هنا في مدينتي، مدينة الموصل، تستيقظ الناس مع أول خيوط الفجر وتبدأ الحياة في المدينة تنبض بهدوء في أزقتها الجميلة وأحيائها العريقة المتجذرة بأسمائها الجميلة. منذ ساعات الفجر الأولى يعلو صوت الأذان من مآذن الجوامع المنتشرة في كل المحلات السكنية، وهناك نهر دجلة يمر من وسط المدينة ليقول للناس صباح الخير أيها الموصليون، فتسمع معه زقزقة العصافير ورائحة أفران الخبز ومحلات بيع القيمر مع الكاهي التي تنتشر في أسواق المدينة.
بعد ساعة من الآن، سوف تستعيد الأسواق بأكملها حركتها الاعتيادية لتسمع أصوات الباعة وهي تمتزج مع رائحة البهارات والقهوة العربية في منطقة باب السراي، بينما تجد طلاب المدارس يذهبون لتأدية امتحانات نهاية السنة، تجد الشوارع بأكملها قد أفاقت من سباتها.
نعم، إنه الصباح في مدينة الموصل، إنه ليس مجرد وقت من النهار بل هو لحظة ولادة جديدة للمدينة الجميلة التي تجاوزت كل المحن وما زالت متمسكة بجمالها وتاريخها وحياة أهلها الطيبين. وما زالت الأقلام تكتب عنها وما زالت النوارس تغني فوق الجسر العتيق. صباح الخير من أم الربيعين،
صباح الخير من الموصل الجديدة وشارع بغداد ومجسر اليرموك. صباح الخير وأنا أعبر الجسر الثالث ونسمات دجلة التي تشفي العليل تأتيني من كل حدب وصوب.
ما أجملك أيها المدينة العريقة، نهارك جميل كجمال غاباتك وأشجارها الكثيفة. نهارك جميل لأنه يوم جديد يأتي من مدينة عتيقة بتراثها وتاريخها، يوم جديد بشعرائها ومثقفيها بجامعاتها والأكاديميين فيها، من أيدي الفلاحين الذين ينتجون ويأكلون ما يحصدون.