ثانية وثالثة وعاشرة تسقط الدراما العراقية خلال شهر رمضان. ففي الوقت الذي تتبارى فيه القنوات الفضائية العربية بتقديم المسلسلات المختلفة (التاريخية والاجتماعية والكوميدية) خلال هذا الشهر بمن فيها دول ليس حالها بأفضل من حالنا إن لم يكن اسوأ مثل سوريا فإننا مرة أخرى صفر على الشمال بالقياس الى سنوات أو ربما عهود مضت. وعلى مستوى برامج المنوعات فإنه في الوقت الذي برعت فيه قنوات عربية (في المقدمة منها ام بي سي) بتقديم برامج ومسلسلات حظيت بأكبر نسبة من المشاهدة مثل “الصدمة الذي يخرجه العراقي أوس الشرقي” وكذلك مسلسل “سيلفي” لناصر القصبي الذي تفوق بتقديم حالات في غاية الأهمية مثل تلك الحلقة التي ناقش فيها بجرأة نادرة المسالة الطائفية. بل وحتى برنامج “الشريان” الذي إستضاف نجوما عربأ في مختلف المجالات الفنية والابداعية بطريقة بدت مختلفة بحيث تجبرك ليس على المتابعة فقط بل الإستفادة مما يعرض أمامك.
إذا عكسنا الآية على مستوانا فمالذي نجدنا قدمناه رمضانيا؟ على مستوى الدراما لا شئ والأسباب التي عرضها مجموعة من الأخوة المتخصصين في مجال الدراما ومنهم السيناريست حامد المالكي في برنامج “تحت خطين” الذي يقدمه الزميل كريم حمادي من على قناة “العراقية” يعود الى إنعدام التمويل بالدرجة الاولى وغياب التخطيط بالدرجة الثانية وعدم وجود مبادرات حقيقية يمكن من خلالها الاخذ بيد الفنان العراقي.
مالذي بقي إذن؟ لم يبق سوى النسخ الأكثر رداءة من أساليب الكاميرا الخفية التي لاتزال العديد من فضائياتنا المحلية تحاول من خلالها إستدراج المشاهد لا لكي تقدم له معالجة حقيقية لقضية أو موقف معين بل لمجرد الإضحاك لأن الضيف وهو غالبا نجم فني أو رياضي تنطلي عليه حيله معينة الى أن يكتشف المقلب في النهاية او ان مقدم البرنامج “يشبع كفخات” بطريقة فيها الكثير من الفجاجة وقلة الذوق. او العمل على تكريس نوع من الظواهر السياسية أو الإجتماعية من خلال ممثلين تحولوا الى نمط جاهز يكرر نفسه بطرق واساليب مختلفة بين أكثر من قناة بينما هذا غير موجود في قنوات أخرى عربية.
فالفنان الذي تتعاقد معه ام بي سي عبر برنامج منوع او مسلسل خفيف لايظهر في قناة اخرى وربما في نفس الساعة التي يقدم فيه برنامجه على تلك القناة. صحيح أن الأسباب مادية حيث ان الاجور التي تمنح للفنان غير مجزية بحيث لايذهب الى قناة أخرى لتقديم برنامج اما مشابه او إنه يكرر نفسه من حيث الأداء التمثيلي. كما ان ظهوره على أكثر من قناة في اليوم الواحد لايعني أكثر من إنه يحاول معالجة أوضاعه المادية الصعبة وهي مسالة تحتاج الى معالجات أخرى ليس من بينها إستغفال المشاهد.
ربما يسأل أحدهم .. الا تحقق مثل هذه البرامج نسبة مشاهدة عالية؟ ربما تحقق بعضها نسبا جيدة من المشاهدة ولكن ماذا تؤسس على صعيد الذائقة المجتمعية؟ هل في تكرار الالفاظ الرديئة التي تحولت الى مصطلحات يتداولها اطفالنا في البيت والمدرسة دليل على رقي وتطور فني او اجتماعي؟ وبالمقارنة بين ما قدمناه وما قدمه برنامج واحد مثل “الصدمة” فانه ليس فقط لايوجد وجه للمقارنة بل لأن ما عالجه البرنامج من مشكلات اجتماعية في الوطن العربي هو بحد ذاته عمل يستحق الاشادة.