18 ديسمبر، 2024 9:13 م

صدام…عفو..فاصوليا

صدام…عفو..فاصوليا

قبل تغيير نظام (صدام حسين)،بعدة أشهر،وبينما كان الشعب العراقي يعيش حالة من القلق والترقب،وهو حائر بـ ” أكياس الطحين” التي وهبها النظام بصورة مفاجئة للشعب،ليستعد لـ “أم المعارك” ،على خلفية التصعيد بين النظام العراقي و “جورج دبليو بوش”.

كان هناك “مفوض عصامي” يدعى “أبو هبه” يعمل بالمركز القريب من الحي الصناعي الذي كنت اعمل به،ولوجود قاسم مشترك يجمعنا،وهو بغض صدام والبعث،ينتهز فرص الاستراحة للتنفيس عن ضنك الحياة والعيش،فيأتي يحتسي “الشاي” معي ثم نطلق لمواجعنا العنان.

خطط أبو هبه على تعظيم موارده،لمواجهة متطلبات البيت والأطفال،فمرتب الشرطة لا يكفي آنذاك.

سمعت أن صديقي استلم “الحانوت”،وأخذ يطبخ وجبات الطعام ليبيعها على سجناء المركز.

انقطع صديقي عن الزيارات،فلم يعد لديه وقت.

في صباح يوم هرع “الحي الصناعي” على أصوات… وناس يركضون بملابس مختلفة حتى أن بعضهم بـ “ملابسه الداخلية”.

كنا نخشى السؤال،سيما من لديه مؤشر امني،بعد فترة تبين الخبر أن صدام أعطى “عفو” عام عن السجناء (أطلاق جميع السجناء فوراً)!.

عدت لمزاولة عملي وكانت الساعة قريبه من الحادي عشر،وإذا بصديقي أبو هبه أقدم يخط بقدميه،والانكسار باد على محياه،بادرته معاتباً،أبو هبه شنو ما راضي الناس طلعوا من السجن ؟

رد علي : (لا خويه … بس هذا ابن الـ …. اطيت عفو اطيه وره الغده مو طابخ اليوم فاصوليا وين أوديها).

قبل أيام كنت أراجع احد المحامين يرافع عن قضية،لأحد أرحامنا،وهو مشمول بالعفو الذي أصدره البرلمان العراقي عام (2016) ،ورغم ذلك،فهو يقبع بالسجن منذ ما يزيد على الشهر،وقد يحاكم على القضية مرتين في حالة غريبة بحسب المحامي،رغم دفوعات المحامي التي أثبتت شمول موكله بالعفو الصادر من أعلى سلطة في دستور الدولة العراقية،وهي “السلطة التشريعية”.

اعتقد أن أشغال المحاكم العراقية،بقضايا مشمولة بقوانين العفو،ترهق القضاة وتشغل المحاكم عن قضايا ذات أهمية كبيرة،مثل محاكمة الإرهابيين،أو متابعة الأموال العراقية المهربة بالخارج …الخ من الملفات ذات الأهمية القصوى.

نحن لا نطالب بالعفو العام،ومع تحقيق العدل في ظل النظام الديمقراطي الجديد،بيد أننا نطالب بإطلاق سراح المشمولين بالعفو،وتوفير الجهد للقضايا السالفة،فضلا عن أن هناك أمهات وأطفال ينتظرون أولئك الموقوفين.