قاسم ابو عامر، اسم لايعود لشخصية تاريخية، بل هو لفنان شعبي تحاول الأيام ان تطوي ذكراه ولكن يأبى مُحبيه ومن عاصروه ذلك.
لطالما افرح الناس في المناطق الشعبية في بغداد والمحافظات العراقية, وعلى الرغم من ابتعاده عن التلفزيون، كانت شهرته لافته!.
بتقديري، لو أراد ابو عامر الظهور تلفزيونياً، لنجح في ذلك الى حدٍ بعيد، بما يملكه من حضور في الأداء, ووسامة, وصوت شَجي محبب الى قلوب العراقيين؛ بإجراء تعديل طفيف على الحفلات التي كان يُحّيها، ولكن شخصيتهُ كانت عاشقة للتواصل الحسي مع الناس، خصوصا ان هناك الكثير من الأصوات الهابِطة تزعق اليوم في الإذاعة والتلفزيون.
كان ابو عامر في شعبيته، كَكاظِم الساهِر في عالميته وتفرُّد شخصيته, حيث تميز ابو عامر بانه ملحن وموسيقار لأغانية وكاتب لبعض كلماتها ايضا. وحسب المعلومات القليلة المتوفرة، انه خريج معهد الفنون الموسيقية.
في التسعينيات كانت الحفلات تقام عادتاً في الشوارع، وكان يتجمع الشباب في كل خميس لِيَتسمعو من اين يأتي صوت الموسيقى ليطاردوها من منطقة الى اخرى، وكان صوت اغانيه يُمّييز عن سواها من بعيد. في ذلك الوقت كانت حفلات الأعراس تتم بأقل ادوات موسيقية لسهولة النقل، وتقليل الكُلفة بسبب ماكانت تعانيه الناس من شِحةٍ في الإمكانيات المادية, بينما كان يُلاحظ في حفلات ابو عامر الة العود والة الكمان والتي كانت تُرى في التلفزيون فقط.
قَدم ابو عامر للناس مايُحبونه، لذلك احتل في قلوبهم مكانة لافِتة لاتكون لمطرب شعبي في العادة، اغانيه لامست آلامهم، تُحّزِنهم، تُفرحهم، ثم تجعلهم يرقصون جذلاً، كل ذلك في اغنية واحدة.
تَغنّى ابو عامر في حفلاته بالوطن، الحب، بأصله الجنوبي، وصاح باحد مواويله عالياً ( انه شروكي)، وعبارة كهذه كانت كفيلة لتُثير حفيظة السلطات، في حينها، لم يكن من مصلحته ذلك !. غنى ابو عامر بعد سقوط بغداد ( مع الأسف شعب الملاحم بالسره ايدور علف) !.
من اغانياته, (لويه يل خدك ورد، و يحّليوه منين اجيتي ووين تردين، و لاتهيج جرح بيه وقصتي تشيب طفل، و احبك من جنت تزحف عله الكاع، و سلام الحب)، وعشرات الأغاني الأخرى، وتمت سرقة الكثير من اغانيه, لتغنى في المرئي والمسموع دون ذكر اسمه!.
كان من الغريب ان يتطرق ابو عامر في اغانيه للتاريخ الأسلامي، فغنى من طور الأبوذية:
يعيب الصاحِب الينكر صحابة
ولا الهم يحن كلبة صحابة
إذا بوكت النبي خانت صحابة
طبيعي بهل وكت غدر الخوية
على إثرها تم حبسهُ لمدة سنتين، وقيل ثلاث سنوات من قبل النظام!.
بعد 2003 استمر ابو عامر متألقاً، ولكن بإنتشار الجماعات التكفيرية، قَلّتْ إقامة الحفلات في شوارع المناطق الشعبية الى ان اختفت تدريجيا، لتحل محلها ظاهرة اقامة الحفلات في سطوح المنازل، تجنبا للأعمال الارهابية.
اضطر ابو عامر لإعتزال الغناء إبان 2006-2007 بسبب تهديدات تعرض لها من جماعات مُتنفذة, واختفت الأعراس في تلك الفترة من شوارع بغداد, في عزوف شبه تام عن الزواج، بسبب عمليات الأستهداف الطائفي, وتدهورت ظروفه الماديه, مِمّا اضطرهُ الى ان يعمل لحساب البلدية كعامل تنظيف. وضع كهذا لايتحمله فنان, إعتاد على مُعانقة المايكرفون, فقرر العودة لوظيفة اسعاد الناس التي يُجيدها، وكسر الحظر المفروض من اصحاب القداسة.
وفي يوم الخميس المصادف 16 نيسان 2010، وفيما كان عائدا من احدى حفلاته، أُغتيلَ ابو عامر امام باب منزله.
لتنتهي حياة صانع الفرح، على يد مُدّعي فضيلة!.