18 ديسمبر، 2024 6:42 م

صراع الاختيار والتراث

صراع الاختيار والتراث

قالوا لنا ذات يوم .. انكم على موعد مع الياقوت مصحوبا بالكرامة والريادة ، اننا اذن محظوظون يا سادة ، هذا ما حلمنا به منذ عقود عجاف سبقت ، حكمنا فيها اشباه رجال مجرمون سفاحون حتى جاءنا من قالوا انهم مبعوثون من السماء لا بمعنى النبوة انما بمعنى مبادئ الباري جل وعلا ، ليغيروا ويصلحوا ويطهروا نجاسة نظام حرق الاخضر قبل اليابس ..

ذهب النظام المستبد وتحقق حلمنا فجاءتنا حرية مصحوبة برياح عاتية رياح اذهبت معها قدسيات مجتمعية ربما كانت الى الامس القريب تعد من المحرمات لدى شعبنا ، انه عيب شخوص آمنا بهم فأخطأنا خيارنا ، لم يكن ابدا اي خطأ في حلمنا ، ولا امالنا ، انه الاستيلاء على احلام شعب عنوة ودون استئذان ، انه الشيطان الذي استولى على عقول وقلوب من ظنناهم ممثلي الاوصياء والنجباء ..

ليس عيبا ان نتمثل او نستنسخ تجارب الاشقاء في الدين والعقيدة ، لكن العيب ان ندعي ذلك فقط حتى نستولي على ما ليس لنا ، ليس العيب ان ننظر الى اقمارنا او سادتنا لنقتدي بخطاهم ، غير ان المثلمة ان نتمثل بشخوصهم لأنتفاع دنيوي ليس الا ..

احببنا بلدنا من خلال قدسية ارضنا التي جاءت امتدادا لمن وجدوا فيها ، احببنا شعبنا لطيبه ولأنه يحمل أرث ماضيه التليد بكل مجده وعراقته واصالته دينا وخلقا مبادئا وكرما ، عشقا وشرفا وأبداعا ، بل يعجز اللسان عن ذكر صفات اخريات .. فهل نحن امام خطر الاجتياح ؟ اجتياح كل جميل لدينا ثم قتله والتمثيل به امام اهله ومحبيه ؟ نعم انه وقت الملحمة .. فالدفاع عن ارثنا كل ما تبقى لدينا ، فأذا عجزنا عن زحزحة خيارنا الخاطئ ، فأننا قادرون على الدفاع عما نملكه من اشياء جميلة انفردنا بها وورثناها عبر اجداد عظام ..

القدرة على التغيير بأيدينا انها حقيقة دامغة ، غير اننا لا بد من السكون لوهلة ثم ساعة ثم نهار فيوم فأيام ، عندها فقط قد نتأكد ان تلك الحقيقة لا يمكن الولوج اليها عبر فوضى او انهيار .. انما من خلال تطهير الذات للتعرف على النفس اولا ثم منهجتها ثانيا فأعادتها الى حقيقتها واصلها الناصع البياض وفي ذلك الحين …. سنرى ان كل شيء اسود من حولنا قد تغير وان البياض عاد من جديد ليذهب ذاك السواد الحالك .. وان احلامنا التي طالما نمنا وهي لم تفارقنا تحققت دون اي جهد او تعب .. نعم انها موعظة لمن يريدها او نسيها ..