19 ديسمبر، 2024 12:09 ص

صحيفة ازفيستيا شقيقة برافدا الصغرى

صحيفة ازفيستيا شقيقة برافدا الصغرى

استلمت تعليقات كثيرة ومتنوعة جدا حول مقالتي بعنوان – ( شئ عن جريدة برافدا الروسية ) , وكان من جملة هذه التعليقات طلب ورجاء من أحد القراء بالكتابة ( وبنفس تلك الرشاقة الجميلة عن الشقيقة الصغرى لصحيفة برافدا , وهي صحيفة ازفيستيا !! / هكذا كتب لي) , وها انا ذا اكتب هذه السطور , مستخدما في العنوان تعبير (الشقيقة الصغرى) , الذي أعجبني فعلا …
لازالت هذه الجريدة تصدر وبنفس صيغة و طريقة كتابة التسمية كما كانت سابقا, مع الاشارة الى تاريخ صدورها اول مرة ولكن بحذف صور الاوسمة والمداليات السوفيتية التي حازت عليها في العهد السوفيتي ( وكلها تحمل صور لينين طبعا ) , بينما تحتفظ شقيقتها الكبرى برافدا بتلك الاوسمة باعتبارها لسان حال الحزب الشيوعي في روسيا الاتحادية , اما ازفيستيا فانها تكتب فقط جملة – جريدة يومية اجتماعية – سياسية , وفي يدي الان عددها المرقم 30410 الصادر بتاريخ 24 ايلول / سبتمبر العام 2019 , وتوجد في نهاية الصفحة الثامنة منه عدة ملاحظات , اقدّم للقراء بعضها – سعر الجريدة حر / كل حقوق النشر محفوظة / عند اعادة نشر المواد يجب الاشارة الى الجريدة / آراء الكتّاب في عمود ( آراء ) يمكن الا تتطابق مع موقف هيئة التحرير / عدد النسخ المطبوعة من هذا العدد هو 83890 / .
صدرت صحيفة ازفيستيا في بداية عام 1917 ( شباط – مارت ) , واصبحت بعد انتصار ثورة اكتوبر 1917 لسان حال مجالس نواب العمال والجنود والفلاحين , وكلمة مجلس بالروسية – ( سوفيت ) , ومن هذه الكلمة تبلور اسم الدولة الجديدة – اتحاد المجالس , اي اتحاد السوفيتات , وهكذا اصبح اسم الدولة – الاتحاد السوفيتي . يشير رئيس تحرير صحيفة ازفيستيا في العشرينات , ان لينين كان يعتبر هذه الصحيفة أعلى من برافدا , وذلك لان هذه الصحيفة ملزمة ان تنشر كل قرارات وتعليمات ال ( سوفيتات ) باعتبارها لسان حال تلك المجالس , اي لسان حال حكومة الدولة الجديدة , اما صحيفة برافدا فانها كانت لسان حال الحزب الشيوعي , ولهذا , كانت ازفيستيا تطبع 400 الف نسخة آنذاك , اما برافدا فتطبع 150 الف نسخة فقط . وهكذا استمرت الامور , وهكذا اصبحت برافدا لسان حال الحزب وازفيستيا لسان حال الحكومة , وعندما كنّا في الستينات طلبة في موسكو كان الامر مستقرا بهذه الصورة الواضحة جدا امامنا , نحن الاجانب , وكان رئيس تحرير ازفستيا عندها الصحافي أدجوبيي , وهو زوج ابنة خروشوف , وكلاهما ( الزوج والزوجة ) من خريجي كلية الصحافة في جامعة موسكو . توجد قائمة طويلة من اسماء رؤوساء تحرير هذه الصحيفة عبر تاريخها منذ تأ سيسها ولحد الان , ولكن هناك اسمان يتميّزان بينهما فقط هما – بوخارين و أدجوبيي . ربما يعرف بعض القراء العرب ( الذين يتابعون تفاصيل تاريخ الحركة الشيوعية في الاتحاد السوفيتي ) اسم بوخارين ومكانته البارزة في مسيرة الحزب الشيوعي الروسي و الدولة السوفيتية عموما . لقد شغل بوخارين مناصب قيادية كبيرة في الاتحاد السوفيتي , وآخر تلك المواقع هو رئيس تحرير صحيفة ازفستيا ( 1934 – 1937 ) , ثم جرت محاكمته السريعة واعدامه زمن ستالين في تلك الحملة الستالينية الرهيبة التي ترتبط بعام 1937 الشهيرة . أمّا أدجوبيي , فقد كان رئيس تحرير هذه الصحيفة منذ عام 1959 والى عام 1964, عندما تم عزل خروشوف من مناصبه كافة , وهكذا تم طبعا نقله من صحيفة ازفستيا – لسان حال الدولة السوفيتية . كانت صحيفة ازفيستيا برئاسة زوج ابنة خروشوف منبرا لافكاره وطروحاته السياسية والاجتماعية , تلك الافكار التي كانوا يسمونها آنذاك ( ذوبان الجليد ) , وكان القراء يتابعون ما تنشره بحذافيره وكل تفاصيليه , ونتيجة لذلك فقد تضاعف عدد النسخ التي كانت تطبعها الى اربع مرات , ووصل الى اكثر من 6 مليون نسخة ( كما تشير المصادر الروسية ) , وأخذت تصدر ملاحق خاصة اسبوعية , وتحولت تلك الملاحق الى مجلات اسبوعية واسعة الانتشار , مثل مجلة ( زا روبيجوم ) ( وراء الحدود ) , وهي مجلة تتابع ما تنشر الصحف والمجلات الاجنبية وتقوم بترجمتها الى الروسية , وكانت هذه المجلة الاسبوعية مطلوبة جدا من القراء السوفيت , وهي مجلة سياسية واجتماعية وادبية متنوعة , وكنّا نضطر ( في جامعة موسكو ) الى الوقوف في الطوابير للحصول عليها في يوم اصدارها . وأصدرت صحيفة ازفيستيا ايضا مجلة اسبوعية اخرى هي ( نيديليا ) ( الاسبوع ) , وقد حازت تلك المجلة ايضا على مكانة متميّزة عند القراء السوفيت , وعلى نجاحات و شهرة كبيرة . ان هذا التألق لصحيفة ازفستيا يرتبط باسم أدجوبيي , القريب جدا من مركز القرار السياسي طبعا , بل انه اصبح حتى عضوا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي في المؤتمر الثاني والعشرين للحزب . واختتم هذه الملاحظات عن أدجوبيي بما كنّا نسمع – نحن طلبة جامعة موسكو آنذاك – من نكات واشاعات وتعليقات حوله , ومنها مثلا , يوجد مثل روسي شائع يقول – مئة روبل لا تمتلك, بل مئة صديق امتلك , وقد تم تحوير هذا المثل كالآتي – مئة روبل لا تمتلك , بل تزوج مثل أدجوبيي …
صحيفة ازفيستيا لازالت مزدهرة بين الصحف الروسية المعاصرة , ولازالت تعدّ واحدة من الصحف المركزية في روسيا الاتحادية , وليس مثل شقيقتها الكبرى برافدا , التي تراجع دورها , واصبحت تصدر ثلاث مرات في الاسبوع , ويتداولها انصار حزبها فقط …