مجلة (الجسرة الثقافية) فصلية مُحكمة تصدر في قطر ، وقريبا يصدر عدد مكرس عن العراق ، يتضمن عدة جوانب ثقافية واعلامية ، كَتَبَتها قامات عراقية معروفة في شتى المجالات المعرفية ، وأنجزتُ لهم، بحثاً عن الصحافة العراقية بناءً على دعوة كريمة منهم .. إلى الآن ، الخبر عادي ، ولا معلومة جديدة فيه ، لكن الذي فاجأني ، وانا أفرش ، لأيام واسابيع صحف ومجلات عراقية قديمة تَعودُ لعقود ماضية في دار الكتب والوثائق ، وبعض المكتبات الخاصة لزملاء اثق بأرشيفهم ، وجود ظاهرة صحفية ، لم يلتفت إليها أي من الباحثين ، وهي تغيير رؤساء التحرير في الصحيفة الواحدة ، فما أن يُكمل “فلان” بضعة اشهر او سنوات قليلة ، إلا ويُستبدل برئيس تحرير جديد ، وبهذا التغيير ، فقدنا الاستقرار المهني المطلوب ، والأمر ذاته لمسته في موضوعة ، الاعمدة الصحفية ، فلم أجد استمرارية لعمود ، يومي او اسبوعي ، سوى ما ندر .. واعني بهذه الندرة ، أن العمود الفلاني استمر لسنتين او أكثر ، ثم يتلاشى ، واكيد ان وراء ذلك اسباب عدة ، منها تغيير الأنظمة السياسية ، أو سوء تطبيق قانون المطبوعات الذي كان سائدا في سابق الزمان ، الى جانب سبب آخر، ذكره لي استاذنا سجاد الغازي ، وهو عدم وجود عمل مؤسساتي للصحف والمجلات… الخ . غير اني لاحظتُ ، استثناءً ، في فضاء تلك الظاهرة التي اشرتُ إليها ، هو وجود زميل لنا ، ما زال يشغلُ موقع رئاسة تحرير صحيفة يومية ، منذ ستة عشر عاماً كاملة .. وبذلك يكون الزميل د. أحمد عبد المجيد ، رئيس تحرير صحيفة (الزمان) (طبعة العراق) ، هو اول رئيس تحرير في تاريخ الصحافة العراقية ، يستمر في رئاسة التحرير لعقد وست سنين من الزمن .. كما لاحظتُ ، و يا لها من مصادفة ، ان د. احمد عبد المجيد ايضاً ، هو صاحب ، العمود الصحفي اليومي الاطول عمرا في تاريخ الصحافة العراقية ، حيث استمر عموده ( صباح الخير) في صحيفة القادسية اكثر من عشرة اعوام ( 1981 لغاية 1993) .. والى جانب ذلك ، اكتشفتُ ، وانا أسبرُ غور الصحف والمجلات ، جديدها و قديمها ان عمودا اسبوعيا ، يكتبه ، الفقير لله ، كاتب هذه السطور تحت عنوان ( فم مفتوح … فم مغلق) تجاوز عمره حوالي ربع قرن ، وهذا يؤكد أنه العمود الاسبوعي الاطول عمرا في الصحافة العراقية ، حيث بدأتُ كتابته اول الامر في صحيفة (الاتحاد) البغدادية ، وانتقل معي الى صحيفة (الافق) وصحيفة (بغداد) وصحيفة (الحرية) بدمشق حتى حط به الرحال حاليا في صحيفة (الزمان) ويظهر كل يوم أحد .. شكراً ، لمجلة (الجسرة ) في قطر ، التي ارغمتني ، عن طيب خاطر ، في البحث المستمر عن محطات في الصحافة ، لكي اكتشف ، حقائق، مسكوت عنها ، ولم يشر إليها اي من الباحثين، عن عمودين صحفيين هما الاكثر عمرا في الصحافة العراقية منذ صدور صحيفة ” الزوراء” في العام 1869حتى اللحظة ، إذ استمرا دون تغيير في اسميهما .. وايضا عرفنا اسم رئيس التحرير، الاكثر استمرارية في المسؤولية ، وما زال..