19 ديسمبر، 2024 3:09 ص

صانع الازمة والمأزوم في ميزان الضحك على الذقون وتوجيه الميول الانتخابية

صانع الازمة والمأزوم في ميزان الضحك على الذقون وتوجيه الميول الانتخابية

تصف النظم الانتخابية في العالم المتطور الحراك الشعبي الموجه والقضايا التي تماثل الأزمة الحالية التي يمر بها البلد من تظاهرات واعتصامات وعلى كل الأصعدة بـ( الأزمات المفتعلة) ، وهذه الأزمات يتم الترتيب لها ودراستها بشكل جيد وتحريكها قبيل أي عملية انتخابية او استفتاء او اتخاذ قرار مصيري في أي بلد والغاية من خلفها تكون بتحريك الجماهير وتوجيهها صوب زوايا معينة وإقناعهم بالتحرك يما يخدم الهدف الذي أعدت له مثل تلك الأزمات.
واليوم نرى الناخب العراقي قد وصل إلى مرحلة من الضجر والحنق على واقعه والندم لأنه أعطى صوته لجهات لم تحقق له مصالحه ولم تقدم له ابسط الخدمات، وهي مسألة شخصتها الأحزاب الحاكمة والمتشاركة في الكابينة البرلمانية والحكومية في البلد ولا يمكن لقائل الادعاء بأن المالكي وحده يتحمل الذنب بل الكل شركاء باستثناء من هم خارج الحكومة من الأحزاب التي خسرت الانتخابات الماضية. لذا فإن المخططين وراسمي السياسات يلجئون إلى افتعال بعض الأزمات التي تنسي الناخب العراقي همومه وتضعه أمام تحد عشائري تارة وديني تارة أخرى او قومي، ومع وجود الأرضية الملائمة لنمو مثل هذه الأزمات حيث تنسجم مع مبنى الشخصية العربية والعراقية التي تنام وتصحو وفي ضميرها نصرة الأخ ظالما او مظلوما والنعرة لذوي القربى والتقوقع الطائفي المقيت، فإن البيئة مناسبة جدا لمحو الذاكرة الشعبية السيئة عن الحكام الحاليين من خلال تأجيج تلك المبتنيات.وبكل تأكيد فان الأمية وضعف مستويات التعليم والتربية ونقص الثقافة لدى العامة تسهل اختراق تلك الجماهير وتحريكها بسهولة مع وجود قاعدة عشائرية عريضة تتلاقى معها قاعدة دينية عريضة ايضا فتوظف كل من هذه القواعد وتدفع باتجاه صناعة الميول الانتخابية وإعادة تفعيلها من جديد وهي حيل تنطلي في كل مرة وقبيل كل عملية انتخابية على الناخب العراقي، وأفضل الدراسات تقول بان ميول الناخب العراق لن تتغير قبل 10 سنوات أخرى وستبقى الوجوه والمسميات الحالية مستمرة حتى بروز أجيال انتخابية جديدة وهذا الأمر بحاجة الى 10-15 سنة أخرى. ومن خلال هذه الأزمات المفتعلة تتحقق جملة منافع للكيانات الانتخابية الأكبر، من بينها قياس حجم قواعدها الانتخابية وصناعة وترسيخ الانطباعات الخاصة والعامة لدى تلك القواعد التي ستدفعها نحو منح أصواتها إلى المكون التي تظاهرت او ناصرته مؤخرا فضلا عن تحييد مناصري الكيانات الأخرى التي كانت على الطرف الآخر من الأزمة أو التي لم تشترك مع المكون الواحد وتصفية الخصوم، كما هو الحال مع كتلة الأحرار التي تراها القواعد الشعبية الشيعية حاليا على ضفة النهر الأخرى حيث يقف خصوم المذهب او العشيرة، والحال ذاته مع المكونات السنية التي وقفت إلى جانب المالكي وكما حصل مع صالح المطلك الذي احترقت أوراقه انتخابيا ومن العبث المجازفة والدخول في قائمة المطلك وان أعاد صياغة خطابه السياسي مرة أخرى إلا أن ما أصابه في التظاهرات احرقه تماما وتنظر له القاعدة السنية الانتخابية بأنه خائن لقومه ومذهبه وعلى الجانب الآخر فان القواعد السنية لن تنتخب اي عنصر او مرشح من كتلة الأحرار وهو أمر مفروغ منه بينما ستخسر كتلة الأحرار الصوت الشيعي المحايد او المتردد فضلا عن جزء كبير من قواعدها الشعبية.ويمكن المقارنة بين ما تعرض له الهاشمي وهو رمز سني له ثقل سياسي وشعبي لدى المكون السني أضعاف ثقل العيساوي وهذا ما تثبته الأصوات الانتخابية التي جناها في الانتخابات الأخيرة والتي تفوق أصوات العيساوي بنسبة 80%، مع ذلك فان الشارع السني لم يتظاهر لنصرته وقد تعرض إلى موقف أقسى مما تعرض له العيساوي، لكن الفارق بين القضيتين هو أن أزمة الهاشمي لم تكن معدة لغايات انتخابية ذات وجهين الاول لخدمة مفتعل الازمة والثاني لخدمة المأزوم فيها، بينما أعدت أزمة العيساوي لتكون أزمة سياسية ذات وجهين الاول لخدمة مفتعلها والثاني لخدمة والواقع فيها، وبالتالي تحرك الشارعين السني والشيعي وبتوقيت مناسب قبيل الانتخابات مع احتفاظ العيساوي بامتيازاته وعدم المساس به كما تضمنته الاتفاقية المبرمة لصناعة هذه الأزمة.
أما الكيانات الانتخابية الأخرى التي تمثل الأغلبية وهي بمجملها جديدة ومغمورة أو لم تكن طرفا في الأزمة الحالية فإنها لن تحصل على نتائج جيدة في الانتخابات عدا محافظة كركوك التي ترى أن الأزمة الحالية ضد المالكي من قبل المكون السني صبت بصالح الكرد وعليه فان المالكي إن رشح ممثلين عنه في كركوك لشغل مقاعد مجلس المحافظة فانه سيكسب وينافس السنة الأغلبية في هذه المحافظة، وعلى الجانب المقابل فان المجلس الأعلى وبدر قد يحصدان أصواتا كثيرة من أصوات التيار الصدري في الانتخابات المحلية المقبلة بسبب موقف الأخير من التحالف الشيعي والتغريد خارج السرب الشيعي.

أحدث المقالات

أحدث المقالات