كتب صديقنا الاستاذ رياض الجبوري وهو الابن الاكبر على ما اعتقد للأستاذ عسكر الجبوري على مواقع التواصل الاجتماعي كلمات اختصرت بعض كلماتها بهاتين الجملتين والتي يقول فيها:-
((بعدما عشنا هوامش وسفاسف العولمة والعصرنة فلقد فقدنا البساطة والتلقائية… وأصبح السباق محموم للرونقة الفارغة))
ولأهمية هذا الموضوع اردت ان اضيف للأخ الكاتب هذه المقالة اتحدث فيها ورغم تكرار العبارات في بعض الاحيان في اغلب مقالاتنا الى ان الفخر والزهو الذي كنا نعيشه يقربنا دائماً الى تمجيد الفقر والاعتزاز به رغم مرارته ويبدوا لي ان العيش في عوز يولد اشياء جميله اكثر من العيش في غنى دائم لان الفقر الذي عشناه في خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي كان عادل فهو يسكن اغلب البيوت ولايفرق بين عائلة واخرى.. وحتى داخل الدوائر الحكومية لم يكن هناك تمييز بين موظف وآخر فالجميع متساوون في طبقاتهم الاجتماعية على عكس ما نعيشه اليوم من اختلاف طبقي واسع وصل الى حدود القرى والارياف فتجد شخص يسكن في منزل مساحته تقاس في الدونم وليس المتر المربع وبناءه على طراز عمراني متطور وتتوفر فيه كل مستلزمات العصرنة الحديثة بينما مازال هناك عوائل تسكن في بيوت طينية ومازالوا يعيشون حياة الماضي كنوع وليس كأشكال.. لقد ذهبت اخي الكاتب كل معالم ماضينا الفقير فقد كانت القرى والارياف متساوية في معيشتها اليومية من كل النواحي واكاد اجزم ربما نفس الغذاء هو المتداول لدى الجميع. فكلنا يعرف وجبة الافطار الصباحي من اللبن ومشتقاته وكان يصلنا مباشر وكل صناعته يدوية بيتية دون اي وسائل ومكائن للبسترة وغيرها اوكما يسمى في يومنا هذا( فريش)… ووجبة الغداء اما من الرز وقليل من المعجون مضاف له احد انواع الخضراوات ان وجدت او البرغل ومشتقاته…. ووجبة العشاء التي كانت تعتبر رئيسية تتميز بحسب العنوان الوظيفي لرب الاسرة فان كان موظف حكومي او منتسب في القوات المسلحة وصادف نزوله اجازة الى اهله فستكون وجبة العشاء دسمة بعض الشيء وان كان غير ذلك فتكون اما ما تبقى من وجبة الغداء او تكرارها…. وكنا عندما نجتمع لا يسأل احدنا الآخر ماذا أكلت عائلتكم فالجميع يعرف الطعام الموجود.. واما من ناحية الملابس وخاصة المدرسية فكانت هناك اعانات مدرسية توزعها المدارس لطلاب القرى والارياف والجميع يستلم حصته لنرتديها طوال العام الدراسي ولم نعرف في وقتنا الماركة اما الموديل فنسمع به وقسم كان يرتديه ولكنه من نفس القماش وانما الاختلاف في الفصال الخاص به مثل ( الجار لستن ) وغيره التي وصلتنا في سبعينات القرن الماضي… لم نعرف العطور وانواعها لأنها كانت مرتفعة الاثمان ونحن نعيش تحت خط الفقر ولم نركب السيارات الحديثة ولم يعرف العراقيين بشكل عام السيارات المكيفة الى عهد الثمانينات…..
اليوم وبفضل الله يوجد لدى اغلب العوائل اكثر من سيارة ويوجد لدى كل عائلة اكثر من خزانة ملابس مملوءة بالموديلات والانواع ووصلت الوجبات من المأكولات السريعة الى ابعد القرى والارياف واليوم تعيش القرية والمدينة حياة نمطية واحدة ولايوجد اي فارق بينهم… ولكن المفقود بين الماضي والحاضر هو فرحة الشيء الجديد والغبطة التي كان يعيشها الانسان في الماضي فلقد اختفت كلياًّ ولم يعد لها اي وجود لتوفرها من حولنا بصورة دائمة…
ادامها الله نعمةً فوق رؤوسنا وله الحمد والشكر على ذلك