18 ديسمبر، 2024 8:57 م

صدق الصحوة أم حتمية الظرف

صدق الصحوة أم حتمية الظرف

تعيش مجتمعات العالم مخاض غير مألوف في هذه الآونة نتيجة انفلات وغزو الأخبار بواسطة وسائل الإعلام الموجهة والتواصلية المختلفة المسخرة التي جعلت من المعمورة قرية لا يخفى فيها خبر سواء كان مفيدا او سيئا صحيحا او كاذبا و ما اكثره، فأصبح القيل والقال و كثرة السؤال هي العملة الرئيسية المتداولة و المُدْمنة لافراد المجتمع بكل مستوياته و أعماره كأنهم في حالة سكر بدون مؤثر.
الشيء الوحيد والمؤكد من هذا المنظر هو أن عاصفة هوجاء تهز سير سفينة المعمورة و تغير من اتجاهها. كيف يكون اتجاهها يا ترى؟ هذا متوقف على اتجاه الرياح و شدتها. لكن الغريب في الأمر أن هناك مَنْ يتجاهل هذه الوضعية وهو يرى أمامه و بالعين المجردة هذا الهول المسلط على الجميع بدون استثناء وهو باقي متشبث و مخدر بأوهام انكشف أمرها و خداعها ولم يحرك ساكنا ربما من شدة الخوف المخيم من مَنْ هو تابع له و من الوضعية السائدة رغم أن هناك أمور كثيرة تغيرت في المحيط الداخلي و الخارجي في الدول و ما زال البعض يتململون في مكانهم. هؤلاء لهم الحق من رؤيةٍ أن الزعامة و النضال في تحرر الشعوب في الماضي لم تكن لها جدوى بالقدر الكافي و يكلف صاحبها عواقب تصل إلى حياته.
فما خلفه الزلزال في شمال سورية و تركية من خلال المعاملة و المواساة و المساعدات بين الدول و خاصة العربية و الإسلامية زاد من التقارب و التلاحم الذي يجسد لم الشمل و التكتل و إعادة النظر في أجندات لم يمكن ايجاد وسيلة للتخلي عنها و التخلص منها بسهولة و ساعدت على التقارب و وضع بعض الخلافات على الجانب واتخاذ قرارات تعود بالفائدة على المنطقة بإعطاء جو يحيي البحث على التوازن في بسط المساواة في ما بين الشعوب و الدول و الأفراد بتضامن في ما بينهم، هل ممكن أن نقول أنها صحوة أم قدر ؟ أو ما خلفه الزلزال كان بمثابة المحرك الذي زود الشحنة في الشريان الذي كاد أن يسد بين الإخوة. هناك مقولة محلية عندنا تقول”فارِسْ وَحْدَه ما غْزَى وَ عُودٌ وَحْدَه ما أوْقَدْ”. البشر خلقوا بطبيعة اجتماعية تتطور في البحث على التوازن في بسط الاستقرار في ما بين الشعوب و الدول و هو حق على بعضنا البعض من الواجب و المقدس ومشروع من السماء و مكرس في الأرض في إعلان وثيقة حقوق الإنسان العالمية فمهما كان عنوانها ” صدق الصحوة أم حتمية الظرف” تعتبر من الرجوع الى الفضيلة و الأصالة و استدراك و استطلاع على برنامج مخفي و مدبر للتفرقة من أجل الهيمنة و تضعيف قدراتنا بكل الوسائل المتاحة.

إن المراوغة التضليلية التي كان يستعملها الغرب بواسطة الإعلام المفبرك حتى كاد أن يكون السلطة الأولي والتمويه لبعض المجتمعات واستعمالها لضرب بعضها البعض، أصبح يتلاشى شيئا فشيئا نتيجة تفطن الفرد من هذه المجتمعات المهيمن عليها من خلال ظهور بعض البوادر. إن غريزة التسلط في البشر بالغطرسة و الهيمنة و الكبرياء تجعل صاحبها ملفوف بالشهوات و عدم القناعة تقابلها غريزة العدل و إنصاف المظلوم بإرجاع حقه و تجعلها دوامة و صراع مستمر على كل المستويات و نقص في تطور المجتمع والدولة و من ثم يفقد صاحب الهيمنة توازنه. إن تثمين القدرات المحلية في كل المجالات في المجتمعات الضعيفة فيما بينها تساعد على التطور و التقدم في النمو و التفتح و استقرار محيطها بتعاون و التآزر.