18 ديسمبر، 2024 9:18 م

صدمة رجال الدين بقانون تجريم إغتصاب الزوجة

صدمة رجال الدين بقانون تجريم إغتصاب الزوجة

الحقيقة المرة التي يتحرج البعض من الخوض فيها هي انه لا بوجد شيء يستقطب إهتمام غالبية رجال الدين أكثر من الجنس، فلديهم هوس شديد فيه، ويوجد فقه متكامل عن الجنس من حل وتحريم وحيض وممارسة وبحوث مستفيضة عن العلاقات الزوجية وغير الزوجية كالمتعة والزنا، بل يمكن القول انه لا توجد مسألة جنسية الا وتناولوها بالتفاصيل الدقيقة والمملة، ومنها غرائب وعجائب كنكاح الزوجة الميتة واغتصاب الزوجة، ونكاح الدبر، وتلقيح الزوجة بحيمن رجل أجنبي، وإعارة الفروج، وممارسة الجنس في القمر، وغيرها من المسائل التي لا تعنينا سوار عرفنا ام لا.
سبق أن تناولنا هذه المواضيع وناقشناها بإستفاضة في كتابنا الصادر بعنوان (جدلية الفوضى الفقية وتسفيه العقل المسلم)، ويمكن تحميله مجانا من (موقع أي ـ كتب)، رفعنا فيه ورقة التوت الأخيرة عن فقهاء الأمة من السنة والشيعة على حد سواء.فيما يتعلق بسخافة الفتاوي التي تحدثوا عنها، والتي تتنافى مع الشرع والعلم والمنطق والأخلاق والقيم الإجتماعية السائدة في مجتمعاتنا.
في الفترة الأخيرة طرقت اسماعنا مسألة خطيرة تم التركيز عليها عربيا وعالميا، وشغلت مواقع التواصل الإجتماعي بين معارضة ذكورية في الغالب، وموافقة انثوية في الغالب. وهي الإغتصاب الزوجى، بمعني إقامة العلاقة بين الزوجين دون موافقة ورضا الزوجة، فيمارس الزوج العلاقة الجنسية رغم أنفها، أي نوع من الإستعباد الجنسي؟
كالعادة ثارت ثائرة رجال الدين سيما الأخوان المسلمين عن طرح هذا الموضوع، الحقيقة ان فقه الجنس شغلهم الشاغل، ويضعون خطوطا حمراء أما الغير، كأن الجنس ساحاتهم فقط ويحظر الدخول اليه. لذلك كتبوا عنه أضعاف ما كتبوا عن الجهاد، لو قرأت الرسائل المنتخبة لأبي القاسم الخوئي وخليفته السيستاني لتأكدت من صحة هذا الكلام، وهذا ما يقال عن علماء أهل السنة، فكلا الطرفين يحذوان حذو النعل بالنعل.
إعتبر الأخوان المسلمون إقرار قانون تجريم الإغتصاب الزوجي صدمة قانونية مهولة لهم، وكالعادة غطوا رفضهم بالإسلام مستندين على أحاديث نبوية مزيفة يرفضها الشرع والعقل والعلم. حيث يلزم الزوج حصوله على موافقة الزوجة لممارسة العلاقة الزوجية، مع ان هذا أمر طبيعي جدا، سواء نُظم بقانون او لم ينظم. بل شطوا بعيدا معتبرين ان الزوج لا بد ان يحصل على توقيع زوجته ليمارس العلاقة معها، وان يكون عنده دفتر سموه ( إقرار الموافقات) توقع فيه الزوجة بموافقتها على كل ممارسة، وهذا تهكم سخيف يليق بالإخوان وخطباء المنبر الحسيني فقط، فهم غالبا ما تكون تعليقاتهم على مستوى عالي من الحماقة والجهل والتفاهة.
اشتهرت المسألة بعد ان اعلنت سيدة مصرية ان زوجها يغتصبها، وايضا سيدة افريقية شكت زوجها لأنه يمارس معها العلاقة الزوجية اكثر من عشر مرات يوميا مما اثر على رعايتها الأطفال ونظافتها والإهتمام بالبيت والتواصل مع الأهل والأقارب. علما ان هذا القانون تم إقراره في الولايات المتحدة والدول الأوربية منذ زمن، لأن القانون يحمي حقوق المرأة في هذا الشأن، فهي شريك للزوج، وليست عبدة يفرض عليها نزواته، ولا يمكن ان يفرض عليها ما لا يتوافق مع إرادتها ورغبتها، طالما انها علاقة شراكة بين طرفين، فلابد ان تستوجب موافقتهما، فنحن تعيس الألفية الثالثة وليس العصور الجاهلية، حيث المساواة في الحقوق والواجبات.
وبلغ الحمق عند الأخوان المسلمين مستوى مذهل من التألق فإعتبروا ان المخابرات في الدول العربية هي التي روجت للموضوع في مواقع التواصل الإجتماعي، مع ان رجال المخابرات من الرجال! منوهين ان الهدف هو ترويج حالات الطلاق في المجتمعات الاسلامية، وهي معادلة يرفضها العقل. لا نعرف هل هناك دولة في العالم لا ترغب في المحافظة على وحدة الأسرة التي تعني وحدة المجتمع واستقراره؟ اليس الطلاق من أهم المشاكل الإجتماعية التي تعاني منها دول العالم الإسلامية وغير الإسلامية، ويحاول رجال القضاء والأقارب التوفيق بين الزوجين قبل إقرار حالة الطلاق، لأن تفكيك الأسرة لا يصبٌ في مصلحة أية دولة، لكيف كيف تقنع الحمقى وأصحاب العقول الصدأة بهذا الأمر؟ الحمق يصعب معاجته، إذا استمكن تمكن، وإن حلٌ ما إرتحل.
الأخوان المسلمون في معقلهم التركي بضيافة الخليفة العثماني أردوغان لا يكفوا عن الإشادة بدور الخليفة ونظامه المتهالك إقتصاديا، فهو يمثل عندهم الإسلام الحقيقي، على العكس من نظام الرئيس السيسي الذي طرق على رؤسهم العفنة طرقا موجعا، فهربوا الى حض الخليفة اردوغان، فقد روجوا في قنواتهم الإعلامية عن هول المشكلة بالإستناد الى إحصائيات تشير بأن حالات الزواج في مصر عام 2019 كانت (927000) حالة مقابل (225000) حالة طلاق، اي نسبة الطلاق بحدود 24%. وهي بما لا يقبل الشك نسبة عالية، وتحاول السلطات المصرية إيجاد الحلول المناسبة لها. في حين يشير الأخوان بأن سبب حالات الطلاق هو زج رجال الدين والدعاة في السجون، وهذا تبرير يعبر عن افلاس عقائدي واخلاقي وثقافي، لأن علماء الدين هم جزء من المشكلة وليس من الحل، كما ان العلماء الذين زجهم الرئيس السيسي هم من الأخوان المسلمين فقط، أي هم أس الإرهاب الدولي.
لكن اليس من العدل ان يشيروا دهاقنة السلطان، ووعاظ الشيطان الى نفس الإحصائيات في دولة الخلافة الإسلامية، ويقارنوها بمصر مثلا؟
صرح الوزير السابق وعضو البرلمان التركي الحالي (فيصل اغولو) خلال (مؤتمر الأسرة السنوي لعام 2021) بأنه في عام 2019 بلغت حالات الزواج في تركيا (541.424) مقابل حالات الطلاق (155.147) حالة، اي نسبة الطلاق كانت بحدود 29%، العجيب انهم لا يتحدثوا عن حالات الطلاق في بلد مضيفهم ولا عن إنتشار دور الدعارة ونوادي العراة، ربما هي برأي الأخوان متنفس للشباب!!!
لابد من أستشارة علماء الطب والإجتماع والنفس لمناقشة موضوغ إغتصاب الزوجة، وإستبعاد رجال الدين لأن لديهم قوالب فكرية جامدة غير قابلة للتغيير. وهم جزء من المشكلة ولا يمكنوا ان يكونوا عقلانيين ويساهموا في حلها، ان رجل الدين الذي يروج لضرب الزوجة لا يمكن ان يقبل بفكرة تجريم الإغتصاب الزوجي، هؤلاء يرغبوا ان تكون الزوجة مفتوحة الساقين طيلة اليوم لإشباع رغباتهم الجنسية، وان امتنعت فتعامل بالضرب والإهانة. أهكذا يقول الشرع، واين المعاملة الحسنى؟
إذا كانت الزوجة تعاني من آلام جسدية كالحيض او الأمراض الجنسية الشائعة عند النساء، او تعاني من حالة نفسية، او قلق او توتر عصبي، او عدم الرغبة بممارسة العلاقة الزوجة، او لأنها مشغولة بإعداد الطعام او تنظيف البيت او الإهتمام بالأطفال، كل هذا الأمور ثانوية عند رجل الدين، الأمر الرئيس ان تلبي رغبته حتف أنفها. هل هذا منطق يرضي الله تعالى والمجتمع؟
يجب ان يعلم رجال الدين ان المرأة اليوم هي ليست المرأة في العصر الجاهلي او فجر الإسلام، فلها نفس الحقوق، وعليها نفس الواجابات، وهي تحتل اليوم رئاسة دول وحكومات ومحاكم عليا ومناصب كبيرة، ربما فشل الرجال عند تبوأها. المرأة نصف المجتمع، وهي الزوجة والأم والأخت والبنت والحبيبة، لذا فهي تستحق أن نقف معها وبقوة، رعم أنف رجال الدين ممن يعارضوا قانون تجريم الإغتصاب الزوجي.