لن اذهب بعيدا ً ولن اتحرك سريعا ً فالمخاطر كثيرة سأمضي ونمضي حذرين بطيئين الكوارث جمة وليس هناك من يساعدنا
كان المحل مُضاءا ً وهناك سجل مفتوح على مصطبة في الوسط هي عبارة عن الة نجارة .
وبعد ان انتظرته طويلا ً اتصلت به , رد علي ّ بن اخيه
هذا مو صوت حيدر
ايه انا بن اخوه
حيدر وين ؟
سوا حادث
حادثيش !!.. بالمحل
لا .. انت ما تدري بالحادث
يا حادث ما ادري
حادث سيارة على خط البصرة انت هسة وين
انا بالمحل وما ﻠﮔيتة المحل مفتوح
زين تعال النا بيتنا قريب ……………..
بعد ابداء تردد بعدم معرفة العنوان
انا جايك انتظر .
دخلت المنزل ورأيته ممدا ً وهناك جرح عميق ببطنه. قال انه كان في طريق عودته من البصرة للناصرية عندما انقلبت به السيارة وهو بصحبة زوجته وولداه ويضيف ان الجميع يستغرب عندما اقول لهم ان الحادث جاء نتيجة انفجار اطار السيارة الخلفي وهي تسير بسرعة لا تتجاوز 100 كم فقط. فقد َ السائق السيطرة على السيارة فانقلبت ثلاث مرات واستقرت وهي بالاتجاه المعاكس من الطريق السريع ولا حاجة للتنويه بأنهم كانوا محظوظين حيث لم تكمل المهمة سيارة قادمة من ذلك الاتجاه.
يقول احتضنت ولدي الجالس في حضني لكن يداي فقدت السيطرة وافلتتاه عندما انقلبنا للمرة الثالثة فانقذف من النافذة وكذلك انا.نتيجة الحادث اصيب بكسور بالإضافة الى جرحه المذكور وزوجته وابنها الجالس بجنبها كسور ايضا ً اما الطفل في المقعد الامامي بجانب ابيه ذو الخمس سنوات فكانت حالته هي الاخطر فقد اصيب برضوض في الرقبة والعمود الفقري وقد استقرت حالته بعد عملية جراحية لسحب ساقه اليمنى بعد كسور مضاعفة في الفخذ وبعد تحذيرات مقلقة من طبيب التخدير ان تخديره قد يعرضه للشلل بل حتى عطاسه خلال التخدير قد يؤدي لذلك لكن الحمد لله قد نجحت العملية وتجاوز مرحلة الخطر.
اما سائق السيارة اﻠ BYD فقد توفى على فوره ,ويقول حيدر انه بعد الحادث كان يشاهد السيارات تمر بهم دون ان يبادر اي من سائقيها للنزول والمساعدة ليس لعدم وجود شهامة لدى العراقي بل لتخوفهم من استجواب الشرطة لهم وزج من يهب للمساعدة بالسجن بدعوى انه هو من تسبب بمقتلهم وبقوا هكذا حتى توقف عندهم سائق سيارة يوﮔﻮن على الخط الدولي وقال لحيدر انه سيرجع لهم بعد ان يوصل المسافرين في سيارته. وفعلا ً عاد وقال له امر جيد انك لا زلت حي حتى تخبر الشرطة بما جرى ” وما يبلوني ” . اما الفكرة التي سيطرت على رأسه وهو يتشقلب مع ولده في الهواء : متى ستنفتح الوسادة الهوائية … ستنفتح بأي لحظة ” لكنها لم تفعل .
نعيش بأرض الخراب ونحن نأمل ان الصدفة ستبعدنا عن دخول مركز شرطة او مستشفى او ان الدخول لهما صدفتان لا نرجوهما حتى لا نتلمس بأيدينا لا انسانية النسيان بنظامنا ذلك النسيان الذي لا يقل وحشية ولا عقابا ً للشعب عن وحشية أي نظام ديكتاتوري فهو نسيان حد التسبب بالاعتداء والأذى بأقصى درجاته وبأسوأ حالاته.
مَن ذلك الموجود البشري وأي حلقة في النظام تسمح باستيراد سيارات ذات مناشيء رديئة مستهترا ً ومسترخصا ً ارواح الناس. انها لا شك جريمة وأنهم لا شك مجرمون من ادخلوا هذه السيارات ابتداء ً من مديرهم العام وكيلهم نزولا ً عند من علم وتواطىء او علم ولم يعارض.
وإذا كانت الداخلية ونتيجة لقانون عثماني ربما او لشك سلطوي ورثته من حقبة الانقلابات مفاده ان المواطن موضع شك وعليكم به اينما ثقفتموه وبأي حالة شهامة كان. حسن ٌ لكم ان لكم قوانينكم لكن تصبح مشكلتكم حينها وليست مشكلة الناس ان تنقذوا المصابين في حوادث السيارات لذا واجبكم الوصول اليهم ونقلهم للمستشفى بالساعة الاولى حتى وان بهليكوبتر روسية عسكرية متهالكة ومعدلة لهذا الغرض ولا نشترط ان تكون طائرة اسعاف امريكية تخصصية ﻜ ( بيل ) .
ولم يكد ينتهي انشغالي بنكبة الحادث والإهمال والمستشفيات حتى جائني اتصال يخبرني بوجوب دفع 50 الف دينار كدفعة ثانية من مبلغ 125 الف دينار كأجور تقديم خدمة حماية من قبل القانون البديل او الموازي وهو قانون العشيرة والذي هو اوضح اعتراف بخيبة الدولة وغيابها وانسحاق مؤسساتها المدنية.
فلعنا ً وخيبة ً وويلا ً وخسرانا ً بكل لغات العالم لكل دولة فاشلة ولكل القائمين عليها.