممارسة كل ما يشوب نقاء روحه وقلبه المفعم بالطهارة والأيمان .

الأمام لا يمكنه بأي حال من الأحوال السكوت عن الباطل أذا ما تعرض لركن من أركان الأسلام والسنة النبوية بالوقت الذي يفعل ذلك غيره لتحقيق مكاسب ومنافع شخصية وتسلق مناصب دنيوية …هذا هو جوهر الصراع بين علي عليه السلام ومن عاصروه .

سكوته عن حقه الشخصي ليس بمثلبة عليه بل عليهم لأن غايته الحفاظ على الأسلام وأستمراره ونموه وهو مازل غض العود لم يشتد بعد وبالرغم من صبره عليهم ومؤازرته لهم نقضوا بيعته بعد أن آلت اليه الأمور بعد خراب النفوس وشراء الذمم وعصف الفتن فخرج عليه طلحة والزبير في واقعة الجمل التي تعد واحدة من الصفحات المشينة في التاريخ لا سيما أنها تتمحور حول نيل أمتيازات ومكاسب شخصية دنيوية رخيصة رفض فيها الأمام التجاوز على بيت مال المسلمين وأعطائهما أمتيازاً خاصاً هذه الواقعة فتحت الباب لكل الموتورين من شخص الامام من البيتين العيصي والسفياني فتجسد ذلك جلياً في معركة صفين والصراع بينه وبين معاوية المتكالب على الدنيا وزهوتها يسانده جيش جرار باعوا ذممهم بالدرهم والدينار وعماهم بريق الذهب والفضة ، ورغم أن الأمام لم يخسر حرباً بحياته لمبدئيته وايمانه العميق والراسخ بعدالة الرسالة والقضية وأن الميتة في سبيلهما أعظم ميتة طالما أن الموت حق على الجميع ورغم كل ذلك طعنه أتباعه في ظهره ووضعوا الغصة في صدره بعد خذلانهم له وشق عصا الطاعة عليه فأعمى الله بصيرتهم وأبصارهم عن أتباع علياً الذي يدور الحق معه حيثما دار .

علي (ع) لا يداهن على الحق قيد أنملة فكان يردد على أسماعهم (والله أن معاوية ليس بأدهى مني ولكني لا أبيع ديني بدنياي) أو حينما طلبوا منه غض الطرف والسكوت عن معاوية وترك الشام له لحين أستتباب الأمور ثم يباغته ويميل عليه ويهزمه فقال قولته الشهيرة (والله لا أطلب النصر بالسكوت عن الجور) معادلة صعبة لا يفهما ألا من كانت خلقه كأخلاق الأنبياء .

حياة الكفاف والبساطة والخشونة والشدة في الحق ومنع التجاوز على بيت مال المسلمين وعدم منح الأمتيازات للمقربين دفعت الكثيرين للنفور والأنفضاض من حوله وتركوه وحيداً مع آل بيته والقلة القليلة من أصحابه النجباء يصارعون الباطل ودهاقنته الذين قويت شوكتهم بعد أن مارس غيره سياسة الأستقطاب والجذب حتى ولو على حساب الحق وتعاليم السماء وهذا هو ديدن السياسة في وقتنا الحاضر ومن يوم (تقمصها) سيدهم معاوية و(تلاقفها) أبنائه الى يومنا هذا .

فمن الظلم والأجحاف مقارنة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب مع أي من هؤلاء الصعاليك طالبي لذة الدنيا ومتاعها الرخيص …فسلاماً عليك سيدي يوم ولدت في جوف الكعبة ويوم أستشهدت في محراب صلاتك ويوم تبعث حياً .

أحدث المقالات