23 ديسمبر، 2024 12:35 م

صدقت ولَم تخطئ يا سليم

صدقت ولَم تخطئ يا سليم

كتب (سليم الحسني) مقالاً عنوانه (أفكار إسرائيلية على أبواب النجف) نعم انه صادق، عندما تم استخدامه كدعاية مدفوعة الثمن، في كتابته سلسلة مقالات روج من خلالها لكتاب (الإسلام الديمقراطي المدني) للكاتبة اليهودية (شيريل بينارد) زوجة (زلماي خليل زاده) السفير الأمريكي السابق في العراق.

نعم قد يتبنى الكاتب رؤية سياسية او حزبية اقتنع فيها وآمن بها، تنسجم انسجاماً كبيراً وليس كلياً مع ما يُؤْمِن به في ذاته، وهذا رأيه، لكن يتأثر تأثيراً بالغاً في أفكار عدوه وعدو بلده ودينه ومعتقده؛ هذا شيء يجب الوقوف عنده والتنبه إليه.

استخدم الحسني اُسلوباً بغيضاً في الترويج لمحتوى الكتاب، متخذاً طريقة الاستغراب عند التحدث عن فحواه، وتأكيد صحتها عند التعبير، كي يؤثر في المتلقي بسهولة، طبعاً الطريقة فنية وتأثيرها كبير، لكن كم يدوم هذا التأثير؟ وكم سيبقى عالقاً في الأذهان؟.

نعم لا يدوم طويلاً، لأن الجميع يدرك جيداً البغض والكراهية الذي يضمره اليهود بالخصوص والإسرائيليين والأمريكيين بالعموم اتجاه الشيعة، ومحاولاتهم المتكررة في صناعة مرجعيات شيعية من اجل حرفهم عن المسار الصحيح.

اليهود يدركون جيداً مدى خطورة الشيعة وصعوبة السيطرة عليهم، وهذا ما عبرت عنه (غيرتود بيل) وهي جاسوسة بريطانية، دخلت العراق بصفة عالمة آثار، عملت مستشارة المندوب السامي البريطاني للعراق قبل خمسة وتسعين سنة، حيث قالت بانفعال شديد “اما انا شخصياً فابتهج وافرح ان ارى الشيعة الاغراب يقعون في مأزق حرج فإنهم من اصعب الناس مراساً وعناداً في البلاد” بعد اعتراضها على استيزار الشيعة في الحكومة الملكية.

اليهود يجيدون فن التأثير على العقل البشري، ولديهم إمكانية في صناعة العقل الجمعي، اتجاه القضايا التي يرومون الوصول اليها.

اما اليوم فالوسائل المؤثرة متعددة ومتاحة لأغلب الناس، ولديهم التواصل الاجتماعي اكبر وسيلة مجانية لإشاعة اَي فكرة خلال فترة وجيزة جداً، لكن مع المرجعية يواجهون صعوبة كبيرة في الاختراق.

بكل تأكيد تولدت لديهم الفكرة والكيفية التي من خلالها ضرب المرجعية الدينية في النجف الاشرف، وعزلها عزلاً تاماً عن عامة الناس.

لكن قوة المرجعية وصعوبة اختراقها، او إقناعها بآرائهم وافكارهم التي تمكنهم من السيطرة على الشيعة، دفعهم الى بث الدعايات والأكاذيب والافتراءات بين العامة باتجاه الحوزة الدينية بالعموم والمرجعية العليا بالخصوص، والتشكيك بها, وضرب الشعائر الدينية, محاولة لتصغير شأنها وتقليل اهميتها داخل المجتمع، واقناع الناس بأنها اخطأت في قراراتها اتجاه القضايا السياسية والمصيرية التي تعنى بمصلحة البلد، كما اخطأت في دعم القوائم الشيعية الحاكمة، والكل يعلم لولا المرجعية وحثها المستمر على المشاركة في الانتخابات لكانت الانتخابات اليوم في خبر كان.

هناك من اقتنع ان خياراته كانت خاطئة، في انتخاب القوائم الشيعية في المرحلة السابقة، وهذا ما شهدناه في الانتخابات الأخيرة وضعف المشاركة لأنها لم تتدخل بصورة مباشرة في حث الناس.

بعد تلك التجربة عملوا على ايجاد فجوة بين الشارع والمرجعية، ليقضوا على تأثيرها الداخلي، فتارة تجدهم يكتبون بحوث سياسية ومجتمعية, كتب تخصصية, مقالات صحفية، نشرات إخبارية, منشورات إليكترونية، وأخرى يشترون قلم (سليم الحسني) وأمثاله، من اللاهثين خلف بريق القطع النقدية, وقرقعة الأوراق المالية، وبعض العمائم المزيفة مجهولة التاريخ والأصول والمعرفة، وغيرها الكثير من الأساليب الحديثة المؤثرة في تفكير الناس.

نعم يا حسني نجحت أمريكا وإسرائيل في نشر أفكارها ومتبنياتها وخططها على أبواب النجف الاشرف، لقد صدقت في هذا الأمر ولَم تخطئ، فبكل تأكيد أنهم سينجحون عندما تؤثر عليك أحقادك وضغائنك وتجعل من المرجعية عدواً لك، كي يستأجروك بثمن بخس، لتصبح احدى أدواتهم، لنشر فكرهم ومتبنياتهم على أبواب النجف، وكأنك طبقت المثل القائل “عدو عدوي صديقي، وصديق عدوي عدوي”، لكنك حتماً ستفشل كما فشلت في المرات السابقة.